قراءة في كتاب ملك وشعب

mainThumb

13-10-2025 09:20 AM

بناء قدراتنا البشرية وتطوير العملية التعليمية جوهر نهضة الأمة

يعد كتاب "ملك وشعب" الذي أصدره الديوان الملكي الهاشمي العامر منجزا وطنيا هامّا يوثّق المبادرات الملكية السامية الزاخرة بالخير والعطاء والإنسانية ضمن رحلة خيّرة لا ينضب عطاؤها بين ملك إنسان وأبناء شعبه. إن هذا الملف الإنساني والتنمّوي الذي يوليه جلالة سيدنا كل إهتمام حيث أسند أمر متابعته وتنفيذه إلى لجنة برئاسة معالي الأستاذ يوسف حسن العيسوي رئيس الديوان الملكي الهاشمي ضمن فريق عمل مخلص وجاد ليعكس صورة إرتباط ملك رحيم تجلّت صفات الإنسانية بأجل صورها مع أبناء شعبه الأردني بروح تنم عن إنتماء ومحبة قائد لوطنه ولشعبه، وولاء ومبايعة شعب لقائده بصدق وإخلاص.


لقد تضمّن كتاب ملك وشعب "الأوراق النقاشّية لجلالة الملك" التي أطلقها جلالة سيدنا في 29/12/2012 التي جاءت لتكون محفّزا للحوار الوطني حول القضايا الكبرى التي تهم المجتمع الأردني مبينّا أن إرساء رؤية واضحة للإصلاح الشامل ومستقبل الديمقراطية في الأردن هو من الأولويات التي نحرص على تنفيذها بهدف بناء التوافق وتعزيز مشاركة الشعب في صنع القرار، وكذلك تحفيز حوار وطني حول مسيرة الإصلاح وعملية التحّول الديمقراطي التي يمر بها الأردن، بهدف بناء التوافق وتعزيز المشاركة الشعبية في صنع القرار، وإدامة الزخم البنّاء حول عملية الإصلاح. هذه الأوراق التي تضمّنت رؤية جلالة سيدنا لمسيرة الإصلاح الشامل في الأردن في مختلف المجالات.

وسأتناول في المقال الثالث والعشرين (23) ضمن سلسلة مقالات "قراءة في كتاب ملك وشعب" الورقة النقاشية السابعة لجلالة الملك بعنوان "بناء قدراتنا البشرية وتطوير العملية التعليمية جوهر نهضة الأمة " التي أعلنها جلالة سيدنا بتاريخ 15/4/2017.

لقد ركّزت الورقة النقاشيّة السابعة على أهمية التعليم ودوره في إعداد الموارد البشرية على مستوى المدرسة، والجامعة ومراكز التدريب والبحث والتطوير والإبتكار، بما يتناسب ومتطلبات سوق العمل وتطوير الإدارات الحكومية، ومواكبة التطورات التكنولوجية، ممّا يعطي المواطن مزيداً من الفرص للمشاركة الفاعلة في إبتكار حلول لمشكلات المجتمع، وخاصة تبسيط إجراءات الإدارات الحكومية وزيادة كفاءتها، وتوجيه الشباب نحو التعليم التقني والمهني، والإبتكار، بما يتناسب ومتطلبات سوق العمل وتطوير الإدارات، وزيادة الإنتاجية.

وهنا أشير إلى أن معهد الإدارة العامة وإستنادا إلى مضامين الورقة النقاشية السابعة قد أطلق مبادرة « الربط بين متطلبات سوق العمل ومخرجات النظام التعليمي» من خلال آليات محددّة، أهمها تفعيل الشراكة مع الجامعات بما يُسهم في تطوير الإدارة الحكومية، وإثراء البرامج والمساقات الأكاديمية بقضايا تطبيقية تتعلّق بالجهاز الإداري الحكومي، والتعاون مع الجامعات لطرح برامج ماجستير ودبلوم ذات طابع تطبيقي لتدريب الموظفين في القطاع العام، وإتاحة فرص التدريب لطلبة الجامعات كلٌ في مجال اختصاصه في الدوائر والوزارات الحكومية، والإستفادة من التجارب العالمية في مجالات عمل وتطوير القطاع الحكومي. وفي مجال وضع حلول لمواجهة الفقر والبطالة والتحديّات الإقتصادية فإن برامج الدولة التوظيفية، لاسيّما برنامج «التشغيل بدل التوظيف»، وبرنامج « خدمة وطن» يستدعيان مراجعات مهمّة للمناهج المدرسية، ولمواد متطلبات الجامعة الإجبارية لتزويد الطلبة بمهارات ومعلومات وتعزيّز مفهوم وقيم الريادة لديهم، وإنشاء المشاريع المنتجة، للتقليل من البطالة والفقر في المجتمع.

كما ركّزت الورقة على نموذج المواطنة الفاعلة الذي يُثري الحياة السياسية والثقافية، ويدعم إهتمام المواطنين بالقضايا العامة، كما يُثري الأدبيات والمناهج التعليمية في الحياة العامة. وهنا، فإن دعم الدولة لمفاهيم المشاركة الإيجابية والمواطنة الفاعلة، وبرامج التنمية السياسية، وإعتمادها لمجالس البلديات والمحافظات، وقوانين إنتخاب متطورة يعزّز إيجاد بيئة مؤسسية نشطة للمشاركة الإجتماعية والسياسية التي تؤدي إلى تقويّة المواطنة الفاعلة وزيادة أعداد المواطنين الفاعلين المشاركين.

