الرهان على مصر
يبدو أن مصر أمام احتمالين مستحيلين؛ الأول، هو عودة حكم «الإخوان» كما مورس فيما بعد زمن انتخاب السيد محمد مرسي، والثاني، عودة حكم مبارك كما مورس على الأقل في السنوات العشر الأخيرة من ذلك الحكم بسلبياته المعروفة. كلما قربت الأطراف السياسية المصرية من الاعتراف بالمستحيلين، قربت مصر من الخروج من النفق المظلم الذي تدخل فيه. النفق المظلم له فرعان؛ الأول اقتصادي، وهو أمر يعرفه أهل الاختصاص في مصر، وأيضا تراهن عليه قوى الإخوان المسلمين المتشددة، عن طريق تعطيل ما يمكن تعطيله من عجلة الإنتاج، بالمظاهرات الدورية والاحتجاجات، حيث يعاني الاقتصاد من بطء في النمو وتضخم في نفس الوقت، مما يثير قطاعا واسعا من المصريين، والثاني، التوتر الأمني الذي تتصاعد وتيرته إلى حد الوصول إلى الإرهاب المنظم.
«الإخوان» يتهمون الحكم الجديد بأنه يريد إنتاج عصر مبارك بوجه جديد، والحكم الجديد يزيد من كشف سوءات حكم «الإخوان» القصير، والذي فشل في إدارة الدولة داخليا وخارجيا إلى حد العجز.
يعصف في مصر تيارات متشددة اليوم لم تعد مظاهرها خافية، إنها قوى وصلت في رفع التوتر إلى مستوى من (الإرهاب) لم تعرفه مصر، بل بعض المتشائمين لا يصرفون النظر عن فكرة حرب أهلية محدودة قد تقع في أطراف من مصر، إن استمرت الأمور على ما هي عليه.
خارطة الطريق المصرية هي كتابة دستور جديد، وانتخابات برلمانية، ثم انتخابات رئاسية. إلا أن ذلك يحتاج أن يحدث في بيئة سياسية مستقرة، هي حتى الآن لم تصل إلى حالة الاستقرار، كما أن الخارطة الزمنية الموضوعة غير واقعية، فالعملية السياسية تحتاج إلى زمن قد يطول، وهو ليس بالضرورة في صالح الاستقرار، حيث إنه كلما طال الزمن على تحقيق الخطوات الثلاث، قدم وقودا للمعارضين لتبرير صحة وجهة نظرهم أمام الجمهور العام.
المقلق هو أن تنتهي هذه العملية السياسية، كما هو متاح من معلومات، بانتخاب الفريق عبد الفتاح السيسي رئيسا للجمهورية، وهو أمر لم يعد سرا، رغم نفي الرجل لمثل هذه الإشاعات، ولكن هناك رغبة شعبية لا تخفى أيضا. إلا أن وصوله في النهاية إلى سدة الحكم سوف يؤكد لدى المعارضين، وهم الآن ليس فقط قطاعات الإسلام السياسي، بل ترفدها أيضا شريحة من النخب المدنية، تؤكد العودة إلى حكم العسكر، وقد يتيح للمعارضة تصعيد مقولاتها للحديث عن (إنتاج نظام مبارك من جديد). في مثل هذه الحال سوف يتصاعد التوتر الاجتماعي وتضيق الفرص الاقتصادية المتاحة.
من جهة أخرى بسبب كثرة ما انكوى المصريون في العصر الحديث من (الفرعون) هناك اتجاه قوي لدى من يكتب الدستور الجديد لتقليص سلطة الرئيس لصالح قوى البرلمان والأحزاب التي يمكن أن تظهر، وفي ضوء ضمور للعمل الحزبي، فإن المتوقع حدوث ارتباك في المشهد السياسي القادم، تسيطر عليه الخلافات إن لم تكن الفوضى البرلمانية، ولأن الرئيس محدود الصلاحية في الدستور، يمكن إعادة إنتاج (الحالة اللبنانية)، واحتمال أن يستمر التوتر السياسي وقد يتصاعد.
على المقلب الآخر فإن الإسلام السياسي إن صحت التسمية هو الأكثر تجذرا والأكثر تنظيما، كما أنه المشاهد في عدد من الدول والمجتمعات المحيطة، على اختلاف اجتهاداتها. في المنطقة هناك حكم الإسلام التركي والسوداني والإيراني وربما التونسي، وشيء منه في العراق أيضا. بمعنى أن شرائح اجتماعية كبيرة ما زالت تعتقد أن المرجعية الإسلامية للحكم هي الأكثر قربا لمزاجها الشعبي، جراء عاملين؛ فشل نخبوي، وهجوم على العقول غير مسبوق، إن أضفنا إلى ذلك تجذر حركة الإخوان المسلمين في مصر وتأثيرها على الحركات التي نشأت من صلبها في بلدان عربية وغير عربية، يمكن أن نكتشف ذلك التساند الحركي الإقليمي الماثل في السياسات كما هو ماثل بكثافة على وسائط الاتصال الجديدة.
