الخيار الأردني

mainThumb

05-05-2016 10:09 AM

حسم الأمر ، ووضعت الأقلام وجفت التكهنات ، وبات واضحا ،  ‏أن  المقاولة رست على  الخيار الأردني رسميا ، وجرى  إستبعاد ‏‏"الفقوس" الفلسطيني نهائيا عن بورصة التنازلات  ، وأجمعت كافة ‏الأطراف المعنية  "الأردن  والسلطة وإسرائيل " على هذا الخيار ‏كحل نهائي ، وشطب رسمي للقضية الفلسطينية .‏
 
ما لم يدر في خلد الجميع ، أن هذا الحل سيكون مؤقتا  ، وسيظهر ‏إلى الوجود لفترة تمتد من 5-15 عاما على أبعد تقدير ،  ثم تنفجر ‏الأوضاع مجددا ، لأن القضية الفلسطينية  قضية  سماوية بإمتياز ، ‏وقدر الله سينفذ ، وأولو التوراة الصحيحة يعرفون ذلك حق المعرفة ‏، ويعقدون حلقات لبكاء كل ما سمعوا أن الصهيوينة  نجحت في ‏تغرير يهودي وأجبرته على  مغادرة وطنه الأصلي  إلى ‏‏"إسرائيل".‏
 
ذات يوم  ، وبعيد الإحتلال ، وأنا شاب يافع  ،  جرى نقاش بيني ‏وبين مستدمر  خزري  في الضفة الفلسطينية  ، وقال لي بالحرف ‏الواحد "يا خبيبي ، إحنا طالعين من هالبلاد إذا مش اليوم فبكرة  "! ‏فسألته عن المستدمرات التي بنوها  في الضفة ، وكان رده أن  من ‏العرب  تعهدوا  بتعويض إسرائيل  بعشرة دولارات عن كل دولار ‏دفعته في المستدمرات. ‏
 
بعد ذلك إنتفض وقال : لكن عليك ان تعلم يا خبيبي أننا عندما  ‏ننسحب من هذه البلاد  فلن نعيدها إليكم كفلسطينيين! فسألته : ولمن ‏ستؤول إذا؟ فأجاب بأريحية  : سنسلمها للملك حسين لأننا نثق به ‏أكثر من ثقتنا  بعرفات !.‏
‏ ‏
منذ ذلك الحوار وأنا أرصد التحركات والتطورات والمشاريع  ‏الإستسلامية التخديرية رغم تأجج نار الكفاح المسلح ، وأعطي رأيا ‏مسبقا  بأن هذا المشروع أو ذاك سيكون مآله الفشل ، الأمر الذي لم ‏يكن يروق للكثيرين الذين كانوا واهمين بأن دولة فلسطينية  سترى ‏النور  يوما ! وكنت متيقنا أن كل التطورات والأحداث الدراماتيكية ‏التي شهدت سفح الدم الفلسطيني هنا وهناك ، كان  إمعانا في سفح ‏الحقوق الفلسطينية  وهدرا متعمدا للهوية الفلسطينية .‏
 
كان الوجع أكثر  وأشد إيلاما بعد قمع الثورة الفلسطينية ، وقتل ‏الشعور الفلسطيني ، وما حدث  خاصة في بيروت  عام 1982 ، ‏وصمت نظام  الدجل العربي في دمشق عن سحق المقاومتين ‏اللبنانية والفلسطينية ، وإحتلال بيروت من قبل  السفاح شارون ، ‏خير شاهد على ذلك ، إذ كان  هذا النظام  شريكا   للسفاح شارون ، ‏ولذلك فإن نهايته  التي نراها لن  تحزن أحدا.‏
 
بعد أوسلو توهم البعض أن هناك دولة فلسطينية قادمة  ، لكنني لم ‏أغادر حدسي ، ولم أغيّب نظرتي للأمور ، وها نحن في المشهد ‏الأخير ، إذ بات واضحا جليا  أنه لن تكون هناك دولة فلسطينية ولا ‏سيادة فلسطينة  ولا فقوسا فلسطينيا ، بل  سيتم تنفيذ مشروع الخيار  ‏الأردني ، لأن المقاولة   رست على الخيار الأردني ، ولهذا الخيار ‏بطبيعة الحال تبعات كثيرة يجب أخذها بعين الإعتبار.‏
 
معروف أن الضفة الفلسطينية  إنسلخت عن المملكة  إثر مسرحية ‏الساعات الست  التي يطلق عليها حرب الأيام الستة ، بمعنى أنها  ‏ضاعت  في العهد الأردني ، وعليه يجب على الأردن أن  يعيد ‏النظر  في حساباته ولا يقبل العرض الإسرائيلي ، الذي يسمح ‏بإعادة أشلاء من الضفة الفلسطينية إليه .‏
 
صحيح ان الفلسطينيين هناك قد قرفوا من الإحتلال ، رغم أنهم ‏بذلوا الغالي والنفيس ، فهل سيقبلون  بأقل من دولة فلسطينية  ذات ‏سيادة ؟ ولذلك فإن الوضع الجديد في  أشلاء الضفة  التي سيتسلمها ‏الأردن سيكون  في غير ذات السياق ،  رغم أن الفلسطينيين  ‏وحدويون بطبعهم لكن الأمر هنا يختلف ، فلو أن الجيش الأردني ‏إنتزع حتى ولو  شبرا واحدا من براثن الإحتلال  ، لأقيمت النصب ‏التذكارية وعمت الفرحة كافة الأرجاء.‏
 
التمنع الأردني في هذه الحالة من ضمن الحلول المطروحة كي لا ‏يتحمل الأردن تبعات  محددة ،  وبما أن الصوت الأردني مسموع  ‏لدى دوائر صناع القرار العالمية ، فإن بإستطاعة الأردن أن يعلن ‏رفضه لهذا المشروع  ، بمواصفاته المطروحة عندها سيضطر ‏المجتمع الدولي إلى إعادة حساباته ، لكن في حال بقاء الأردن  في ‏خانة السهل الممكن ، فإن الأردن سيتحمل تلك التبعات  ، وربما ‏تدخل الأمور في  نفق  لا نريده.‏


تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

لا يمكن اضافة تعليق جديد