نقد كتاب روايات المسنين وأخبار المعمرين لفائز البدراني

mainThumb

29-07-2013 10:37 PM

لقد أطلعت على كتاب للأخ الأستاذ فائز البدراني الحربي باسم ( روايات المسنين وأخبار المعمرين ) وأيضاً على محاضرته التي ألقاها في هذه المسألة ! وقد ذهب في هذا الكتاب  إلى نفي مسألة  المعمرين  وشكك فيها ، فجعل زُبدة كتابه نفي أخبار من عاش فوق المائة !!

وقد نفى ذلك على  استنتاجاته !!  هو !! ، بدون دليل ولا برهان  إنما فقط بتعليقاته ( لا اسلم بذلك !! رواية مستوحاة من الشعر !! .... مبالغة !! ... الخ ) !! ولم يكتفي في هذا بل وقع في تناقضات وسوف نبين ذلك لاحقاً .

ولعل الذي قاد الأخ البدراني إلى تشكيكه ونفيه لأعمار المعمرين ! أن يكون قد قابل بعض العوام وأكتشف بأن أعمارهم لا تزيد على المئة ، فذهب وساق هذا على كل أخبار المعمرين دون الركون للمنهج العلمي ! بل ضرب بجميع أقوال العلماء عرض الحائط وشكك في منهجيتهم ! وكأنه هو المحقق وغيره لا !!

وكان الأولى به بأن يغربل ويرجح وليس بأن ينفي هذه الأخبار مطلقاً ! وهذا ليس من المنهج العلمي بشيء !

وقد جعلت رسالتي هذه على الأقسام التالية :

1ـ ذكر من صنف في المعمرين والكلام على كتبهم .

2ـ منهجية المحققين في أخبار المعمرين .

3ـ الرد على تعليقات الأخ البدراني حول تراجم بعض المعمرين .

4ـ تناقضات الأخ البدراني .

5ـ وقفة مع الأخ البدراني .

واسأل الله أن يوفقنا لكل خير .

باب ( 1) ـ ( ذكر من صنف في المعمرين والكلام على كتبهم ) . 
قد تواترت الأخبار وتسابق العلماء الكبار في التصنيف في  المعمرين  وذكر أخبارهم ، فلم نسمع من العلماء المتقدمين والمتأخرين بأنهم انتقدوا مصنفات هؤلاء العلماء في المعمرين  .. ثم يأتي الأخ البدراني اليوم ويضرب بهذا عرض الحائط وينفيه على ضوء استنتاجاته هو !!

فلا يجوز بأن تنفي هذه المسألة  على استنتاج شخصي ! دون التدليل بأقوال العلماء الثقات .. 
وقد صنف في  المعمرين  علماء ثقات ومحققين لهم صولة وجولة في تنقيح الأخبار وتقبل العلماء مصنفاتهم في  المعمرين  بالقبول واستشهدوا بها ، ولم نسمع أحد قد أنتقد مصنفاتهم هذه وشكك في الأخبار التي أوردوها كلها !!
فجاء الأخ البدراني ونسف هذا كله ! وهذا والله هو الافتئات على العلماء الكبار .

فهناك من صح بأنه معمر وهناك ممن لم يثبت بأنه معمر ، وأما نفي هذه الأخبار بعمومها فهذه مصيبة كبرى !!

ومن المصنفين في هذا الباب :

•    كتاب المعمرين: لأبي مِخْنَف لُوط بن يحيى(157هـ).
•    المعمرين : لهشام بن محمد الكلبي ( 206هـ ) .
•    المعمرين : للهيثم بن عدي ( 209هـ ) .
•    المعمرين : لأبن أبي الدنيا ( 218هـ ) .
•    المعمرين وطرف من أخبارهم : لأبي حاتم السجستاني ( 250هـ ) .
•    المعمرين : يونس بن الصفار ( 429هـ ) .
•    من عاش مائة وعشرين من الصحابة : ابن مندة ( 511هـ ) .
•    أعمار الأعيان : لأبن الجوزي ( 597هـ ) .
•    أهل المئة فصاعدا : الذهبي ( 748هـ ) .
•    تعريف الفئة فيمن عاش من هذه الأمة مئة : ابن حجر العسقلاني (852هـ ) .
•    ريح النسرين فيمن عاش من الصحابة مائة وعشرين : السيوطي ( 911هـ ) .



