هل اقتربت نهاية إسرائيل؟

mainThumb

20-03-2012 08:59 PM

 ليس ثمة شك أن الصهيومسيحيين يمثّلون اليوم أخطر التحديات التي تواجه العالم الإسلامي، وتحول دون انطلاقة مشروعه النهضوي المأمول. بعد ظهور الحركة الصهيونية في أواخر القرن التاسع عشر، كحركة سياسية قومية تدعو إلى عودة اليهود إلى فلسطين، انطلاقاً من دعاوى تاريخية ودينية. ويقول أحد أبرز زعماء الصهيونية التاريخية ديفيد بن غوريون: (لا معنى لفلسطين بدون القدس، ولا معنى للقدس بدون الهيكل). بهذه العبارة المقتضبة جداً، يكون بن غوريون قد اختزل كل تصورات الأيديولوجية الصهيونية حيال فلسطين، بكل ما تعنيه من اغتصاب وعدوانية وتهديد وهذيان تاريخي يستند إلى أساطير تلمودية ومزاعم توراتية محرفة. وتتجلّى خطورة الموقف في أن هذه العبارة صدرت عن المؤسس الفعلي للدولة العبرية، عندما أعلن قيامها بنفسه عام 1948م، وتولّى رئاسة الوزارة مرات عديدة، كما لعب دوراً رئيسياً في بلورة الفكر الصهيوني في فلسطين. ان الأيديولوجية الصهيونية مبنية على مجموعة من المعتقدات والتصورات التي من شأنها أن تخدم أهداف الصهيونية وتحقق طموحاتها، كرغبتها في السيطرة والتوسع على حساب شعوب المنطقة وأهلها الشرعيين. ومن هذه التصورات; أرض الميعاد، الشعب المختار، إسرائيل الكبرى، الخصوصية اليهودية، العرق أو الجنس اليهودي الواحد المميّز.. الخ. وتشكل هذه الخرافات جوهر الأهداف الصهيونية وأساس نزعتها العدائية في آن واحد.

إذ ترتكز على ادعاء الحق الديني والتاريخي في احتلال فلسطين، ومن ثم تسعى إلى تحقيق حلمها الكبير من النيل إلى الفرات، الأمر الذي يعني حق الصهيونية في استباحة كل شيء بحجة (الشعب المختار). هكذا يحاول رموز الحركة الصهيونية تصوير كل ما يحدث في فلسطين، منذ اغتصابها عام 1948م، وحتى الآن، على ان الأمر تنفيذاً لوعد (الرب) الذي منحه لليهود، وتنفيذاً لهذا الوعد يحق للعصابات الصهيونية تجريد كل من يعيش في فلسطين من أرضه، ليضعوا هم أيديهم عليها! أن الأيديولوجية الصهيونية تستمد جذورها من منبعين أساسيين هما: التوراة والتلمود.

