اعادة هيكلة

mainThumb

23-04-2024 09:36 PM

يقصد اصطلاحا بعملية اعادة الهيكلة "مجموعة من الإجراءات في مؤسسة او كيان ما لجعلة أكثر فعالية وقابلية للتكيف مع التحديات الحالية والمستقبلية" ، وهذا الاجراء يتخذ عادة عندما ترى الإدارة بأن عدم اتخاذ اجراء كهذا قد يهدد مصير الكيان برمته ، لذا عندما تتقدم احدى المؤسسات بطلب للجهات المختصة بالموافقة على اجراء إعادة هيكلة يتم دراسة طلبهم بعناية فائقة حيث ان القرار لا يتعلق فقط باجراءات داخلية او كما يقال تنظيم للأوراق ، ان قرار إعادة الهيكلة قد يشمل تغيير جذري في مسار المؤسسة وتغير في طبيعتها إضافة لما قد يشمله من تسريح عاملين وإعادة جدولة ديون وإدخال او الاستغناء عن شركاء ، فعندما يتعلق الامر بكيان كبير قد تؤدي تداعيات القرار بإعادة هيكلته الى الاضرار بحقوق مساهمين او قد يؤدي الى التأثير في نسبة البطالة ، ولا ابالغ ان قلت بان قرار كهذا أحيانا يؤثر على المسار الاقتصادي لدولة ما وعلى سعر صرف عملتها ومكانتها الاقتصادية في بعض الأحيان ، وفي أحيانا أخرى قد يضطر القائمون علية الى انشاء كيانا موازيا له يحقق أهدافه الأساسية ويتم نقل الصحيح من الأنظمة و اللوائح و القوانين والمنتسبين كذلك الى الكيان الجديد تدريجيا الى ان تتم تصفية الكيان "القديم" بشكل يضمن حقوق كل الأطراف وما فية مصلحة الجميع
وقد تختلف أسباب اتخاذ قرار بإعادة الهيكلة إلا ان اهم دوافعها هو الحفاظ على الكيان نفسة من خطر وجودي ، ويؤخذ بعين الاعتبار عند اتخاذ القرار بإعادة الهيكلة الهدف الذي انشأ الكيان من اجله وحقوق المنتسبين الية ، فعلى سبيل المثال اذا كان قد تأسس كيان اقتصادي ما قبل أعوام وطرحت أسهمه في السوق ، فمن حق مالكي الأسهم و المستثمرين فية والجهات المعنية مراجعة قوائمه المالية ومساره المالي إضافة لحقهم في تتبع تنفيذ الإدارة لما جاء في عقد التأسيس فاذا كان قد انشأ على أساس معين وخلال سنوات العمل غيرت ادارته جزءا او كلا مما جاء في الاتفاق عند التأسيس يحق للمستثمر او المساهم الانسحاب منه على الأقل كما انه يحق للجهات الرقابية المختصة إيقاف عمله و المطالبة بمراجعة شاملة قد تصل الى إعادة الهيكلة .