ومن أفضل هذه الكتب تحقيقاً :

•    من عاش مائة وعشرين من الصحابة لإبن مندة ، وقد سلك فيه مسلك أهل الحديث ، لذلك بادَرَ من أتى بعده من الحفاظ إلى استدراك ما فاته من الأسماء، ومن أهم المؤلفات في ذلك رسالة السيوطي ( ريح النسرين فيمن عاش من الصحابة مائة وعشرين ) حيث قال كما في ( تدريب الراوي ) ( 2/293) : ( وقد لخصت جزء ابن مندة المذكور وزدت عليه ما فاته ) .

ولم يشكك السيوطي في أخبار المعمرين كلها ! كما خرج البدراني في هذا الزمان بنسف هذه الأخبار واللمز بمن صنف في هذا الباب بأنهم لم يحققوا ويتثبتوا !! فجاء ونفى هذه الأخبار بمجرد استنتاجات على هواه دون الركون لأقوال أهل العلم في ذلك ! إنما شذ برأيه !!  .


•    أهل المئة فصاعدا للإمام الذهبي : وقد صنف الذهبي كتابه هذا في الرد على بعض المشككين في مسألة المعمرين  ، وكأن إمام زمانه الذهبي ومحقق عصره صنف كتابه هذا في الرد على الأخ البدراني ! وكفاك بالذهبي سنداً ..

•    تعريف الفئة فيمن عاش من هذه الأمة مئة ، للحافظ ابن حجر العسقلاني ، وكفاك به سنداً  .



فإذا كان مؤرخ زمانه ومحقق عصره الذهبي لا يتثبت وغير محقق !! وكذلك الحافظ العسقلاني لا يتثبت وغير محقق في هذه المسائل !! فعلى الدنيا السلام !!


فعلماء الحديث أهل دقة وتحري ، فشغلهم الشاغل التنقيب على الأسانيد فلا يخفى عليهم ممن يزعم بأنه معمر ويروي الأخبار إنما يكشفوا أمره ، ويثبتون ممن صح بأنه من المعمرين .



باب ( 2 ) ( منهجية المحققين في أخبار المعمرين ) .


قال الأخ البدراني في خاتمة الفصل الأول من كتابه ( روايات المسنين ) ( 74) : ( وإن نقلها عنهم العلماء والمصنفون من دون تحقيق وتثبت ) !!