والتوراة المحرفة التي تجعل الله عزّ وجل شخصاً يخطئ ويصيب، يحب ويكره، يغضب ويرضى، يأكل ويشرب وينام، متعطشاً للدماء ولا يرتوي منها.. تعالى الله عن ذلك علّواً كبيراً، وتجعل من الأنبياء مجرمين سفاحين، وزناة قوادين، يشربون الخمر ويعبدون الأصنام، يمكرون ويتآمرون ـ قاتلهم الله أنّى يؤفكون ـ فهم الأبرار الأطهار صلوات الله وسلامه عليهم. أما التلمود فقد وضعه أحبار اليهود في الأصل لذمّ المسيح عليه الصلاة والسلام وأمه العذراء البتول، وتلامذته الحواريين بكلام فاحش بذي، وهو كتاب تعليم ديانة اليهود وآدابهم والى جانبهما بعض المنابع الفرعية التي تتمثّل ببعض الكتب اليهودية، مثل: بروتوكولات حكماء صهيون، روما القدس: لموسى هيس، التحرر الذاتي: لبنسكر، الدولة اليهودية: لهرتزل. هناك أكثر من مؤشر دال ودليل ثبوتي على أن الأيديولوجية الصهيونية التي يراد تسويقها في الوسط اليهودي لا تمت بصلة إلى حقيقة اليهودية كدين سماوي، بل ان التركيز ينصب على التعاليم المحرّفة للتوراة، ويغفل بشكل يدعو للاستغراب كل التعاليم السماوية الحقيقية، أن الخرافات اليهودية الكلاسيكية هي التي تمارس أعظم التأثير على الجماهير اليهودية، وليست تلك الأجزاء من التوراة، أو حتى من التلمود، ذات القيمة الأخلاقية والدينية الحقيقية. ان هناك تناغم وتطابق جوهري بين النظام العالمي الجديد، الذي ترفع رايته أمريكا الآن، وبين المرتكزات التوراتية ـ التلمودية وبالرغم من أن هذا النظام العالمي الجديد يحاول أن يبدو إنسانياً وعالمياً ولا دينياً.. ولكن كل ذلك تزييف للحقائق، إذ يستند هذا النظام إلى مرتكزات ورؤى توراتية. فهذه النبوءات الواردة في أسفار العهد القديم والجديد هي المرتكزات المرجعية الحقيقية التي تنبثق عنها تصورات حركة الحياة والفكر الغربيين المعاصرين. وأي بحث ينتهج منهجاً تاريخياً تحليلياً سيقودنا إلى تفسير عميق لما انتهى إليه المجتمع الدولي في واقعه الحالي. خاصة إذا ما عمد إلى ربط التيارات الفكرية والثقافية والاجتماعية وردّها إلى أصولها في العقيدة الصليبية الصهيونية، وهي نسخة معدلة من المسيحية ومن اليهودية ابتدعتها الحركة الصهيونية في محاولة لخلق الشروط الموضوعية التي تساعد على تحقيق النبوءات التوراتية، التي تشترط كمقدمة لمجيء المسيح المخلّص وهي: قيام إسرائيل الكبرى، عودة يهود التيه والشتات إلى فلسطين، إقامة هيكل سليمان، تدمير الفلسطينيين وأهل بابل (العراق) وأهل مصر والسودان. إزاء هذه اللافتات الصهيومسيحية التي يُراد لها أن تُمرر تحت جلباب توراتي زائف.. لا يسع المرء إلاّ أن يستحضر الاحتجاجات والثورات التي تجري في المنطقة تونس، مصر، سوريا.. الخ حيث يعتبرها المتدينون اليهود مقدمات لتحقيق النبوءات التوراتية. من هنا; يتضح لنا أن الصهيونية، في إطار بحثها عن مشروعية تاريخية، تستعيد النصوص التوراتية ـ التلمودية، وتقوم بتأويلها، بما يخدم الهدف الصهيوني، ويبرر اغتصاب فلسطين، والتمدد خارجها، حيث إسرائيل الكبرى من النيل إلى الفرات..

ومن هنا يتضح أيضاً مدى الأكذوبة التي تتحدّث عن السلام، ويرددها زعماء صهيون. وختاماً إذا ما قارنّا بين الآيات القرآنية الكريمة التي تشير إلى النهاية المفجعة لليهود، بعد إفسادهم الثاني، وبين النبوءات التلمودية حول زوال إسرائيل بعد 70 سنة من قيامها، فان ثمة أملاً وتفاؤلاً النهاية القريبة لإسرائيل، خاصة وان العد التنازلي لتحقيق هذه النبوءة قد بدأت تباشيره، ففي عام 2018 تكون دولة إسرائيل قد أكملت سبعون سنة. ولله الأمر من قبل ومن بعد.

 

HAYTHAM.ALMOMANI@HOTMAIL.COM 



تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

لا يمكن اضافة تعليق جديد