الفقر ليس عيبًا

mainThumb

18-04-2020 11:51 PM

الفقر ليس عيبًا. الشق الأول من الحكمة، وهذا ما تربينا عليه ونشأنا به. وكانت الجملة الوحيدة التي يقولها لنا من هُم أكبر منا، حين نشكو الفقر ونلعنه. فنخرس مباشرة بعدها ونقنع أنفسنا بأننا نحن الفقراء فقط الشرفاء وسندخل الجنة قبل الأغنياء بمئات الأعوام، وسنتركهم ملطوعين على أبواب الجنة وكأننا ضمنا الجنة، وملكنا مفاتيحها.

كبرنا وكبر معنا الفقر ولم يكن أمامنا من تسلية إلا القراءة فهي الأقل تكلفة والرفاهية المتاحة لنا، ولنكتشف بالصدفة وبعد سنوات من القراءة والإطلاع أن الفقر صحيح ليس عيبًا ولكنه أيضًا ليس ميزة لتكون الحكمة كاملة (الفقر ليس عيبًا ولكنه ليس ميزةً) بمعنى عندما يتقدم أحدهم لوظيفة ما لا يمكن أن يضيف الفقر كنقطة مهمة في سيرته الذاتية بالإضافة لتحصيله العلمي والمهارات التي يُتقنها.

البعض من المسؤولين في بلدي وممن تضخمت ثرواتهم هداهم الله. جعلوها ميزة لنا وشاركونا بها، ولو تابعت أي واحدٍ منهم بلقاء تلفزيوني حين يتحدث عن نفسه في البدايات ستجد أنه وُلِد فقيرًا، وإبن لحراث أو عسكري، وإنه عمل ببدايات حياته بائعًا للصحف أو كنترول باص، أو مساعدًا لموظفي مكتبة الجامعة حين كان طاليًا بها لأتساءل هنا وبخبث إن كان هذا ماضيك وأصل نشأتك: من أين حصلت على هذه الثروة بعشرات أو مئات الملايين التي تملكها الآن، وحتى وإن وصلت في وظيفتك لأعلى المناصب وخاصة حين نعلم وبحسب رأي جميع إقتصاديي العالم بأن الموظف مهما علت درجته ومنصبه لا يمكن أن يكون يومًا غنيًا؟!

في الفقرة السابقة بالتأكيد أنا لا أتناول من أنعم الله عليهم سواءً بالإرث ممن سبقهم أو بجهدهم وطموحهم فأنا أعرف الكثيرين منهم ممن يملكون قلوبًا جميلة ويبكون ويشعرون مع الفقراء ولهم صدقات خفية بمئات الألاف من الدنانير كل عام ومطلع على ذلك جيدًا وكل ما ندعو به الله لهم أن يبارك في مالهم وأبناءهم ولكن من أقصدهم هم أغنياء الصدفة والوظيفة العامة والتي طرأت عليهم النعمة والثراء بعدها.

دولة الدكتور عمر الرزاز ونحن نعرفك ونعرف ماضيك ولم تتلوث يدك بالمال العام، ولا يُمكن أن تتلوث ونحترم بك خطابك الهادئ المتزن والذي إمتلكت به قلوب الأردنيين وخاصة في فترة الأزمة وقدرتك على إدارة الحكومة وتوجيهها وأكبر دليل على ذلك هي الإنجازات التي لمسناها وأشاد بها العالم أجمع، ولمسنا قدرتك على إتخاذ القرارات الصعبة بهذا الوقت لنتجرأ ونطلب منك ونحن بعز نشوتنا وفخرنا بك وطاقم حكومتك بأن تستثمر قانون الدفاع، لتوجه الإتهام لكل المتنفعين من الوظيفة العامة والمعروفين ممن نؤشر عليهم بالتلميح والتصريح لتسألهم: من أين لكم هذا؟! لِتُخلدَ إسمك بذاكرة الأردنيين فلا ينسوه ونعيش جميعًا لحظة الإنتصار، ونحتفل بها بالقضاء على الفيروس والفيروسات البشرية المتسلقة التي أرهقت دولتنا منذ عشرات السنوات، وعاثت بها فسادًا



تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

لا يمكن اضافة تعليق جديد