قلت : قد أنبرى محقق زمانه الذهبي لكثير من هذه الروايات وأثبت بعضها ونفى بعضها ، كما علق ذهبي عصره على مسألة ( سلمان الفارسي ـ رضي الله عنه ـ ) حيث غربل ورجح بأنه ليس من المعمرين ، كما قال في ( السير ) ( 1/556) : (قال العباس بن يزيد البحراني : يقول أهل العلم عاش سلمان ثلاث مائة وخمسين سنة فأما مائتان وخمسون ، فلا يشكون فيها .
وقد فتشتُ فما ظفِرتُ في سنه بشيء سوى قول البحراني وذلك منقطع لا إسناد له . ومجموع أمره وأحواله وغزوه وهمته وتصرفه وسَفِّهِ للجريد وأشياء مما تقدم يُنبِئُ بأنه ليس بمعمَّر ولا هرِمٍ ، فقد فارق وطنه وهو حدَث ولعله قدم الحجاز وله أربعون سنة أو أقل فلم ينشب أن سمع بمبعث النبي صلى الله عليه وسلم ثم هاجر فلعله عاش بضعا وسبعين سنة . وما أُرَاهُ بلغ المائة . فمن كان عنده علم فليفدنا . وقد نقل طول عمره أبو الفرج بن الجوزي وغيره ، وما علمتُ في ذلك شيئاً يُركَنُ إليه . روَى جعفر بن سليمان : عن ثابت البُنَاني - وذلك في العِلَل لابن أبي حاتم – قال : لما مرض سلمان خرج سعدٌ من الكوفة يعودُه فقدِمَ فوافقه وهو في الموت يبكي فسلَّمَ وجلس وقال : (ما يُبكيك يا أخي ألا تذكر صُحبة رسولِ الله ، ألا تذكر المَشَاهد الصالحة ؟) قال : (والله ما يُبكيني واحدة من ثنتين : ما أبكي حبّاً بالدنيا ولا كراهِيَةً لِلِقاء الله .) قال سعد : (فما يبكيك بعد ثمانين ؟) قال : (يبكيني أنّ خليلي عَهِدَ إلَيَّ عهداً قال ﴿ ليكن بلاغ أحدكم من الدنيا كزاد الراكب ﴾ وإنا قد خشينا أنا قد تعدينا ) ..... وهذا يوضح لك أنه من أبناء الثمانين . وقد ذكرتُ في تاريخي الكبير أنه عاش مِائتَيْن وخمسين سنة ، وأنا الساعةَ لا أرتضي ذلك ولا أصَحِّحُهُ . ) .

فهنا قد حقق وتثبت الذهبي صاحب كتاب ( أهل المئة فصاعدا ) الذي أثبت في كتابه هذا كثير من المعمرين ورد على شبهات المشككين ، ثم يأتي البدراني ويزعم بأن هؤلاء المصنفين ينقلون دون تثبت وتحقيق !! الله المستعان .

وقال أيضاً الذهبي في ( الميزان ) ( 1/ 243) عند ( رتن الهندي ) حين زعم بأنه مُعمر !! قال : (رتن الهندي وما أدراك ما رتن شيخ دجال بلا ريب ظهر بعد الستمائة فادعى الصحبة .. ) .

وقد صنف فيه العلامة الذهبي جزءاً فيه سماها (كَسْرُ وَثَنِ رَتَنْ الهِنْدِيِّ ) وبين دجله وأباطيله ، وقد قال الذهبي في ( تاريخ الإسلام ) ( 46/99) عند ترجمة رتن الهندي ! : ( وقد أفردتُ جزءاً فيه أخبارُ هذا الضَّالِّ ، وسميتُهُ (( كَسْرَ وَثَنْ رَتَنْ((  ....... ) .


فهل بعد هذا يأتي الأخ البدراني ويرمي من صنف في المعمرين بأنهم لا يتثبتوا ولا يحققوا ؟!! الله المستعان .



قال الحافظ ابن حجر العسقلاني في ( الإصابة ) ( 3/345) عند ترجمة ابو سليمان العبدي : ( وأظن سليمان وهم في ذكر سن أبيه ، لأنه لو كان غلاماً سنة الوفود ، وعاش هذا القدر ؛ لبقي إلى سنة عشرين ومئة ، وهو باطل ، فلعله قال : عاش مئة وعشر ... ) !

وقال الحافظ العسقلاني أيضاً في ( لسان الميزان ) ( 3132 ) : ( الربيع بن محمود المارديني : دجال مفتر ادعى الصحبة والتعمير في سنة 599 ) .

وقال أيضاً في ( الإصابة ) ( 1/551) : ( جعفرُ بنُ نسطورٍ الروميُّ ، أحدُ الكذَّابين الذين ادَّعوا الصُّحبةَ بعد النبيِّ صلَّى اللَّه عليه وسلَّمَ بمئينَ من السنينِ ، قرأتُهُ بخطِّ مُغْلَطَاي مُسْتِدركاً على ابنِ الأثيرِ ، وكذا استدركه ابنُ الدَّبَّاغِ على ابنِ عبدِ البَرِّ ، وكذا استدركه الذهبيُّ في )) التجريدِ ))، لكن قال : الإسنادُ إليه ظلماتُ ، والمتونُ باطلةٌ ، وهو دجالٌ ، أو لا وجودَ له ، رُئِىَ بناحيةِ فارابَ من أرضِ التُّرْكِ في سنةِ خمسينَ وثلاثِ مائةٍ قلت : لم تَطُبْ نفسي بإخراجِهِ في القسمِ الأَوَّلِ( ..

