مواقف مكونات الفلسطينيين الثلاثة

mainThumb

20-11-2016 11:39 AM

تهزني سلسلة كتابات عماد شقور ، ويخطفني عمق وعيه السياسي  ، وشجاعته في عرض أفكاره الجديدة ، وتكمن أهميتها في حرصه ودوافعه المكرسة لخدمة شعبه الفلسطيني ، فهو من مدينة سخنين ، من مناطق 48 ، ومن الذين إلتحقوا بصفوف الثورة الفلسطينية في وقت مبكر من بداية السبعينيات ، مثله مثل صبري جريس ومحمد المدني ومحمود درويش وتوفيق فياض وغيرهم العشرات من الذين وجدوا خيارهم  وعنوان نضالهم  وقيادة شعبهم نحو الخلاص ، عبر العمل الكفاحي ، والإلتحاق بمؤسسات منظمة التحرير ، وفصائلها ، وخاصة بصفوف حركة فتح ، حتى شغل شقور موقع المستشار السياسي للرئيس الراحل أبو عمار للشؤون الإسرائيلية .
 
أهمية هؤلاء السياسيين من الفلسطينيين ، أنهم يجيدون لغة العدو العبرية ، ويفهمون ألاعيب المؤسسة الرسمية الإسرائيلية وأجهزتها ، وقادرون على الغوص في التفاصيل وكشف عنصرية المؤسسة  الصهيونية ، وتعريتها ، ولذلك تميز هذا الجزء ، أو هذا المكون ، أو هذا القطاع من قادة الشعب العربي الفلسطيني ، وتفوقوا على قادة المكونيين الأخريّن وهما : 1  - عن فلسطينيي الضفة والقدس والقطاع ، و2- عن فلسطينيي الشتات من اللاجئين ، وبلدان المنافي ، تميزوا عن الطرفين في إدراك حقيقة المجتمع الإسرائيلي بما له وما عليه .
 
وتميز هؤلاء أبناء الجليل والمثلث والنقب ومدن الساحل المختلطة ، بعد سبعين سنة كمواطنين إسرائيليين ومعايشتهم للمجتمع اليهودي الإسرائيلي ، تميزوا بحفاظهم على هويتهم الوطنية الفلسطينية ، وقوميتهم العربية ، ودياناتهم الإسلامية والمسيحية والدرزية ، وتعمقت ، وإزدادت في مواجهة سياسات المشروع الإستعماري التوسعي الإسرائيلي ، ورفض إجراءاته لتهويد فلسطين وأسرلتها وصهينتها ، مثلما تميزوا بنفس الصلابة والوعي والتفوق عن سائر الفلسطينيين في معرفة : 1- وجود قطاع من الإسرائيليين يحمل مشاعر الود ، وسلوك الأحترام ، والتطلع إلى الشراكة الأنسانية والجماعية والسياسية مع الشعب العربي الفلسطيني والحياة معه ، 2- وإدراك أهمية توسيع دور هذا القطاع من الإسرائيليين ، وكسب المزيد منهم ومن إنحيازاتهم لعدالة الحقوق الفلسطينية ، كي يشكلوا حائط صد للإندفاع الفاشي الأحتلالي الإسرائيلي ، وحالة ضاغطة لكبح جماحه ، وعنواناً إسرائيلياً نقيضاً للمشروع الإستعماري الإسرائيلي ، 3- وأخيراً نجد أن هذا القطاع من قادة الفلسطينيين ، يجهد في البحث عن وسائل وأدوات وعناوين للعمل المشترك الفلسطيني الإسرائيلي ، وأبرز مثل ساطع لكل هذا ما يقوم به النواب الفلسطينيين أعضاء الكنيست الإسرائيلي 13 ، الذين ينتمون للتيارات الرئيسية الثلاثة : الأول التيار اليساري الجبهة الديمقراطية للسلام والمساواة ولهم 4 نواب ، والثاني التيار الإسلامي وله 3 نواب ، والثالث التيار القومي ممثلاً بالتجمع الوطني الديمقراطي وله ثلاثة نواب ، إضافة إلى نائبين من الحركة العربية للتغيير .
 
