الفصل السادس: الحقنة القاتلة

mainThumb

28-10-2025 09:35 PM

من قصص الخيال البوليسي

جريمة على شاطئ العشاق

الفصل السادس: الحقنة القاتلة

بقلم: فايل المطاعني

كان مكتب العميد حمد الشميسي يعجّ بالحركة كخلية نحل لا تهدأ. أصوات الأوراق، وضجيج الاتصالات، وتبادل النظرات المتوترة بين الضباط، كلها كانت تشير إلى أن شيئًا جللًا يُطبخ في الخفاء.

وفي تلك اللحظة، دخل المقدم سالم هلال عائدًا من إجازة قصيرة بمناسبة زواجه حديثًا، بابتسامة هادئة تخفي خلفها ملامح الإرهاق.
وقف العميد حمد عند مكتبه مرحبًا به قائلاً بنبرة ودّية:

> "أهلًا بالعريس الجديد! نورت المكتب يا سالم، لكن يبدو أن شهر العسل انتهى قبل أوانه."

ابتسم سالم وقال بنبرة خفيفة:

> "يبدو أن الجرائم في هذا البلد لا تعرف الإجازات يا سيدي العميد."

ضحك الجميع للحظة، ثم أشار العميد بيده طالبًا الجدية، قائلاً:

> "لدينا قضية من النوع الثقيل... غامضة ومثيرة للريبة. سنحتاج فيها كل العقول الهادئة، حتى عقول العرسان الجدد."

ثم اعتدل في جلسته وقال بنبرة جادة:

> "لدينا قضية من النوع الصعب... تفاصيلها شحيحة، وغموضها أكبر من المتوقع. وعندما يصل التقرير الرسمي، سنعرف على أي أرض نقف."

ثم التفت إلى النقيب منى التي كانت تجلس في مواجهته مباشرة، وقال وهو يراقبها بعين فاحصة:

> "هذا النوع من الجرائم معقد لاحتوائه على عنصر المفاجأة. توقيت القتل واختيار المكان يوحيان باحترافية عالية. أخشى أن تتحول القضية إلى رأي عام، وحينها سنكون في مواجهة ضغط لا يُحتمل من الصحافة والجمهور. أما سرعة القبض على الجاني، فهي مفتاح نجاتنا من دوامة الانتقادات."

ثم ابتسم نصف ابتسامة وأضاف ساخرًا:

> "هذا طبعًا... إن كانت هناك جريمة قتل أصلًا!"

ولم تكد الجملة تكتمل حتى طرق أحد الضباط الباب ودخل مسرعًا يحمل ظرفًا بنيًا في يده قائلاً:

> "سيدي، التقرير وصل الآن."

أخذ العميد الظرف وضحك بخفة قائلاً:

> "يبدو أن الفريق الجنائي لا يريد أن يمنحنا متعة التخمين!"

فتح الظرف وبدأ يقرأ بصوت عالٍ:

> "الضحية عبدالعزيز بن علي، توفي نتيجة جرعة قاتلة من مادة الترامادول المخلوطة بمحلول الإيفانول، تم حقنها عبر الوريد، ما أدى إلى وفاته البطيئة لتبدو وكأنها نوبة قلبية. إلا أن سرعة العثور على الجثة وتشريحها كشفت وجود أثر واضح للمحلول القاتل."

سكت العميد قليلًا وهو يقلب التقرير بين يديه، قبل أن ترفع النقيب منى يدها طالبة الإذن بالكلام:

> "سيدي، هذا التقرير زاد من غموض القضية لا من وضوحها. إذا كان الرجل قد مات بتلك الطريقة، فلماذا لم نجد أي آثار للمقاومة؟ كيف سُمِح للقاتل أن يحقنه بهذه السهولة؟"

اقتربت خطوة وأضافت بجدية:

> "لقد فحصت الجثة بنفسي، ولم أجد أي علامات عراك أو مقاومة... كأن القتيل كان ينتظر موته طوعًا."

نهض العميد ببطء، واتجه نحو النافذة الكبيرة، واضعًا يديه خلف ظهره، يتأمل الشارع المزدحم أسفل المبنى.
ثم قال بنبرة عميقة:

> "المجرمون عادةً يحاولون إخفاء جرائمهم بإتقان، لكن في هذه القضية، القاتل تعمّد أن يضع الجثة أمام أعيننا... وكأنه يريدنا أن نراها."

استدار نحو الضباط وسأل بصوت حازم:

> "هل يعلم أحد منكم أين كان يقيم هذا المصرفي المسكين؟"

ساد الصمت... النظرات توزعت بين الوجوه، لكن لم ينبس أحد بكلمة.

اقترب العميد من الطاولة، وأسند يديه عليها قائلاً بحزم:

> "تذكّروا جيدًا، رجل التحري لا ينتظر المعلومة تأتيه... بل يخرج بحثًا عنها."

ثم جلس واضعًا ساقًا على ساق، وابتسامة خفيفة ترتسم على وجهه قائلاً:

> "وهنا... يبدأ العمل الحقيقي"
يتبع ....



تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

لا يمكن اضافة تعليق جديد