وقال أيضاً في ( الإصابة ) ( 2/190) : (حاتم غير منسوب، اختلقه بعض الكذابين، فروى أبو إسحاق المستملي وأبو موسى من طريقه أنه سمع نصر بن سفيان بن أحمد بن نصر، يقول: سمعت حاتماً يقول: اشتراني النبي صلى الله عليه وآله وسلم بثمانية عشر ديناراً، فأعتقني فكنت معه أربعين سنة.
قال المستملي: كان نصر يقول: إنه أتى عليه مائة وخمس وستون سنة.
قلت- أي ابن حجر-: فعلى زعمه يكون حاتم المذكور عاش إلى رأس المائتين، وهذا هو المحال بعينه ) .

فهذا تحقيق وتثبت من حافظ زمانه العسقلاني صاحب كتاب (تعريف الفئة فيمن عاش من هذه الأمة مئة ) الذي أثبت فيه كثير من المعمرين ، ثم يأتي البدراني ويزعم بأنهم نقلوا دون تثبت وتحقيق !! وإلى الله المشتكى !


وكأن البدراني هو الموثق والمحقق والمتثبت باستنتاجاته وآراءه الخالية من البراهين وجاء يناطح كبار المحققين بقرن من عجين !!

والذهبي والعسقلاني أثبتوا بأن هناك معمرين وصنفوا في ذلك رسائل وهم أهل التنبيش والتحقيق والغربلة .

وأنصح الأخ البدراني بأن يعكف على كتاب ( أهل المئة فصاعدا ) للذهبي محقق زمانه كيف يغربل ويثبت بأن فلان معمر وفلان لا يصح بأن يطلق عليه معمر ... الخ  وكذلك الحافظ العسقلاني ، خيراً من أن يسلك الأخ البدراني التشكيك ونفي هذه الأخبار باستنتاجاته دون الركون للمحققين من أهل الحديث .



باب ( 3 ) (تعقيبات على بعض تعليقات الأخ البدراني حول تراجم بعض المعمرين ) .


قال البدراني عند ( حسان بن ثابت ـ رضي الله عنه ـ ) كما في كتابه ( ص 38) : ( كما أنه لا دليل على هذا القول حتى وإن تناقله أصحاب التراجم ) !!!

قلت : الغريب من البدراني بأنه يطالب بالدليل !! وينفي بدون دليل  إنما على ضوء استنتاج عقلي !! وقوله : ( حتى وإن تناقله أصحاب التراجم ) ! فهذا فُحش ! فالذين تناقلوا هذا هم علماء كبار محققين لهم صولة وجولة في ميادين التحقيق ، فيلزمك القبول كما قبل بها أكثر العلماء المحققين .


قال ابن حجر العسقلاني في ( الإصابة ) ( 1/326) عند ترجمة حسان بن ثابت ـ رضي الله عنه ـ : ( والجمهور أنه عاش مئة وعشرين سنة ... ) !

ثم يأتي الأخ البدراني وينسف هذا كله ! ولا يقبل قول  الجمهور  والله المستعان .

وقد نقل السخاوي في ( فتح المغيث ) في ( مسألة الجزء الرابع ) قال : ( ومن قال به في مطلق كونه عاش مائة وعشرين الجمهور ، منهم الواقدي، وحكاه ابن حبان ممرضا ، وفي مبلغ سن ثانيهما على التفصيل أيضا إبراهيم بن المنذر فيما حكاه البخاري عنه ، ومصعب بن عبد الله الزبيري وابن حبان وابن عبد البر ، وكما قال به في سنة وفاة أولهما أبو عبيد القاسم بن سلام وابن البرقي ، وحكاه عن ابن هشام ، وجزم به الذهبي في ( العبر ) ... ) .


