عبدٌ مأمور!!

mainThumb

01-08-2018 01:00 PM

يظن الكثير من الناس أن العبودية انتهت منذ زمن، لكنها ما زالت تمارَس بأشكال مختلفة، حيث انتقلت من يد السيد الاقطاعي الى رأس المال، والمؤسسات الحكومية، والشركات الخاصة، وتظهر العبودية بشكل كبير عندما يتعلق عمل الشخص المستعبَد بمصالح الناس، ونشاطاتهم، وحياتهم، فيقوم الموظف بالتعدي على حرية الناس وامتهانهم بحجة أنه (عبد مأمور) ولا يستطيع مخالفة الأوامر مع أنه يرى أنها تتجنى على المواطن، وتخالف أو تلوي عنق القانون، لتنتزع بالقانون حرية المواطن لصالح زمرة سطت على القانون ومؤسسات الدولة، وجعلتها تعمل لصالحها وليس للصالح العام..
هذا الواقع المرير شكل ردة فعل قاسية من المواطن على كل من ينفذ القانون، من جابي الكهرباء الى موظف المؤسسات الطبية، الى المعلم والشرطي، وهذه الظاهرة السلبية في المجتمع لا يمكن أن تعالج بفرض القانون من قبل منفذ القانون على المواطن، دون تهيئة الظروف التي تساهم في سهولة تطبيق القانون وتقبل المواطن له بل المحافظة على سيادته.. فتطبيق قانون السير مثلا، على المواطن بحرفيتة في ظل بُنية تحتية غير مؤهلة وكم هائل من السيارات، ووجود انتهازيين كثر، ينمي الحنق والحقد على منفذ القانون، وكذلك الأمر في أي مؤسسة أخرى، فقبل أن تَقصِر المواطن على تقبل القانون هيئ ظروف تطبيقه حتى يشعر المواطن أن تطبيق القانون جاء لصالحه، وليس لقهره والانتقام منه.
 
ثم إن المواطن عندما يرى أن (العبد المأمور) يكون عبدا مأمورا في مصادرة حرية المواطن واستعباده وامتهانه، وعبدا مأمورا لطبقة أخرى يلغى عندها القانون، ويرى أن القانون لهم ولا يطبق عليهم، ويحمي اختراقهم للقانون، ويرى ويصمت!، وإذا ذُكّرَ بأن القانون أختُرق، يطأطئ ويتمتم، ويقول أيضا: أنا (عبد مأمور).
 
إذن والحالة هذه، من الصعب على أي متابع  موضوعي لما يحدث من ردود فعل من المواطن تجاه أي منفذ قانون، أن يتبين الصواب في أي قضية يشاهدها، حتى لو كان المواطن هو من اخترق القانون، والمنفذ يقوم بتأدية واجبه فقط، لأن القانون والظروف التي يطبق فيها غير سليمة، وكل هذه المعطيات إن لم تكن سليمة تحدث الفوضى والاضطراب في المجتمع، وتنمو في ظلها كل السلوكات الخاطئة التي تلقى استحسانا من كثير من المواطنين، بقدر ما تلقى استنكارا واستهجانا من آخرين..
 
ما لم تكتمل البنية التحتية، لتتهيأ ظروف تطبيق أي قانون، لا يمكن أن يتعافى المجتمع من هذه الفوضى! إذ لا يمكن أن يكون عند الجميع وازع داخلي وضبط ذاتي تجاه القانون، وإن أول من يصنع هذه الحالة المنحرفة هو ( العبد المأمور).
 


تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

لا يمكن اضافة تعليق جديد