سيعيد ترامب النظر في الاتفاق النووي بعد فشل أو نجاح صفقة القرن - صالح القزويني

mainThumb

11-03-2019 04:06 PM

 جميع السياسات التي اتخذها الرئيس الأميركي دونالد ترامب ضد ايران تعود إلى الكذبة الكبيرة التي مررها سلفه باراك اوباما وادارته على الاميركيين تجاه الاتفاق النووي، فقد قال إن الحصار الخانق الذي فرضه على ايران ارغمها على الجلوس على طاولة المفاوضات.

ترامب ومستشار الأمن القومي جون بولتون ورئيس الاستخبارات السابق وزير الخارجية الحالي مايك بومبيو ورئيس الحكومة الاسرائيلية بنيامين نتياهو وملك السعودية سلمان بن عبد العزيز، صدقوا هذه الكذبة فاتفقوا على اعادة العقوبات على ايران من أجل ثنيها عن سياساتها التي تتعارض مع مبادئهم وفي مقدمتها سياستها تجاه اسرائيل.
 
لا يختلف اثنان في أن معظم الملفات المعقدة في المنطقة تعود الى الصراع الفلسطيني – الاسرائيلي، وفي الوقت الذي تصطف فيه عشرات الدول العربية والاسلامية بل وحتى بعض الدول الغربية الى جانب الفلسطينيين فان بعض الدول الغربية وفي مقدمتها الولايات المتحدة الاميركية تصطف الى جانب اسرائيل وتستميت في الدفاع عنها.
 
وكل رئيس أميركي جديد يأتي يعلن عن خطة لحل هذا الصراع وتنتهي ولايته دون أن يحل هذه المشكلة، ومع أن كل الادارات الأميركية لم تكن حيادية في تناولها ووساطتها لحل الازمة الا أن ترامب فاق الجميع في الانحياز لاسرائيل والضغط على الفلسطينيين والعرب والمسلمين، وقد تجلى ذلك بنقل السفارة الاميركية وقطع المساعدات المالية للمنظمات المعنية بدعم الفلسطينيين وفي مقدمتها وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (الانروا)، كما جمد عضوية بلاده في اليونسكو لانها اتخذت قرارا لا يعجب الاسرائيليين، ومارس ولايزال ضغوطا شديدة على الدول العربية والاسلامية للتطبيع مع اسرائيل فاثمرت الضغوط عن ولادة مؤتمر وارسو.
 
وفي الجانب الآخر من التمهيد للصفقة نشطت الادارة الأميركية بالضغط على الاطراف التي ترفض التطبيع وتسعى الى القضاء على اسرائيل وفي مقدمتها ايران وسوريا والاحزاب والفصائل الموالية لها، بل أن معاقبة هذه الاطراف سبقت حث الحلفاء على التطبيع مع اسرائيل ويمكن القول ان جانبا من الازمة التي شهدتها سوريا وتعيش في الوقت الراهن فصولها الأخيرة هي نوع من العقاب لدمشق على موقفها من اسرائيل، اضف الى ذلك فان الخطوة البارزة التي أقدم عليها ترامب في هذا الاطار هو انسحابه من الاتفاق النووي وفرض العقوبات على ايران.
 
ووفقا للتوقيتات المعلنة فانه كان من المفترض أن نشهد في الوقت الراهن مرحلة ما بعد “صفقة القرن” غير أن قضية خاشقجي وكذلك رفض الاطراف المؤثرة في المنطقة ومن بينها بعض الاحزاب الفلسطينية لها؛ عرقل الاعلان عن الصفقة وتنفيذها.
ان التأجيل المتكرر للاعلان عن “صفقة القرن” بحد ذاته يشير الى ما لا يدعو للشك أن الرياح تجري بما لا تشتهي سفينة ترامب، وصحيح ان امكانيات فسطاط الذين يدعمون “الصفقة” أكثر من فسطاط الذين يرفضونها ولكن يبدو أن ترامب وحلفاءه وصلوا الى قناعة بأن تمرير هذه الصفقة ليس بالسهولة التي كانوا يتصورونها.
 
فشل الحكومات الاميركية السابقة وكذلك الحكومات الاسرائيلية في فرض الحلول التي يقترحونها للازمة الفلسطينية يعود بالدرجة الأولى الى أن هذه الحلول ليست عادلة ويخطأ ترامب وحلفاءه اذا تصوروا أنهم سينجحون في تمرير الصفقة عبرالضغط على ايران وسائر الاطراف المعارضة لاسرائيل، فحتى لو وافقت السلطة الفلسطينية على الحلول الاميركية والاسرائيلية فضلا عن موافقة دول أخرى، فسيبرز من بين الشعب الفلسطيني من يرفض الحلول غير العادلة ويرفض الاستسلام، لذلك يتعين ارساء الحلول العادلة قبل ممارسة الضغوط على هذا الطرف أو ذاك من أجل الموافقة على الحلول الظالمة.
 
لا يمكن البت بما ستؤول اليه “صفقة القرن”، ولكن نجاحها يتوقف على موافقة الأغلبية الساحقة من الفلسطينيين والدول العربية والاسلامية ودول العالم عليها، وبما أن هذا غير متحقق في الوقت الراهن فان مصيرها سوف لن يختلف عن مصير المشاريع والخطط السابقة.
 
من هنا فانه من المتوقع أن يعيد ترامب النظر تجاه الاتفاق النووي مع ايران عندما تعلن ادارته بشكل نهائي فشل أو نجاح “صفقة القرن”.
 


تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

لا يمكن اضافة تعليق جديد