الخلاف الذي برز بين ما كتبه الروائي يحيى يخلف أحد أعمدة الثقافة الفلسطينية ، وبين ما فعله محمد المدني عضو اللجنة المركزية لحركة فتح المسؤول عن ملف التواصل مع المجتمع الإسرائيلي ، رافضاً الأول زيارة رتب لها الثاني لوفد شبابي إسرائيلي من طلبة الصفوف الثانوية لكل من ضريحي الرئيس ياسر عرفات والشاعر محمود درويش في رام الله ، هذا الخلاف حول الواقعة دفع صديقهما المشترك عماد شقور ليكتب عن فحوى زيارة الوفد الشبابي الإسرائيلي لضريح الراحلين أبو عمار ودرويش ومغزاه وأهميته  .
 
وكشف عماد شقور أن زيارة وفد الشبيبة الإسرائيلية إلى رام الله رتبها ودفع بها مدرس فلسطيني من سخنين إسمه زياد درويش وهو إبن عم الشاعر الراحل ، وجد أن مهمته الوطنية تعرية المؤسسة التربوية والتثقيفية الرسمية الإسرائيلية ، وكشف أكاذيبها لطلابه من اليهود ، فعمل على دعوتهم لزيارة رام الله بالتنسيق مع محمد المدني بهدف دفع هؤلاء نحو فهم معاناة الفلسطينيين ودفعهم نحو التعرف على هذه المعاناة وتوعيتهم عن نضال الفلسطينيين المشروع .
 
 الروائي يحيى يخلف حمّل محمد المدني مسؤولية زيارة هؤلاء الإسرائيليين لضريحي الرئيس ياسر عرفات والشاعر محمود درويش ، رافضاً سياسية " التطبيع مع الإسرائيليين " على خلفية قيادة محمد المدني لمؤسسة رسمية فلسطينية مهمتها العمل على التواصل مع الطرفين في مناطق 48 ، مع المجتمع الفلسطيني بهدف تقويته وتمتين العلاقة معه ، ومع المجتمع الإسرائيلي ، بهدف إختراقه وكسب إنحيازات من بين صفوفه لعدالة القضية الفلسطينية وحقوق شعبها المشروعة ، ولهذا السبب ، ولدوره الشجاع والحيوي والهام والضروري منع ليبرمان وزير الدفاع الإسرائيلي محمد المدني من دخول مناطق 48 ، لأن دوره " التطبيعي " خطر على أمن " إسرائيل " .
 
الخلاف أو التباين في النظرة والسلوك والخيار في العمل بين محمد المدني إبن مناطق 48 ، وبين يحيى يخلف  اللاجئ الذي عاش خارج فلسطين ، وكلاهما من تنظيم واحد من حركة فتح ، هو الخلاف بين رؤية وثقافة ووعي فلسطينيي الداخل الذين يرون أهمية إختراق المجتمع الإسرائيلي وضرورة كسب إنحيازات من بين صفوفه لعدالة القضية الفلسطينية وإنتصارها ، وبين أولئك الذين عاشوا خارج فلسطين يرون أن تحرير فلسطين يتم عبر كسب العرب والمسلمين والمسيحيين من خارج فلسطين وتجنيدهم لتحرير فلسطين ، قضية شائكة معقدة ، كل منهما يرى وجاهة الرؤية وأهميتها وكلاهما محقاً إعتماداً على عوامل تشكل وعيه ، وبسبب غياب النظرة الكلية التكاملية بين نضال وعمل وأسلوب ووعي المكونات الفلسطينية الثلاثة :
 
1- أبناء مناطق 48 ، 2- أبناء مناطق 67 ، 3- أبناء اللاجئين ، وكيف يمكن أن يصب عملهم الكفاحي في مجرى واحد يهدف إلى إستعادة حقوق الفلسطينيين الثلاثة : حق المساواة في مناطق 48 ، وحق الإستقلال لمناطق 67 ، وحق اللاجئين في العودة إلى اللد ويافا والرملة وحيفا وصفد وبئر السبع وإستعادة ممتلكاتهم فيها ومنها وعليها .
عماد شقور عبقري يجيد " لضم " المسبحة بين محمد المدني ويحيى يخلف وتوفير الأرضية المشتركة لصياغة الموقف الذي يجمع بين عمل محمد المدني وأهميته ، وحرص يحيى يخلف ومخاوفه ، فكلاهما تكمن دوافعه نحو خدمة نضال الشعب الفلسطيني والبحث عن الأدوات المؤثرة التي تختزل عوامل الزمن لإنتصار الفلسطينيين وإستعادة حقوقهم الكاملة غير المنقوصة .

 



تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

لا يمكن اضافة تعليق جديد