أدركوهم قبل أن تفقدوهم - رائد علي العمايرة

mainThumb

31-07-2016 10:26 AM

مصيبة كبرى تتعرض البلاد لها ولا يتفطن- لعواقبها وويلاتها المرتقبة-أحد سواء كان مسؤولا عاما أو خاصا .
 
يقال حسبما ينشر من أرقام أن خريجي الثانوية العامة الراسبين في العامين الأخيرين ينوف عن مئة وخمسين ألفا،وهؤلاء قد استسلم أكثرهم بعد أن أعاد الامتحان ورسب مرة أخرى.
 
بالإضافة إلى ما سيزيد به العدد، رسوب المزيد في السنوات القادمة، وهؤلاء قد توقفت حركتهم الأكاديمية ولابد لهم من عمل يقتاتون منه،لتستمر الحياة.
 
ما فكرت به كصاحب مؤسسة هو أن أعمل على تحويل عمالتي بالكامل أو بواقع الثلاثة أرباع إلى العمالة الوطنية، وأعلنت على قدر مؤسستي واستيعابها للإعلان عن حاجتي لموظفين،واشتراطت بأن تكون من العمالة الأردنية فقط.
 
في الإعلان لم أشترط أي نوع من الخبرة،وحددت لشهر الأول راتب مئتين وخمسين دينارا، وعند التعاقد بعد الشهر الأول ثلاثمئة دينار، ويضاف اليها دينار واحد عن كل ساعة عمل إضافية،إضافة الى إشراك الموظف في الضمان الاجتماعي، وحصوله على زيادات بحسب نشاطة والتزامه فيحصل على تدرج وظيفي كلما قضى مدة وأظهر نشاطا وتميزا.
 
تقدم في غضون شهرين للوظيفة العشرات،وقاموا بتعبئة الطلبات،والموافقة على شروط العمل واستعدوا بالكامل لأن يتحملوا أي مصاعب نفسية أو جسدية.
 
ظروف العمل طبعا ليست صعبة فهي في مطعم،أي في الظل،وأكثر مرافقه مكيفة،ويوفر الموظف ثمن طعامه وشرابه،إضافة ألى توصيل النوبة الليلية كل إلى بيته.
 
المفاجئ في الأمر 1- يأتي الشاب من هؤلاء مليئا بالرغبة في العمل،وما أن يعمل لمدة يوم ونسلمه الزي الرسمي حتى يغيب ولا يعود أبدا.
 
2- أكثرهم قبل مجيئه يرسل الواسطات من كل حدب وصوب،ثم لا يستقيم أمره في العمل لأكثر من اسبوع.وهذا يذهب كل ما أنفق من وقت ومال على تدريبه أدراج الرياح،ويذهب باكثر ما لدينا من استقرار نفسي وبقية من احتمال.
 
3- بعضهم يأتي للعمل ويستعد لكل شيء ويلقي عليك محاضرة في وجوب التصدي لثقافة العيب، وما أن يطلب منه المسؤول المباشر عملا حتى يقول :( في بيت أبوي ما اشتغلت هالشغل،أو أمي ما بتطلب مني كذا، أو أبوي ما بقدر يقلي أعمل هذا الشيء-والشيء هو أن ينظف مكان عمله -وهذا يدل طبعا على قيمة أبيه وأمه في عينيه، إضافة إلى تفتيت لمرارة المسؤول غيظا، فما دخل أبيه وأمه، ومن ذا الذي جره من بيت أبيه ليعمل عندنا؟!!!
 
4- بعضهم يأتي ويشكو الفقر والعوز ويذكر أن بيته لا يحوي كسرة خبز يابسة يقتات عليها، وأنه إن لم يعمل فسيجوع أهله، ولا يترك سبيلا للرجاء،فيعمل ليومين، وما هو إلا أن يرن هاتفه بمكالمة من صديقة الذي يدعوه الى نزهة في مكان ما، فلا نرى وجهه بعدها مرة أخرى!!.
 
5-المناكفات والخصومات لأنفه الأسباب، بالضبط كأنما أنت بين أطفال صغار، يتقاتلون على لعبة!!
 