ورد الأخ البدراني هذه المسألة بدون أدلة وبراهين إنما تكهناته وتشكيكاته الخالية من المهيع العلمي في هذه المسألة  .

فهذا الإمام السخاوي قد رد على مسألة عُمر حسان بن ثابت ـ رضي الله عنه ـ وأثبت أنه من المعمرين لكن شكك في كونه عاش مائة وعشرون لكن بكلام علمي وخرج بأنه يدرج في المعمرين ، بخلاف تشكيكات الأخ البدراني  التي لم تتسم بالعلمية  ..

قال السخاوي في ( الفتح ) ( الجزء الرابع ) : (أما حسان ; فلأنه روي أنه لما قدم النبي صلى الله عليه وسلم المدينة كان ابن ستين سنة ، وهو غير ملتئم بذلك مع كل من الأقوال في وفاته ; لأنه على القول بأنها سنة أربعين يكون قد بلغ مائة أو دونها ، أو سنة خمسين يكون بلغ مائة وعشرة ، أو سنة أربع وخمسين يكون بلغ مائة وأربع عشرة ، وهو أقربها ) .

فخرج الإمام السخاوي بأن حسان بن ثابت قد بلغ مائة وأربع عشرة ، وهذا هو تحقيق العلماء المحققين ليس كما ينهج الأخ البدراني في نسف هذا كله بغير علم إنما على استنتاجاته التي لم يدعمها بنصوص .


ومسألة الاختلاف في أعمار المعمرين لا يؤخذ بها سبيل للنفي !! إنما هذا اختلاف وارد كما هو الاختلاف في الأنساب !

فمثلاُ قبيلة حرب الكريمة فيها أكثر من قول في نسبها وهذا موجود في كل القبائل العربية ، فلا يصح بأن ننفي هذه الأنساب بمجرد الاختلاف وتضارب الروايات ، إنما وجب الترجيح بينها .



باب ( 4 ) (تناقضات الأخ البدراني ) .

أستشهد الأخ البدراني في كتابه بنصوص ذهبي عصره العلامة الذهبي في نفي بعض الأخبار عن المعمرين ! وتناسى بأن الذهبي قد صنف رسالة مستقلة في إثبات المعمرين ! لكنه أخذ ما له وترك ما عليه .

قال الأخ البدراني في كتابه ( ص 46)  عند ترجمة سلمان الفارسي ـ رضي الله عنه ـ : ( قال الذهبي : وهو قول منقطع لا إسناد له فلعله عاش بضعاً وسبعين سنة وما أراه بلغ المئة .. ) .

قلت : فهل يأخذ الأخ البدراني في كثير من الأعيان الذين أثبتهم العلامة المحقق الذهبي في كتابه ( أهل المئة فصاعدا ) ؟!


قال الأخ البدراني في كتابه ( ص 70) عند ترجمة نافع العبدي قال : ( علق المحقق بقوله : قال الذهبي رحمه الله : على هذا القول إن صح يكون قد عاش نافع إلى دولة هشام أو سليمان غير معروف ... ) .. فلعل الإمام الذهبي يقصد أنه لا يمكن أن يعيش أحد رأى النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ بعد سنة 110 هـ لأن الرسول قال في آخر حياته : لا يبقى بعد مئة من تلك الليلة على وجه الأرض أحد .. ) .

قلت : وهذا دليل على أن الأخ البدراني لم يطلع على كتاب العلامة الذهبي ( أهل المئة فصاعدا ) لأن الذهبي رد على هذه الشبهة التي قولها البدراني للذهبي بغير علم وأستعمل لها ( فلعل الإمام الذهبي يقصد أنه لا يمكن أن يعيش أحد رأى النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ بعد سنة 110 هـ لأن الرسول قال في آخر حياته : لا يبقى بعد مئة من تلك الليلة على وجه الأرض أحد ..) !!

