عندما يكون الطب رسالة في عيون الخدمات الطبية الملكية

mainThumb

13-11-2025 04:32 PM

منذ تأسيسها، شكلت الخدمات الطبية الملكية احدى ركائز العطاء الوطني الأردني، ورسالة سامية حملت شعار الإنسانية قبل الطب، والعلم قبل التخصص، والعطاء قبل الواجب. فهي مؤسسة تجسد أسمى معاني الانضباط والجندية، وتترجم رؤية القيادة الهاشمية الحكيمة في جعل الإنسان محور الاهتمام وأغلى ما نملك.
لقد امتدت يد الخدمات الطبية الملكية بالخير والعطاء إلى داخل الوطن وخارجه، لتصل برسالتها إلى أكثر من 25 دولة حول العالم، عبر إرسال مستشفيات ميدانية ومحطات جراحية لخدمة الأشقاء والأصدقاء. ومن أبرز صور هذا العطاء ما قدمته للأهل في فلسطين المحتلة، من خلال نحو خمسة مستشفيات ميدانية في غزة والضفة الغربية، قدمت منذ السابع من أكتوبر خدماتها لأكثر من نصف مليون مريض باشراف عدد كبير من الأطباء والممرضين من مختلف التخصصات، في وقت يواجه فيه أهلنا هناك حرب إبادة إسرائيلية وحشية لا يعرف لها التاريخ مثيلًا.
هذه المؤسسة لم تكتف بأداء الواجب المهني، بل تجاوزته لتجسد الشعار الخالد الذي أطلقه جلالة المغفور له الملك الحسين بن طلال رحمه الله: )الإنسان أغلى ما نملك (وهو النهج الذي ما زال مستمراً بثبات ووضوح في عهد جلالة الملك عبد الله الثاني ابن الحسين حفظه الله، الذي أرسى دعائم الرعاية الصحية المتقدمة في مؤسساتنا الوطنية، وعلى رأسها الخدمات الطبية الملكية.
وفي هذا الإطار الوطني الكبير، جاءت تجربتي الشخصية في مركز الليزك التابع لدائرة العيون في مستشفى الحسين التابع للخدمات الطبية الملكية، والتي دفعتني لأن أسجل شهادة فخر واعتزاز. فقد راجعت المركز المذكور لإجراء فحص للعيون بعد أن غلبت علي القراءة اليومية لساعات لا حصر لها. وما أن دخلت أروقة هذا الصرح الطبي حتى شعرت أنني أمام لوحة من الانضباط والدقة والنظام.
وصلت إلى المدينة الطبية في السابعة والنصف صباحاً، تماماً كما يفعل أي مواطن يطلب الخدمة دون تمييز أو محاباة. ومنذ لحظة الدخول، لفت نظري المشهد المهيب للكوادر الطبية والإدارية العسكرية وهي تتوافد إلى مواقع عملها، بلباسها الأنيق والانضباط الراقي. كان الاحترام المتبادل والابتسامة الحاضرة سمة تشعر الداخل إلى هذا المكان بالطمأنينة والثقة، وكأن نسمة من الراحة تسري في القلب لتقول له: أنت بين أياد أمينة.
وفي مركز الليزك تحديداً، لمست من القائمين عليه أرقى معاني المسؤولية والإخلاص. فكل من تعاملت معهم، من أطباء وممرضين وفنيين، تركوا في نفسي أثراً طيباً لا ينسى. وأخص بالشكر الأخت المقدم تهاني العبادي مسؤولة التمريض في المركز التي لمست وشاهدت أدائها الرائع والحرص على خدمة المراجعين بكل هدوء ولطف، والأخ المقدم الدكتور محمد الطراونة الذي أبدع في أدائه وتفاعله وحرصه أن يكون المراجع بخير وتمام الصحة والعافية بعد اجراء العمليات التي يقوم بها بكل كفاءة واقتدار ، ومساعده الدكتور محمد النوايسة الذي كان يتابع كل صغيرة وكبيرة، والرائد الممرضة سمر البطاينة التي لمست تعاملها وارشادها للمراجعين لتسهيل أمورهم وجميع الاخوة العاملين في الدائرة الذين أدوا واجبهم بروح راقية، وتعاملوا مع المراجعين بعناية واهتمام يحتذى به. ولا يفوتني أن أشكر الأخ العزيز النقيب مالك الزيود الذي تابع حالتي أولاً بأول، وهو الذي وجه لي النصح باجراء العملية في مركز الليزك للعيون.
إن ما يميز الخدمات الطبية الملكية لا يقتصر على مهارتها الطبية وتطور تجهيزاتها، بل يمتد إلى روح العمل الجماعي التي تجمع بين الإنسانية والانضباط العسكري. فهي بحق نموذج عالمي في الجمع بين الكفاءة والخلق، وبين المهنية والرحمة، حتى غدت اسماً يتصدر السجل الذهبي للصروح الطبية الدولية.
وأتذكر في هذا المقام قول النبي صلى الله عليه وسلم : من أصبح آمناً في سربه، معافى في جسده، عنده قوت يومه، فكأنما حيزت له الدنيا بحذافيرها". فهؤلاء الأطباء والممرضون الذين يسهرون على راحة المرضى ويخففون آلامهم، هم من يجعلوننا نعيش هذا المعنى النبوي العظيم في واقعنا اليومي.
ختاماً، أقول : بوركت سواعدكم التي تعمل بصمت واخلاص، وبارك الله بجهودكم التي تنير دروب الصحة والإنسانية في وطننا الغالي. ونسأل الله أن يحفظ قيادتنا الهاشمية الحكيمة، التي جعلت من خدمة الإنسان غاية، ومن العطاء نهجًا راسخًا في كل مؤسسات الدولة.


تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

لا يمكن اضافة تعليق جديد