لواء الكورة والانتخابات النيابية،،، حقائق وأرقام

mainThumb

27-01-2013 09:39 PM

كشفت نتائج الانتخابات النيابية الأخيرة عن جملة من الحقائق والمعلومات، بعضها كان معلوماً سابقاً ومتوقعاً، وبعضها الآخر كان مفاجأة لنا، ولعل ما يدلل على صحة ذلك هو الأرقام التي بين أيدينا، ولغة الأرقام هي لغة العلم والمنطق والتي لا مجال فيها للاجتهاد أو التأويل، وهي أفضل السبل للتحليل والتفسير العلمي الرصين ونشدان الحقيقة.
 
يبلغ عدد سكان لواء الكورة ما يقارب 140 ألف نسمة، وكان عدد المسجلين منهم في جداول النخابين 44.988 وقد شارك منهم في الانتخابات 29675 أي ما نسبته 66%، وهذه نسبة مرتفعة قياساً لمقاطعة عدد كبير من أبناء اللواء للانتخابات تسجيلاً وترشيحاً وتصويتاً وذلك تجاوباً مع تيار المقاطعة في البلاد، سواء كان ذلك احتجاجاً على قانون الصوت الواحد الذي أفسد الحياة السياسية وألحق أضراراً بالغة بالمسيرة الديمقراطية في البلاد، أو احتجاجاً على افتقار التمثيل النيابي للواء الكورة على مقعد واحد يتيم مما يمثل ظلم وإجحاف بحق اللواء، ولا سيما أنه وفق كافة معايير الديمغرافيا والتنمية والبعد عن العاصمة وغيرها من المعايير المستخدمة محلياً أو عالمياً في توزيع المقاعد النيابية فإن اللواء يستحق مقعدان على الأقل. 
 
لقلد جاءت مشاركة أبناء اللواء في هذه الانتخابات تغليباً للمصلحة العامة، وإيماناً بفضائل الديمقراطية والأصل فيها المشاركة، ورغبة باستخدام قبة البرلمان كوسيلة ديمقراطية للتغيير نحو الأفضل، والنهوض باللواء الذي يعاني من تدهور الأوضاع في كافة المجالات.
 
ترشح من أبناء اللواء 8 أشخاص، وقد حصل المرشح الفائز في هذه الانتخابات على 8111 صوتاً، أي ما يقارب 27% من أصوات المقترعين، وهذه نسبة مرتفعة جداً في ضوء أن المرشح الفائز كان عضواً في مجلس النواب الخامس عشر، ولم يكن أدائه بالمستوى المأمول والمطلوب شأنه في ذلك شأن الكثير من أعضاء مجالس النواب السابقة التي تراجع أدائها وفقدت ثقة الناخبين، ولذلك فقد أخفق المرشح الفائز في هذه الانتخابات في انتخابات عام 2010 ولم يحصل على نصف الأصوات التي حصل عليها هذه المرة، وبعدها غاب عن المشهد السياسي في اللواء لمدة عامين تقريباً، ولم يكن له أية بصمات تفسر نجاحه الساحق هذه المرة، ليس على مستوى اللواء فقط، وإنما على مستوى الوطن حيث حل ثامناً في الترتيب من حيث عدد الأصوات، وهذه في الحقيقة من مفاجآت وغرائب هذه الانتخابات والتي لم نجد لها تفسيراً منطقياً لحد الآن.
 
المرشح الثاني حصل على 6291 صوتاً أي ما يعادل 21% من أصوات المقترعين، ولكن الذي يبعث على الحزن والإحباط والغضب أن مجموع الأصوات التي حصل عليها هذا المرشح والذي لم يصل إلى القبة في ظل مقعد نيابي واحد للواء تزيد عن عدد الأصوات التي حصل عليها 89 نائباً من الـ 108 نواب في الدوائر الفرعية!
 