وهذا رد محقق زمانة وذهبي عصره الذهبي على هذه الشبهة التي زعم الأخ البدراني بأن الذهبي يقصدها !!

قال الذهبي في ( أهل المئة فصاعدا) ( 5) في سبب تأليفه لهذا الكتاب : ( حداني على جمعه إنكار بعض الناس أن يكون أحد من هذه الأمة تعدى المئة ولا شبهة لهم إلا الحديث المشهور عن ابن عمر أن النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ : ( ارايتم ليلتكم هذه فإنه ليس من نفس منفوسة ياتي عليها مئة سنة )  حديث صحيح رواه مسلم ،  فهذا حق فما أتى على أحد ممن كان حياً وقت مقالته بعد ذلك مئة سنة ، فقال المخالف : فإذا كان ـ صلى الله عليه وسلم ـ أخبر أن بعد المئة لا تبقى عين تطرف وكذلك يكون القرن الذي يليه ، وهذا لا ينهض ، فإن الرسول ـ صلى الله عليه وسلم ـ لم يقله ولا هو داخل في عموم نفسه ، وقد جرينا بوجود من جاوز المئة بعد ذلك من أمته .. ) .

فهذا رد واضح من ذهبي عصره على شبهة الأخ البدراني .

ولا أدري هل يقبل الأخ البدراني قول ذهبي عصره أم سوف يلجأ إلى استنتاجاته ؟!!


باب ( 5 ) (وقفة مع الأخ البدراني ) .

قال الأخ البدراني في كتابه ( ص 62) : ( ولا أظن إلا أن هذا الخبر من جعبته ابن الكلبي وأقرانه في مجتمع لا يسأل عن الدليل ، ولا يجرؤ على تكذيب الإخباريين ) !!

قلت : سبحان الله ، وكأن الأخ البدراني هو من يسأل عن الدليل ويجرؤ على تكذيب الإخباريين !! وكيف عرف الأخ البدراني بأن ( ابن الكلبي ) كذاب ؟! إلا من مجتمع ابن الكلبي حيث جرحوه علماء وقته ومن بعده وبينوا بأنه ( كذاب ) لا تقبل رواياته في الحديث ، وتلقف الأخ البدراني هذا  الجرح في ابن الكلبي من كتب هؤلاء العلماء ثم يزعم بأنهم لا يتجرؤون على تكذيبه !!

الله المستعان من الافتئات على العلماء وهذه العبارة فيها طعن واضح في العلماء الثقات ، ولا أظن الأخ البدراني يقصد ذلك !! فلعلها سبق قلم منه !

ومسألة روايات ابن الكلبي فيها تفصيل ، فرواياته في ما يتعلق بالأنساب فتقبل وقد شهد له الإمام أحمد بن حنبل وأستشهد به كثير من علماء الحديث في الأنساب  ، أما رواياته في العقائد والحديث فهو  متروك  لا يقبل حديثه  ، وهذه مسألة يطول المقام لذكرها .


وفي النهاية أرجوا من الأخ البدراني بأن يعيد النظر في كتابه ولا ينسف أقوال العلماء على ضوء استنتاجاته هو !! دون الركون للمنهج العلمي ، بل عليه بأن يسلك مسلك الذهبي وابن حجر العسقلاني والسخاوي .. الخ .

وأنا لم أتتبع الأخ البدراني في كل التراجم التي سردها في كتابه ( روايات المسنين وأخبار المعمرين ) وذلك لأن رسالة الحافظ المحقق الذهبي تكفي للرد عليه وكذلك العسقلاني ، إنما فقط أحببت بأن أعلق على بعض تعليقات الأخ البدراني التي لا بد بأن أوضحها لا سيما بأنه ينفي ويشكك على هواه وينسف هذه الأخبار من أولها إلى آخرها باستنتاجاته !! والله المستعان .



تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

لا يمكن اضافة تعليق جديد