6-لابد أن تعيد عليه ما علمته إياه عشرات المرات،فما أن يشعر بعدم الرقابة على عمله حتى كأنه تم تعيينه قبل دقائق ولا يعلم من خطة العمل شيئا!!
 
المصيبة الكبرى أيضا بعض الإجابات التي تفجر المرارة وتفجر غضب الحليم
 
بعضهم عندما قيل له لابد من قص أظافرك لأن هذا يتعارض مع العمل في مطعم، قال: أنا اربي أظافري منذ شهرين وأنت تريدني أن أقصها (مابدنا هالشغل)!!!!!!!!!!!!!!
 
من عدد يتجاوز السبعين تم تعيينهم، لم يكملوا فترة الشهر المقدر للتجربة، باستثناء واحد وقع العقد!!!!!!
 
طبعا أنا لا أنفي وجود شباب على غير هذه الصفات، ولكن النسبة الغالبة والتي تصل الى أكثر من تسعين في المئة، وبلا مبالغة هي من الأصناف التي ذكرت، هذا مع نسياني لكثير من الطَّوام التي تثير العجب،ويحار المرء في استيعابها عند صدورها منهم، فضلا عن ان يرد عليها،وهذا بلاء عظيم قبل أن تكون الدولة مسؤولة عنه، فالمسؤول عنه قبلها هم الآباء والأمهات.
 
فهم يحيطون أبناءهم بكل عناية، ويلبون كل طلباتهم، ويتركونهم للشوارع وبلا رقابة، فإذا أتقن أحدهم الكلام، بعد أن يكمل فترة الرضاعة والحبو، أعطوه هاتفا! ومهما اشتهى من شيء وكان فوق طاقة أهله لم يمنعوه منه، ثم لا يعلمونه (حراما ولا حلالا ولا عيبا ولا ينهونه عن خطئ، ولا يدربونه على عُرْفٍ وتقليد، حتى يصبح شابا، فإذا دخلت أمه غرفته وجدتها مقلوبة رأسا على عقب، ولم يجرؤ الأب أن يجبره على رفع ملابسه المنثورة في كل مكان، ولا أن يرتب مكان نومه، ولا حتى أن يمنعه من الخروج مع رفقاء السوء،
 
وربما صرخ الولد في وجهه(ما الك دخل) وما زالوا به بين "دلع ودلع ووهن ووهن "حتى يبلغ (التوجيهي اللعين) فإذا رسب وهذا حال الكثيرين قيل له :(آن الأوان أن تعتني بنفسك وتكسب رزقك) فياتي للعمل ولم يعتد أن يعمل شيئا!!!!
 
وفي العمل" مسؤوليةٌ وأوامر ونشاط مطلوب وانتباه ووووالخ"وهو لم يعتد على شيء من ذلك، فلا يحتمل يوما واحدا حتى يفر الى غير رجعة، وذو الجَلَدِ منهم لا يحتمل أكثر من اسبوع!.
 
المصيبة الأكبر أنه:( لا يترك العمل لأنه وجد عملا آخرأفضل أو حتى أسوأ)!
 
بل يترك العمل ويهيم على وجهه،يأخذه هذا الى (فياعة يومية لا تنقطع) أو الى صاجية في البرية، أو الى اسوأ من ذلك مخدرات وخمر وربما لصوصية وجريمة.
 
عندما توفرون لأبنائكم كل ما يطلبون، فوالله إنكم تقتلونهم من حيث أردتم إراحتهم،لابد لابنك أن يتألم، فسنة الحياة أن يتألم ليتعلم،ولن تمنعه من الألم مهما ضحيت من أجل ذلك، وليس لك إلا ان تدربه أنت على التحمل والاستقلالية والمسؤولية.
 
وهناك الكثير الكثير مما لم أذكره هنا، وما منعني الا انني مللت من الكتابة الآن بقدر ما مللت من الكلام في هذا الموضوع.
 
ادركوا أبناءكم قبل ألَّا تدركوهم وتبكوا عليهم دما بدلا من الدمع، لا تتركه يهجع في فراشه قبل أن يعمل أو يمضي النهار في البحث عن عمل...اتقوا الله في ابنائكم قبل أن تفقدوهم.


تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

لا يمكن اضافة تعليق جديد