والمرشح الثالث حصل على 5834 صوتاً وهو ما يزيد عن عدد الأصوات التي حصل عليها 82 نائباً من نواب الدوائر الفرعية، ولا أريد الاسترسال بمقارنة نتائج بقية المرشحين بنواب الوطن الفائزين في هذه الانتخابات.
 
إن هذه الأرقام مؤشر واضح على الظلم الذي يعاني منه لواء الكورة في مسألة التمثيل النيابي، وهذا استهتار واضح بحقوق وحريات أبناء اللواء التي كفلها الدستور الذي ينص على أن الأردنيين أمام القانون سواء لا تميز بينهم، وواقع لواء الكورة ينطوي على مخالفة دستورية واضحة فالوزن الصوتي لمواطني اللواء مقارنة بالوزن الصوتي لغيرهم سواء في محافظة اربد أو على مستوى المملكة يدل على أن أبناء لواء الكورة أقل تمثيلاً مما يستحقون، وهم بهذا أصحاب حقوق منقوصة، وكأن لواء الكورة خارج جغرافيا الدولة الأردنية، فضلاً عن تجاهل وإنكار لتاريخ اللواء وميراثه السياسي، وليس بوسعنا ونحن نتناول هذه المسألة أن ندير ظهرنا لمثل هذه الحقائق، ذلك أنه عندما صور أول قانون انتخاب للمجلس التشريعي في البلاد عام 1928 وحدد عدد أعضاء المجلس بـ 16 عضواً، كان في عضوية ذلك المجلس بعد الانتخابات التي أجريت اثنان من أبناء لواء الكورة أي ما نسبته 12.5%، وفي مرحلة التحول الديمقراطي التي تم فيها زيادة عدد أعضاء المجلس إلى 80 ثم إلى 120 وأخيراً إلى 150 بقي لواء الكورة ممثل بمقعد واحد وكان عدد سكان اللواء لم يزدادوا منذ عام 1928 حتى اليوم!
 
إن هذا التمثيل النيابي المنقوص لأبناء اللواء أصبح مصدر قلق وإحباط لهم، وتسودهم مشاعر الغضب والشكوك بجدية الدولة في تحقيق العدالة والإصلاح المنشود ولا سيما أن المسألة ليست مقتصرة على التمثيل النيابي، وإنما بتجاهل وتهميش اللواء على كافة الصعد، والتمثيل النيابي هو أحد مظاهر هذا التهميش باعتبار مجلس النواب مفتاح لتحقيق التنمية والعدالة وغيرها.
 
ومن هنا فإن الآمال معلقة على المرحلة القادمة التي عنوانها الأبرز مشاركة الشعب الحقيقية في صنع القرار، وإقامة مجتمع العدالة والمساواة في دولة المواطنة والحق والقانون في إنصاف لواء الكورة من غبن تاريخي واقع عليه، وهذا واجب ومطلب حق، أما إذا استمر النهج القديم في تهميش وظلم لواء الكورة بعيداً عن كل قيم العدالة والمساواة وأحكام القانون ونصوص الدستور، فإنه ليس أمام نائب لواء الكورة إلا خيارات محدودة على رأسها الاستقالة من هذا المجلس الذي لن يعمّر طويلاً على كافة الأحوال، وبهذا الموقف التاريخي المسؤول يكون قد قدم أكبر خدمة للواء الكورة ومثّلهم خير تمثيل، أما أبناء اللواء فعليهم واجب أيضاً في أن ينظموا صفوفهم ويعلموا أن الحقوق لا تمنح وإنما تنتزع.
 
نأمل أن تجد هذه الحقائق والأرقام آذاناً صاغية وضمائر واعية ومسؤولين لديهم حس وطني وإنساني، وإيمان عميق بالمسؤولية من أجل خير لواء الكورة والوطن سائلين المولى أن يهدي الجميع سبل الخير والرشاد.


تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

لا يمكن اضافة تعليق جديد