على سبيل المثال على الرغم من أن البعض يستغرب هذا الاندفاع التركي شبه الرسمي لمساندة «إخوان مصر»، كون التجربة السياسية التركية مختلفة عن التجربة القصيرة المصرية، كما أن الأتراك قدموا الكثير من النصائح السياسية، إبان صعود «الإخوان» المصريين إلى الحكم، كثير منها ضرب به عرض الحائط، إلا أن الإسلام التركي في أصله مصري. وتفسير ذلك أنه بعد انقطاع طويل فرضته الأتاتوركية على تركيا لعقود كثيرة بعدا عن الثقافة الإسلامية، جاء الانفتاح التركي التدريجي في عشرية عدنان مندريس (1950 - 1960) بالعودة التدريجية للثقافة الإسلامية وعلى فضاء إسلامي لم يجد أمامه إلا أدبيات الإسلام السياسي المصري، يمكن القول إن تلك الفترة التي شهدت ترجمات الفكر الإسلامي إلى اللغة التركية، كان مصدرها مصر، وجل ثقلها من أدبيات «الإخوان». هذا ما يفسر جزئيا الموقف التركي اليوم من أحداث مصر.
كما أن الكثير من الشواهد التاريخية تقدم أدلة على علاقة ما بين الفكر الإسلامي المصري، جله إخواني وكوادر الثورة الإيرانية، وعلى رأسهم اليوم السيد على خامنئي وعدد من أهل السياسة والدين في إيران. والأكثر تأكيدا هو خطاب الرئيس التونسي المنصف المرزوقي في الأمم المتحدة قبل أسبوعين، حيث انتقد التغيير في مصر، وكانت عباراته ليست بعيدة عن رغبة زعماء النهضة التونسية ذات الهوى الإخواني، بل ربما بموافقتهم على النص بحذافيره الذي تلاه الرجل على المنصة الدولية، وأثار الكثير من ردات الفعل الغاضبة في القاهرة.
مجمل الحديث إن الحل الأمني من أي جانب، سواء من جانب السلطة الحالية المصرية أو من جانب قطاع متشدد من «الإخوان» يلجأ اليوم إلى شيء من العنت السياسي والإرهاب المادي والتفجير والقتل، كل هذه الأداة التي يمكن تسميتها بـ(المغالبة بالقوة) لن تجد لها إلا طريقا مسدودا، تدفع فيه مصر والمصريون ثمنا باهظا. لا حكم «الإخوان» كما تجلى لدى مرسي ومكتب الإرشاد بقابل للحياة أو الاستمرار، ولا شيء من حكم مبارك يمكن أن يعود. المعضلة هنا أن أيا من الفريقين يرى أنه يمكن أن يطيح بالآخر ويهمشه أو يرغمه على التراجع، تلك أضغاث أحلام. المراهنة أن يخرج «إخوان مصر» من (الحالة الأربكانية) إن صح التعبير إلى (الحالة الأردوغانية) إن صح التعبير مرة أخرى. أي القبول بمشاركة محدودة ومتدرجة في العملية السياسية القادمة وتطهير أدائهم العملي على قاعدة الاعتراف بالدولة المدنية، وتأكيد القبول بتبادل السلطة السلمي من خلال صناديق الاقتراع، وإصلاح ما اعوج من خطابهم السياسي.
لقد أثبتت المرحلة السابقة من حكم «الإخوان» في مصر محدودية خيال الجيل الأكبر (الآيديولوجي) في الحكم، والمراهنة الحاضرة على جيل شاب هو اليوم في مرحلة الميلاد، وسيكون من حسن حظ مصر وربما العرب أن يخرج هذا الجيل إلى الوجود في مراجعة شجاعة لما اقترفه الآباء من ضلال.
آخر الكلام:
المعارضة السورية المسلحة ذات المرجعية الإسلامية هي في الجانب الصحيح من السياسة، ولكنها في الجانب الخطأ من التاريخ.
* الشرق الاوسط
لقاء يبحث احتياجات مواطنين وأصحاب أعمال في العقبة
مدير الأمن العام يلتقي وزير العدل لبحث تعزيز التعاون المشترك
الصفدي: سوريا يجب أن تنجح والفشل ليس خيارا
وزير الزراعة يتفقد مديرية وادي السير
المبعوث الأميركي: الأردن شريك محوري في جهود السلام بالسويداء
التعليم النيابية تزور جامعة الشرق الأوسط
مشاريع تعبيد طرق في جرش لتحسين البنية التحتية
مواجهتان في نصف نهائي كأس الأردن لكرة الطائرة الأربعاء
وزير الخارجية: الأردن يقف بالمطلق مع سوريا في جهود إعادة البناء
لجنة أمانة عمّان تمدد قرار تصويب مخالفات الارتدادات واللافتات
زراعة الأعيان تطلع على عمل مؤسسة الإقراض الزراعي
اطلاق ملتقى مسارات الإبداع في وادي الأردن
وزيرة التنمية الاجتماعية تلتقي نقيب الصحفيين ولجنة المرأة
تعديل ساعات عمل جسر الملك حسين الشهر الحالي والقادم
أسرار حجز تذاكر طيران بأسعار مخفضة
عمل إربد تعلن عن وظائف وإجراء مقابلات بشركة اتصال
سعر الذهب عيار 21 في الأردن اليوم
الصفدي يلتقي وزير خارجية كرواتيا في عمّان اليوم
نصائح لقبول تأشيرة شنغن بدون عقبات
مرحلة جديدة تدشّنها إسرائيل… عنوانها العربدة
دراسة تكشف ديناميكيات الانقلابات العسكرية في إفريقيا
قيادات حماس التي استهدفتها إسرائيل في الدوحة .. أسماء
العياصرة: التوسع الاستيطاني يعبر عن حالة التوحش في إسرائيل
الصحة النيابية تطلع على الخدمات بمستشفيي الإيمان
جامعة اليرموك تحصد المركز الأول في مسابقة أكاديمية حكيم
اتفاقية بحثية بين البلقاء التطبيقية وماليزيا كلانتان .. صور