الاستيطان… الاستيطان… الاستيطان
يعتبر الاستيطان الإسرائيلي المستشرس في الأرض العربية الفلسطينية من أخطر ما يهدد المشروع الوطني برمته، وبصورة غير مسبوقة شهدت في الآونة الأخيرة تصعيداً ملحوظاً لهجمات المستوطنين الصهاينة على الفلسطينيين الآمنين على طول الضفة الغربية وعرضها، واستخدامهم للسلاح الحي وتبني مفهوم الهجمات الاستنزافية المتواصل على ممتلكات الآمنين، مع السعي المحموم لتهجيرهم.
وقد بات هذا السعي بمثابة العنوان الأبرز في معركة الوجود فوق أرض فلسطين خاصة مع اتساع رقعة النشاط الاستيطاني وشراسته وما يحمله من تهديد مباشر لا يطال الفلسطيني وحده، بل ينسف ركائز الاستقرار في المنطقة بأسرها.
فهجمات المستوطنين المستفحلة حالياً والتي باتت معفية تماماً من المساءلة العدلية والقانونية، والمدعومة من قبل مؤسسات صهيونية مسجلة في دولة الاحتلال، لم تعد حقلًا من حقول الصراع التقليدي، بل بوابة تُفتح على صراعات أعمق وأطول، لا يعرف أحدٌ مآلاتها.
ويشكّل الاستيطان بما يلقاه من أموال ودعم لا حصر له من جيش الاحتلال، منصة متوسعة لإعادة هندسة الجغرافيا على حساب التاريخ والإنسان الفلسطيني، ليرى المتجول في الضفة الغربية اليوم كيف بات الزحف الاستيطاني يقضم التلال رويدًا رويدًا، وكيف تتبدل معالم المكان، وكيف تتحوّل المسافات بين القرى والمدن إلى نقاط عسكرة تُعيق حركة الحياة اليومية. فالفلسطيني لم يعد وحده من يتأثر بهكذا حال؛ بل بات المشهد برمّته على شفا الانزلاق نحو دوامة من العنف والتوتر، تريدها إسرائيل لشرعنة إطلاق عملية عسكرية في الضفة الغربية تساهم في طرد الفلسطينيين من أرض أجدادهم.
ولعلّ أخطر ما تحمله الأنشطة الاستيطانية ونمط تطورها، هو مسعاها لتفكيك وحدة الأرض الفلسطينية وترابطها، وتحويل المدن والقرى الفلسطينية إلى جزر مقطّعة الأوصال، تفقد معها إمكانية التطور الطبيعي، بينما يُدفَن معها حلم الدولة المستقلة. الاستيطان لا يكتفي بابتلاع الأرض؛ إنه يعيق التعليم ويعرقل الاقتصاد ويكبّل حياة البشر.
واليوم تعاني جموع الشعب الفلسطيني من أذى المستوطنين وتماديهم في تهجير الآمنين من المضارب البدوية، والمسافر وأطراف القرى مما يعطل تدفق الحياة اليومية الطبيعية ويرفع نسبة التنغيص على المواطنين وتهديدهم وتدمير حياتهم، ليشهد الطالب الذي لا يستطيع الوصول إلى مدرسته وجامعته، والطبيب الذي يُمنع من بلوغ مريضه، والمزارع الذي يشاهد محاصيله تموت أمام ناظريه، يشهدون مجتمعين قصصاً تتكرر، لتكوّن في مجموعها جرحًا وطنيًا لن يندمل بسهولة.
ورغم وعد الرئيس الأمريكي دونالد ترامب للزعماء العرب والمسلمين خلال لقائهم الأخير به في نيويورك في سبتمبر أيلول المنصرم بعدم السماح بضم الضفة الغربية إلا أن ما يجري على الأرض إنما يؤكد على تسارع وتيرة تنفيذ خطة الضم، بوقاحة كبيرة وبخطوات متتابعة ليس فقط على حساب الأرض وإنما أيضاً على حساب هشاشة الأمن الإقليمي برمته.
إن أخطر ما في الاستيطان لا يكمن في الجرّافات والدعم العسكري الذي يعزز بإضافة مسيرات سلمت مؤخراً للمستوطنين، بل في محاولة فرض رواية جديدة على حساب الرواية الأصيلة. هنا ستصبح معركة الاستيطان بمثابة حرب على الهوية والذاكرة الفلسطينية من خلال وأدها بالكامل وسرعة ماراثونية لخلق البديل. فالفلسطيني الذي يرى جذور الزيتون تُقتلع، لا يفقد شجرة فقط، بل يفقد فصلًا من حكاية، وهو ما سيلوث المشهد البشري ويزيد من تمادي الاحتلال المتسلح بمجموعة من المستوطنين المرتزقة الذين تدفع مؤسسات استيطانية رواتبهم بشكل دوري.
إن العالم الذي شهد فظائع غزة إنما يشهد اليوم إصرار إسرائيل على تماديها وزرعها لبذور المزيد من الأزمات بينما يدرك أكثر من أي وقت مضى أن ترك الملف الفلسطيني رهينة للسياسات الطائشة لحكومة اليمين المتطرف في تل أبيب لم يعد خيارًا مجديًا. فالنشاط الاستيطاني، بطبيعته التوسعية، يشكّل عامل تفجير لأي محاولة لبناء استقرار طويل الأمد في المنطقة، ويبقي فتيل المواجهة الميدانية مشتعلاً ويزكي نار الكراهية ويدمر إمكانية قيام دولة فلسطينية قوية وقادرة عبر تُقطّيع أوصال الجغرافية الفلسطينية واختطاف مساحاتها.
في المحصلة، فإن مواجهة الاستيطان ليست مسؤولية الفلسطيني وحده، بل مسؤولية كل المؤمنين بأن العدالة حجر أساس لأي استقرار في المنطقة، وأن ولادة شرق أوسط آمن ومزدهر كما ادعى ترامب سيبقى حلماً بعيد المنال وهو ما يدفع لإلحاحية إيقاف مشروع الإحلال الذي يفرضه المستوطنون كل يوم، إذ لا استقرار فوق أرض تُبنى عليها بؤر الصراع يومًا بعد يوم.
(القدس العربي)
سلطة العقبة تنفي إقامة حفل ببيت الشريف الحسين
إغلاق البيت الأبيض .. وإصابتان في واشنطن
الأونروا: أوضاع غزة كارثية وتحتاج لتدخل عاجل
نسبة البطالة: رقم سوف ينخفض عندما يغفو الإحصائيّ
الغذاء والدواء: دعم المرضى يسهّل الوصول للعلاجات الحديثة
نظرية الفوضى المنظمة كآلية للحكم والسلطة
ذم وقدح وتحقير مع الادعاء بالحق الشخصي في الأردن
إطلاق نار على اثنين من العسكريين قرب البيت الأبيض
تقاضى مبالغ مالية مقابل ترخيص محلات .. والمحكمة تصدر قرارها
مدعوون لإجراء المقابلات الشخصية .. أسماء
ما هي مكونات المارشميلو .. طريقة تحضيره في المنزل
مؤسسة المتقاعدين العسكريين تبدأ باستقبال طلبات توظيف أبناء المتقاعدين
دليلكم للتعرف على سمك الناجل وكيفية تحضيره
كسر الرتب زلزل الرواية الإسرائيلية عن هولوكوست غزة
توجيه مهم من التربية لمديري المدارس
جامعة الحسين تلغي تسجيل الطلبة المتأخرين في سداد ذممهم المالية
الأعرج رئيساً تنفيذياً لشركة كهرباء المملكة