ويعتبر البحث عن المعلومات والإحصاءات في الشأن العام من إلتزامات المواطن حيث يتوقع من المواطن النشط الإيجابي أن يكون ملمّاً بالظروف والتطورات السياسية والإقتصادية، وتمكّنه من تقديم تحليلات واقعية تجاه القضايا والمشكلات التي تحيط في بلدنا، فالمواطن الصالح هو المواطن الفاعل، والمشارك الذي يحترم القوانين ويتقيّد بمضمونها، وينتمي لبلده، ويشارك في العمل التطوعي في منظّمات المجتمع المدني، ويتقبّل التنوّع الثقافي والديني والسكاني، والفكري.

و تناولت الورقة النقاشية السابعة دور نظم التعليم الرسمّية وغير الرسمّية في تنشئة المواطن على المواطنة الصالحة حيث حققّت نظم التعليم الرسمّية في بلدنا إنتشاراً ديمقراطياً شبه كامل بعد سن قوانين التعليم الإلزامي التي وفرّت التعليم للجميع دون إستثناء، وأن الدستور الأردني إعتبر التعليم حقاً من الحقوق الأساسية للمواطن. كما يعتبر المنهاج المدرسي أداة المدرسة في التعليم والتعلّم والتربية، وإيصال المعلومات العلمية، والمهارات إلى الطلبة، يضاف إلى ذلك نشاطات وتطبيقات عملية تُثرى المنهاج، وتحقّق تربية المواطن الصالح، وتزيد الإرتباط بين الطالب وقضايا المجتمع. كما يؤثر المنهاج المدرسي على إكتساب الطالب لقيم المواطنة الفاعلة مثل المشلركة في البيئة المدرسية والمحافظة عليها، وتطبيق التعليمات وإحترام الأنظمة والقوانين، والإفادة من توجيهات المعلمين والمعلمات الإيجابية للطلبة التي تدعم مفهوم التربية الوطنية.

وأكدّت الورقة النقاشيّة على ضرورة التحصين الفكري والثقافي للطلبة في ظل تأثر السياسات التعليمية في الأردن وعدد من البلدان العربية بتداعيات حراكات فيما يسمّى بالربيع العربي، وتزايد قوة التنظيمات الإرهابية المتطرفة، وأيديولوجيتها التكفيرية، فظهرت دعوات قويّة لإعادة النظر في المناهج المدرسية والجامعية لتحصينها ضد الفكر المتطرّف، وضمان إستدامة الهُوية الوطنية المعتدلة المتسامحة لدى الشباب الأردني والعربي.

ولتحقيق رؤية جلالة سيدنا التي طرحها في الورقة النقاشيّة السابعة، فالواجب يقضي الإشارة إلى مواطن الخلل أنىّ وجدت التي واكبت المسيرة التعليمية في بلدنا يرافق ذلك تشخيص دقيق لكل المعيقات وبؤر التراجع، مع ضرورة وضع الخطط الفاعلة والمدروسة لمعالجة ذلك ضمن برنامج زمني محدّد الذي يخدم مسيرة التحديث في المنظومة التعليمية وتوظيف إستخدام أدوات المعرفة والتقنيات الحديثة، مع مراعاة أهمية الحفاظ على الأصول التعليمية التربوية والقيمية والبناء عليها لنكون قادرين على مواكبة تحديات العصر. وهنا يبرز دور المسؤولية المشتركة من قبل المعلم والطالب والبيت والمجتمع في تسليط الأضواء على المسيرة التعليمية، كونها المحور الأساس التي تنعكس مخرجاتها على جميع القطاعات ومسارات التنميّة في بلدنا.

وكون الأردن يمتلك ثروة بشرية تضع التعليم والتعلّم على قائمة الأولويات كقطاع إستراتيجي هام، فواجب الإستثمار الحقيقي في هذه الثروة من قبل الدولة هو الذي ينهض في بلدنا لتحقيق الإنجاز النوعي تلو الإنجاز في كل المجالات، ومن حق المواطن الأردني أن يأخذ الفرصة ليكون بناء الإنسان تعليما ومعرفة وتدريبا محورا أساسيا مع ضرورة الإنفتاح على كل الثقافات دونما تردّد أو خوف، والتأثير والتأثر بها إيجابيا بما يخدم مسيرة التعليم وحاضر ومستقبل الأجيال في أردننا الغالي.

نعم، إنه الفكر الملكي الهاشمي الذي يضع إستراتيجيات ورؤية للمستقيل التي تضمنتها الأوراق النقاشية لجلالة الملك التي جاءت تحفيزا للحوار الوطني، ضمن منظومة عمل جادة تعمل بضمير مؤسسي مسؤول الذي أنجزه الديوان الملكي الهاشمي العامر بيت جلالة سيدنا وبيت الأردنيين جميعا، يرافق ذلك جهود تقوم على الإخلاص والتفاني في العمل في ظل مجتمع متكافل واحد موحّد ومتماسك يزرع بذور الخير والعطاء والإنسانية، برعاية وإهتمام جلالة سيدنا الملك الإنسان عبد الله الثاني بن الحسين أعز الله ملكه القدوة لنا جميعا في الإنجاز والعمل وللحديث بقية.



تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

لا يمكن اضافة تعليق جديد