ولا ينطبق ما تقدم على الكيانات الاقتصادية فقط فكل مجموعة من الناس اقدمت على انشاء كيان معين ولأسباب محددة ولخدمة وتحقيق غايات متفق عليها لها الحق في متابعة تنفيذ ما اتفق علية وإعادة هيكلته اذا اقتضت الضرورة سوآءا كان هذا الكيان سياسيا او اقتصاديا أو غيرها من اشكال الكيانات وخاصة تلك الكبرى منها
والان وقد اوجزنا ما امكننا عن مفهوم إعادة الهيكلة وبما لا يخل بالمعنى بإمكاننا الانتقال الى الموضوع الرئيس لهذه المقدمة ، فالغاية من تقديم هذا الايجاز هي التوعية من خطر وجودي يهدد احد اهم الكيانات الدولية التي ننتسب اليها ،فعلى الرغم من اننا مساهمين او أعضاء "مهمشين" في الأمم المتحدة فانه من حقنا كأعضاء القيام بمراجعة لدور هذا الكيان الذي ننتسب الية ومدى تحقيقة للغايات التي انشأ لاجلها ومدى قدرته على تنفيذ ميثاقه الذي دفعنا للانتساب الية ، و الامم المتحدة هي في النهاية كيان تنطبق علية كل البنود التي ذكرت في المقدمة وحيث انه اصبح واضحا بشكل لا يحتاج الى دراسة معمقة هيمنة بعد "المنتسبين" للمنظمة وتفردهم بالقرار واضرارهم بمصالح اطراف على حساب اخرين فانه من الواجب ومن الضروري ان نقوم بسلسلة من الإجراءات باعتبارنا "اطراف متضررة"، ولكي لا يكون الحديث مجردا من مضمونه سنقدم ما يكفي من الأدلة على ذلك
وسنترك بداية المنظمة تتحدث عن نفسها ثم نقوم بتفنيد ما تحدثت به فقد عرفت المنظمة نفسها وأهدافها التي أنشأت لأجلها بسطور قليلة مختصرة:
"منظمة الأمم المتحدة، وتعرف اختصارًا بالأمم المتحدة، هي مُنظمة حُكومية دَولية وواحدة من أكبر وأشهر المنظمات الدولية في القرن العشرين، تأسَّست عام 1945 بعد الحرب العالمية الثانية، وقد حدَّد ميثاق الأمم المتحدة الغاية من تأسيسها بالمحافظة على السلم والأمن الدوليين عن طريق اتخاذ تدابير جماعية فعَّالة لمنع وإزالة الأخطار التي تهدد السلام، وإلى تنمية العلاقات الودية بين الدول على أساس احترام مبدأ المساواة في الحقوق وتقرير المصير للشعوب وتعزيز وتشجيع احترام حقوق الإنسان والحريات الأساسية للجميع دون تمييز بسبب العرق أو الجنس أو اللغة أو الدين، بالإضافة لأن تكون مركزًا لتنسيق أعمال الدول في تحقيق هذه الغايات المشتركة"
بغض النظر عن الاجحاف بحق الدول الأعضاء "غير دائمة العضوية" و الذي مورس عليهم بحكم ان الدول الدائمة العضوية أعطت نفسها الحق منذ التأسيس على نقض أي قرار من شأنه ان يتعارض مع رغبتها ومصالحها وبغض النظر عن الظلم الذي لحق بكثير من شعوب العالم جراء ذلك الا انها أي الأمم المتحده تبقى كيان عالميا كان يحظى باحترام وتقدير لم تحظى به مؤسسة دولية على الاطلاق ، فقد اكتفت دول العالم بان يكون هناك مكان او جهة تنظيمية تجمع الأعضاء واحيانا غير الأعضاء بصورة او باخرى وتصنع فضاءا يمكن فيه مناقشة وحل ما اشكل عليهم ، وبقيت الأمور كما هي علية منذ تاسيسها الى يومنا هذا ولكن ما يحدث اليوم لم يعد مجرد هيمنة على قرار او تفردا به، وقد تجاوز أيضا الاضرار بمصلحة طرف او اخر الى ان وصل الى تهديد وجود كيان الأمم المتحدة كمؤسسة دولية تعد الملجأ الوحيد لمعظم دول العالم والملاذ الأوحد الذي تتشبث به الشعوب المضطهدة .

