عندما يستقوي الظل على الجسد

mainThumb

06-12-2016 09:41 AM

        الظل هو الجانب البعيد عن النور، في الجهة المقابلة له، ويختفي بوجوده، فإذا ما استقام شعاع النور واعتدل واقترب، صغر الظل حتى يضمحل، وإذا ما ابتعد شعاء النور ومال واضطرب، كبر الظل حتى يغطي المكان. وهو تابع للجسد يتحرك بحركته، ويسكن بسكونه، ولكن الشيء المرعب هو أن يكبر الظل ويستقوي على الجسد حتى يؤثر على قراراته وانفعالاته. هل هذا ممكن الحدوث؟!

 

       نعم... عندما يكون هناك قوانين وأنظمة هي ظل للقوانين والأنظمة الشرعية والمدنية للدولة، ويروج لها على أنها امتدادا لها، وتساعد على تنفيذها، ثم تصبح هذه القوانين والأنظمة الظل أكبر من الجسد، وتستقوي عليه، وتصبح مصطلحاتها هي الطاغية في المجتمع، وتعمل الدولة على تنفيذها، هنا تكون الطامة الكبرى. نعم... عن القانون والقضاء العشائري أتحدث!.
 
       لقد أنزل الله في كتابه قوانين وأنظمة توافق الفطرة الإنسانية، وتنظم المجتمع وتحقق النظام والعدالة فيه، وهي بمثابة النور الذي يقترب ويستقيم فينير المكان ولا يبقي للظل وجودا. قال تعالى:" { فَلَا وَرَبِّكَ لَا يُؤْمِنُونَ حَتَّى يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ لَا يَجِدُوا فِي أَنْفُسِهِمْ حَرَجًا مِمَّا قَضَيْتَ وَيُسَلِّمُوا تَسْلِيمًا } (سورة النساء 65). وقال عز من قائل:" { أَفَحُكْمَ الْجَاهِلِيَّةِ يَبْغُونَ وَمَنْ أَحْسَنُ مِنَ اللهِ حُكْمًا لِقَوْمٍ يُوقِنُونَ } (سورة المائدة 50). وقال تعالى: { وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللهُ فَأُولَئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ (45) } (سورة المائدة 45).
       فإذا ما أُبعد هذا النور، وتم الميل عنه، كبر حجم الظل في قوانين وأنظمة ما أنزل الله بها من سلطان، وبدأت تستقوي على القوانين والأنظمة الشرعية والمدنية للدولة، فيعم الظلم.
 
       قانون وقضاء عشائري فيه من المصطلحات غير الشرعية وغير العلمية ما فيه، عطوات: أمنية واعتراف وإقبال وإنكار وحق والمنشد وكم ولم وغيرها. كفلاء: الدفا والوفا، أصبح يعاب على من لا يعرف بهذه المصطلحات المصطنعة، وأصبحت تؤثر على قادة المجتمع من علماء ومفكرين وسياسين، أصحاب العلم والمعرفة والثقافة الواسعة، ليتصدر قيادة المجتمع من يعرف بهذه المصطلحات دون أن يكون لديه صفات القيادة الناجحة.
 
       وأحكام جائرة: فورة الدم، الدخالة: قبولها وردها، وبمن يحق لك أن تدخل، الجلوة، تقطيع الوجه، وأصبحت دائما تطبق على الحلقة الأضعف، فينتشر الظلم والجور، وكل هذه الأحكام العشائرية جاءت للحد من عادات الثأر والتي لا يجوز أن يقوم بها الأفراد بوجود الدولة المدنية الحضارية، وإنما هناك قوانين وأنظمة وقضاء رسمي للدولة هو الذي يأخذ على عاتقه النطق بالحكم وتنفذه الدولة.
 
       نعم... سيقاوم أصحاب الجاهات والوجاهات والعباءات وكل من يدور في فلكهم بعلم أو عن جهل، والذين لو يعلموا أنهم يقومون مقام القاضي، وويل لقاضي الأرض من قاضي السماء، قال صلى الله عليه وسلم:" الْقُضَاةُ ثَلاَثَةٌ وَاحِدٌ فِى الْجَنَّةِ وَاثْنَانِ فِى النَّارِ فَأَمَّا الَّذِى فِى الْجَنَّةِ فَرَجُلٌ عَرَفَ الْحَقَّ فَقَضَى بِهِ، وَرَجُلٌ عَرَفَ الْحَقَّ فَجَارَ فِى الْحُكْمِ فَهُوَ فِى النَّارِ، وَرَجُلٌ قَضَى لِلنَّاسِ عَلَى جَهْلٍ فَهُوَ فِى النَّار" . والرجل الذي يعرف الحق، هو ذاك الرجل الذي درس الشرع والقانون والقضاء، وحصل على إجازة فيه، ليستطيع أن يحكم بين الناس بالعدل.
 
       نعم... الإصلاح بين الناس مطلوب، وفيه الأجر الكبير، والأمر بالعفو والمعروف، وهذا لا يتطلب معرفة بالقضاء المصطنع ومصطلحاته، أو اصدار الأحكام الجائرة. لكل الوجهاء والشيوخ أن يسعوا في الاصلاح بين الناس، ولكن الحكم للقضاء والتنفيذ للدولة.


تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

لا يمكن اضافة تعليق جديد