الدور الآخر للسائقين ..

mainThumb

02-09-2015 03:53 PM

لو سألنا أي مواطن ؛ ما هو الدور الذي يؤديه السائقون في مجتمعاتنا ؟ لأجابنا بما يلي  : إن دورهم روتيني ومحدد بنقل الركاب من مكان إلى آخر  ...


و لكن هذا الدور الروتيني والسطحي لن يقبل به السائق الذي ملك الإيمان الصادق وفهم معنى الحقيقي لقوله تعالى : كنتم خير أمة أخرجت للناس تأمرون بالمعروف وتنهون عن المنكر وتؤمنون بالله ... وقوله تعالى :


ادع إلى سبيل ربك بالحكمة والموعظة الحسنة وجادلهم بالتي هي أحسن إن ربك هو أعلم بمن ضل عن سبيله وهو أعلم بالمهتدين ( صدق الله العظيم ) .


فالسائق الذي يقود ويوجه مئات الركاب في كل يوم„ يمكن له أن يوجه عقولهم ؛ والسائق الذي يتحكم بأرواح الناس يمكن له التحكم في قلوبهم  ، فبرأيي يمكن للسائق ولا سيما سائقي الحافلات القيام بدور :  المرشد والواعظ والموجه والمصلح والموجه لسلوكيات الركاب  ؛ ودون أن ينطق بحرف أو بكلمة„ واحدة ( معتمدا” على الكلمة والإبتسامة وعلى الأشرطة التسجيلية ) !!!


قبل أن تغزونا الموبايلات وبرامج التواصل الإجتماعي  المختلفة  ، والتي استخدمها البعض في جوانب ايجابية ؛ واستخدمها آخرون في جوانب هدامة ؛ كنت أذكر دائما” بأن السائق العمومي له دور مهم في تقويم  واصلاح المجتمعات ، ولكنه لم يزل متقاعسا” أو جاهلا” بأهمية دوره الإجتماعي والإصلاحي  ، والذي لا يقل أهمية عن أهمية برامج التواصل الاجتماعي المعروفة ، ولكنه دور السائق مرهون بوجود السائقين الغيورين والساعين لنشر قيم الخير والفضيلة في المجتمعات ....


وعلى الجانب الآخر ؛ فبعض السائقين قد يكونون معاول هدم للمجتمع وللاخلاق وللعقيدة ؛ في حالة إصرارهم على عرض الأغاني الساقطة والتفاهات على مسامع الركاب  ...


وهذه التفاهات والموسيقى الصاخبة والأغنيات الهابطة ، ستظهر أثارها السيئة على سلوك الركاب في نواحي عديدة  ، ومن هنا جاءت فكرة قيام السائقين بدور جديد  لتوعية وارشاد الأجيال ولبناء المجتمعات  ...


ولكن الواقع الحالي الذي نشاهده في أغلب حافلاتنا العمومية ، هو واقع سلبي ويعاكس ما نأمله ونبتغيه ، فأغلب السائقين يعرضون ما هب ودب من الموسيقى والاغاني الهابطة ... وأمثال هؤلاء يساهمون في تدمير القيم وهدم الأخلاق وفي تلويث الأمزجة والمشاعر ، وهم مذنبون أمام ربهم  ، ويتحملون إثمهم واثم كل من طرب لهم ...


ولكن  ، لو توفر السائق الملتزم والمنضبط والمثقف  ؛ والذي يحمل في داخله هم ومشاكل المجتمع والوطن ؛ ويعمل على إرشاد وإصلاح المجتمع بالابتسامة والكلمة الطيبة ؛ ويشغل الأشرطة الهادفة للركاب ليتعلموا ويتعضوا ؛ فسنلاحظ تبدل الحال في مجتمعاتنا  ، والسائق هنا يتقدم لمنارسة دور :  المرشد والمصلح والمعزز للأخلاق وللقيم الفاضلة ، ويرتقي لدور الناقل للعلم وللثقافة ودون أن ينطق بكلمة أو حرف  ... !!!


 فعلى سبيل المثال لا الحصر : إذا رأى سائق الحافلة بأن غالبية ركابه هم من كبار السن ، يبادر لإسماعهم الأشرطة التي تحتوي على توجيهات لطرق التربية السليمة للأبناء ؛ وتعرفهم بحقوق الجيران وبحقوق الناس والمجتمع والوطن ...  وإذا كانت غالبية ركابه هم من صغار السن أو من المراهقين  ، يسمعهم أشرطة تبين لهم الآداب العامة ، وتوضح  لهم دور الشباب المهم في صنع المستقبل وفي بناء الأوطان  ، ويسمعهم مواعظ تبين  ضرورة الإلتزام بالأخلاق الفاضلة وبالقيم النبيلة ؛ وتحثهم على بر الوالدين وعلى صلة الأرحام ؛ وتبين أهمية مساعدة الفقراء والمحتاج  ؛ ويمكن عرض وصايا تبين للشباب بأن الحياة الدنيا هي تبادل سريع للأدورار  ، فالصغير غدا” يهرم ؛ وكما تدين تدان  ...


 وإن لاحظ السائق بأن غالبية الركاب غلب عليهم النساء بادر  لعرص الأشرطة” التي تبين دور المرأة في إعداد وتربية النشيء والأجيال ، والتي تحتوي على دروس توضح حقوق الأبناء والأزواج ، وتحث النساء والفتيات على العفة والحشمة ليحفظن أنفسهن من النفوس المريضة ومن الذئاب البشرية  ... إلخ


 لا يوجد سائق عمومي على علم بطبيعة ونوعية ركابه الجالسين  من حوله ، فربما كان من بين ركابه من ينوي السرقة  ؛ وربما جلس معه من بنوي الإجرام أو ارتكاب الفحش والمعصية  ، وقد يكون بين ركابه العاق لوالديه والقاطع لرحمه والظالم لزوجته والمهمل لأبناءه ولاسرته ، وقد يكون من بين الركاب مدمن الخمرة والمفرط بالصلوات وبالعبادات  ..... الخ ،


ورب كلمة طيبة منعت معصية ؛ وأعادت الرشد لعاق„ أو لقاطع  الرحم  ؛ ورب موعظة صادقة أوقفت جريمة ؛ ورب آية قرانية أرجعت منحرف لصوابه ولفطرته ولعقله  ، ورب حديث نبوي شريف كان سببا” لتوبة منحرف وعاصي  ، أو كانت سببا” لتوبة عاق„ لوالديه أو قاطع„ لرحمه أو ظالم„ لأهله  ...


لذلك فدور السائقين رئيسي واذأساسي في الحياة ؛ وهو دور مكمل لدور المعلمين والتربويبن ولدور الوعاظ وأئمة المساجد ؛  ولكنه دور معطل ؛ ولو جرى تفعيله ووجه للوجهة الصحيحة للمسنا أثاره الطيبة على مجتمعاتنا ...


وأخيرا” فأمام السائقين ثلاثة خيارات وهي : إما البقاء على الدور الإعتيادي  المحدد لنقل الركاب ، وإما ممارسة الدور السلبي المدمر للأخلاق وللقيم عن طريق الأغاني الرخيصة والوضيعة ؛ أما الخيار الآخر فهو ارتقاء السائق لممارسة دور  الداعية والمرشد والموجه للمجتمعات  ؛ بالاعتماد على الأشرطة التسجيلية الهادفة ودون أن ينطق بحرف   ...



تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

لا يمكن اضافة تعليق جديد