عدة احداث في تاريخ الأمم المتحدة قامت خلالها دول من تلك "الدول المهيمنة " بتجاوز قراراتها او تنفيذ رغباتها دون الرجوع الى المنظمة وهيئاتها حسب الإجراءات المتفق عليها ،كما فعلت على سبيل المثال "الولايات المتحدة" في حربها ضد العراق الا ان المنظمة استمرت بالقيام بمهامها في محاولة لتثبيت وجودها ومكانتها مع علمها ان تهميش قراراتها او عدم الرجوع اليها في احداث كبرى هو بمثابة دق اسفين في اساساتها ولكن على ما يبدو كان القائمون عليها يأملون في الإبقاء على كيانها لاطول وقت ممكن او ربما كانوا يظنون ان حدثا ما سيضطر الجميع الى الرجوع اليها وإصلاح ما افسدته الدول المهيمنة على القرار الدولي ، الا ان أي من ذلك لم يحدث وباتت اليوم على وشك الانهيار نتيجة لكمية الاسافين التي دقت في اساساتها خاصة و ان الاحداث الأخيرة قد هزت أركانها من القواعد ، فهذه المؤسسة التي يفترض انها مؤسسة محترمة تحظى هي و الهيئات المنبثقة عنها باحترام دولي حتى من تلك الدول التي لا تعد أعضاء فيها، ولكن الواقع بان صورتها قد اهتزت وفقدت جزءا كبيرا من احترامها ، وذلك لم يأت فجأة كما ذكرنا ولكن الأحداث الأخيرة كانت أكبر من قدرتها على احتواء الموقف او "هكذا اريد لها ان تظهر" فتلك الدول أقصد "المهيمنة" بلغت من التغول مبلغا وأصبحت لا ترغب في وجود جهة او أداة رقابية مهما صغر حجمها ، وواضح ذلك من كل تصرفات الدول "المهيمنة" وغير "المهيمنة" أيضا فقد استخف بالمنظمة وممثلوها وهيئاتها بشكل جعل منها مثارا للسخرية ومبعثا لكثير من الغضب لدى عدد كبير من شعوب العالم التي تراها منظمة وجدت أساسا وحسب تعريفها لنفسها وحسب بنود ميثاقها لحمايتهم و مراعاة مصالحهم
وعودا على بدئ فان الأمم المتحدة لم تعد ذلك الكيان الذي يستطيع ان ينفذ ما جاء في ميثاقه مع الدول الأعضاء ولم يعد لديه القدرة على الإيفاء بتعهداته التي لخصها (بالمحافظة على السلم والأمن الدوليين ، تنمية العلاقات الودية بين الدول على أساس احترام مبدأ المساواة في الحقوق، تقرير المصير للشعوب، تعزيز وتشجيع احترام حقوق الإنسان والحريات الأساسية للجميع دون تمييز، ان تكون المنظمة مركزًا لتنسيق أعمال الدول في تحقيق هذه الغايات المشتركة)
فنحن نرى اليوم بان الأمم المتحدة لم تتمكن من حماية الشعوب ولا ان تمكنهم من تقرير المصير ولا ان تحافظ على الامن و السلم الدوليين كما انها لم تتمكن من تنمية العلاقات الودية و اصلاح ذات البين ولا أي من بنود مواثيقها ، حتى انها لم تستطع الحفاظ على حياة منتسبيها وافرادها او مؤسساتها و الكيانات التابعة لها او تلك التي ترفع علمها ، وقد وصل الحد الى انها لم تستطع الدفاع عن نفسها وعن امينها العام وما يصرح به (وزراء) في احد (الدول الأعضاء) بان المنظمة أصبحت حامية للارهاب وناشرة له وما شابه ذلك من تصريحات .
وبناءا على ذلك كله أصبحت حقيقة إعادة الهيكلة للمنظمة مسألة وقت فلا بد من مراجعة اداءها و طريقة ادارتها للمهام الموكلة اليها على مدار العقود التي مضت ، ولان الوقت قد حان او قد اريد له ان يحين ولأننا أكبر المتضررين مما الت الية المنظمة من ضعف فانه يجب علينا ان نقوم بحشد التأييد العالمي وان نقود اكبر عدد ممكن من دول العالم لأنشاء كيانا موازيا للام المتحدة كنوع من إعادة هيكلتها وان نشرف على وضع بنود حقيقية قابلة للتنفيذ تضمن ان يكون الكيان الجديد مستقلا بما يكفي وقادرا على فرض قرارته ولدية من الأدوات ما يمكنه من تقديم شيئا حقيقيا لشعوب العالم .

وقد رأينا ما وصلنا الية على الرغم من وجود الأمم المتحدة وما قد حل بنا من نكبات وويلات في الوقت الذي كانت الأمم المتحدة لاتزال تحظى باحترام وقبول دوليين ، اما وقد وصلت الى ما وصلت اليه من ضعف وتهديد لوجودها برمته فان لم نتحرك بجدية ونضع أساسا متينا لكيان يضطر العالم او على الأقل جزءا كبيرا منه ان ينضم اليه ويؤمن بضرورة تفعيلة فسنشهد تغولا أكبر بكثير مما نعيشه اليوم ، فنحن أمام تحد كبير يهدد وجودنا في ظل سعار نظام عالمي لم يعد يرى رادعا و لا رقيبا على الاطلاق .
واننا كدول عربية وإسلامية نملك من الأدوات ما يمكننا من القيام بحملة توعوية دولية تقود الى انشاء كيان عالمي يحارب كل اشكال الهيمنة ويقدم دعما حقيقيا و عادلا لشعوب العالم ، وهذا لا يتعارض مع مبادئ الامم المتحدة ذاتها و لا يتعارض مع القوانين و الاعراف الدولية ، و الاهم انه سيقود الى انشاء كيان يراعي مصالحنا كما يراعي مصالح بقية يهوب العالم بلا تمييز او عنجهية ، وذلك يتماشى لما ننادي به كدول محبة للخير و العدل و السلام .






تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

لا يمكن اضافة تعليق جديد