هل ستُمثّل (ثورة البَصرة) أنموذجًا لربيعٍ عربيٍ ثانٍ؟

mainThumb

09-09-2018 02:51 PM

قامت (ثورات الربيع العربي) عام 2011 في ظروف موضوعية و طبيعية و متوقعة جدًا؛ فما كان من الممكن أن تستمر الأوضاع على ما كانت عليه من استشراء للفساد و التسلط و الظلم و تهميش الشعوب و إقصاء النخب و احتكار السلطة ما بين نفوذ (عائلات و عشائر و أحزاب و طوائف) دون غيرها من المجتمع، علاوةً على أن مبدأ (حركيّة التاريخ) لا تتقبل مستويات الجمود و التخلف التي عانت منها غالبية الدول العربية.

 
 جاءت طليعة الثورات العربية في (تونس و مصر و ليبيا و سوريا و اليمن ... الخ) لتُعلن رغبةً عميقةً لدى شعوب المنطقة بالتغيير، و الحريّة، والعدالة الاجتماعية و الاقتصادية، و تبنٍ واضحٍ لقيم الديمقراطية و الكرامة الإنسانية. لكن قوى الظلام و الرجعية و في تحالف للدولة العميقة مع المستفيدين من الوضع الراهن آنذاك و (هيكل مراكز النفوذ) رأوا في تلك الثورات انقلابًا على المصالح المكتسبة لأطرافٍ كثيرةٍ كانت قد انتفعت من حجم الفساد و التسلط و أثريت بفُحش نتيحة عقودٍ من استرطاب النماذج السياسية القائمة، فكان أن تم الانقلاب على الربيع العربي و إدخاله في دوامة من الفوضى و العنف، فكان أن تحول إلى مجزرةٍ مفتوحة لم يعد فيها أي مكانٍ للقيم الأساسية التي قامت من أجلها الثورات أصلًا.
 
اليوم، وتحديدًا في (البصرة) و بما تحمله هذه المدينة العراقية من خصوصيات عميقة،  يخرج الناس في ثورة نموذجية معلنين انطلاق موجة (الربيع العربي الثاني) في وجه كل قيم الرجعية و الفساد و الظلم.
 
البصرة، الميناء الوحيد في العراق، و ذات الغالبية من المذهب الشيعي، هي ذات المكان الذي استبسل في مقاومة الاحتلال الأمريكي في (أم قصر) عام 2003 ، فإنها تنتفض على جملة مفاهيم و ممارسات ما عادت مقبولةً بعد اليوم، بدءًا بالفساد و سوء الخدمات العامة و تهالك البنى التحتية و الفوقية و الأهم من ذلك الثورة على مبادئ (المحاصصات الطائفية و الزعامات العشائرية) التي أنهكت العراق و حرمت المواطن من أبسط متطلبات الحياة العصرية، الماء و الكهرباء و الطرقات و خدمات الصحة و التعليم. 
 
ثورة البصرة هي إعلانٌ صارخٌ لوجوب انتهاء عهد الطوائف و القبائل و التبعيّة للخارج، و ضرورة بناء الدولة الوطنية المستقلة على أسس حضارية و إنسانية عصرية، تقوم على الديمقراطية و المواطنة و الحقوق و الواجبات، و على قيم الشفافية و مكافحة الفساد، و المشاركة لا التهميش، و التنمية لا نهب الثروات، فليس من المعقول أن تتردى أوضاع الخدمات العامة و مرافِقِها لذلك المستوى المتدنِ في دولةٍ تجني ( 60 مليار دولار) من عوائد النفط سنويًا، في الوقت الذي يتحوّل به ثلةٌ من رجال السلطة و موظفي القطاع العام الفاسدين لأثرياء مابين ليلة و ضحاها على حساب شعبٍ بكامله !
 
ثورة البصرة هي ثورة معظم الشعوب العربية المقهورة، التي طحنها الفقر و التهميش و الظلم، في ظل هيمنة نخبة ضيقة في (مراكز النفوذ و القرار) يحتكرون كل شئٍ، في حين يتم إلهاء الشعوب في متاهات من (البلقنة و الإرهاب و المذهبيات و القبليات و العرقيات) الفاسدة و المفسدة التي تهدد وجود و مستقبل الدولة الوطنية.
ثورة البصرة اليوم، هي تأطيرٌ جديدٌ للموجة الثانية من الربيع العربي، حيث تَسقُط فيها كل العباءات المزيفة، ليرتفع الوطن، الوطن الحر و للجميع.
 


تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

لا يمكن اضافة تعليق جديد

محافظ البلقاء يوعز بإزالة البسطات العشوائية من شارع الحمّام بالسلط

تحذيرات رسمية للمواطنين عند شراء الذهب محلياً

اليرموك تحقق المركز الثاني بالمهرجان الوطني التكنولوجي الـ 12

المياه والمجلس القضائي ينظمان ورشة عمل لتعزيز حماية مصادر المياه

خدمة الترخيص المتنقل في بلدية دير أبي سعيد الأحد

29636 حالة استجرار غير مشروع للكهرباء العام الماضي

حدثان أمنيّان خطيران في غزة وخان يونس وتكثيف للغارات الإسرائيلية

غارة إسرائيلية بطائرة مسيّرة تودي بحياة شخص جنوب لبنان

فريق عمان FC يتصدر ترتيب دوري الناشئات بعد الجولة الثالثة

حملة شاملة لتنظيف أحياء وشوارع مدينة معان

52 فريقا يشاركون في منافسات دوري الدرجة الثالثة لكرة القدم

استشهاد وإصابة 270 فلسطينياً برصاص الإحتلال في رفح

المنتدى الاقتصادي: التعليم المهني أداة مركزية لمواجهة البطالة

بحث التعاون بين العقبة الخاصة ونقابة الصيادلة

سورية تغلق معبرا مع تركيا إثر اقتراب حرائق الساحل من الحدود