فلسطين قضيتنا ولكن .. مياح غانم العنزي

mainThumb

21-09-2020 12:46 AM

لم يتوحد العرب على قضية في العصر الحديث كتوحدهم على القضيه الفلسطينيه ،منذ احتلال دولة فلسطين اختلطت دماء العرب في حروب الدفاع عنها ،ولم تبخل اي دوله عربيه على الفلسطينيين بالمال والدعم السياسي والشعبي مطلقا ،إستمر ولا زال طوال هذه السنين ،الشعوب العربيه تبرعت بما تيسر لها حيث يجمع الناس الاموال والمساعدات على اختلاف انواعها، رجالا ونساء وحتى اطفالا من اجل مساعدة اشقائهم الفلسطينيين،منذ طفولتنا كنا نرى صناديق دعم فلسطين في مدارسنا والمساجد وبالهيئات والمؤسسات الحكوميه والمدنيه ،كنا نرى بدونها او في الأزمات والنكبات اصطفافات الشعوب العربيه امام السفارات والممثليات الفلسطينيه متبرعين بأموالهم وذهبهم ومدخراتهم ،وتغص شوارع المدن العربيه بالمظاهرات الحاشده المندده بالإحتلال وجرائمه في كل كارثه وحادثه
سميت شوارع مشهوره كثيره بإسم الاقصى وفلسطين وفي بعض البلدان العربيه اطلق اسم فلسطين على بعض الشوارع التي بها سفارات امريكيه في اشاره سياسيه على الرفض التام للإحتلال ،ولم يألوا الاعلام العربي جهدا في دعم القضيه كذلك منذ الاحتلال حتى اليوم غالبا ومما يدل
على الإجماع وصلابة الموقف العربي تجاه القضيه وثباته الكبير هو مقاطعة مصر لسنوات بسبب اتفاقية السادات مع اسرائيل رغم ان فيها نوع من التبريرات حيث ان مصر بحالة حرب مع العدو الصهيوني وكانت تأمل في الأمن والسلام ، وكان السادات يظن ان توقيعه على الاتفاقيه سوف يدفع بعملية السلام الفلسطينيه الاسرائيليه نحو الأمام ما يحقق نهاية للقضيه واستعادة الحقوق والاراضي الفلسطينيه ،ومن المواقف التي تدل على ثبات الموقف العربي وتوحده تجاه القضيه هي قمة اللاءات الثلاث المشهوره
وبرغم ذهاب سلطة فلسطين الموحده منفرده بذاك الوقت وتوقيعها لإتفاقية اوسلو إلا ان العرب احسنوا الظن ،وتفهموا على مضض رغبة الفلسطينيين في السلام وانهاء معاناتهم ،وبرغم شعور العرب بالحزن والأسى والألم على فلسطين والأقصى إلا انه وكما قيل ان الذي يده في الماء ليس كمن يده في النار ،الأمر الذي جعل ردة فعل العرب على انفراد ياسر عرفات في التوقيع على اوسلو أقل حده واكثر تفهم،فحافظوا على الثبات وحاربوا بكل قوه انفراط عقد الإجماع العربي بالنسبة لقضيتهم الاولى ،كل هذا يعكس اهمية القضيه الفلسطينيه والمسجد الأقصى للعرب اجمع ،بكل قمه عربيه يكاد يكون الإجماع الوحيد الثابت هو على القضيه الفلسطينيه وحق الفلسطينيين في اقامة دولتهم واستعادة اراضيهم وعودة لاجئيهم ،ولم تخلوا قمه عربيه من تلك الفقرات في اي بيان صدر عن جميع القمم
تغيرت الأمور والخرائط على ارض الواقع وموازين القوى والمعادلات السياسيه والتحالفات بالعالم ، وزاد الكيل العالمي بمكيالين وازدواجية المعايير ودعم العالم الغربي للكيان الصهيوني المحتل ،وبدأت المصالح تطغى رويدا رويدا على الثوابت والانسانيه ،وازدادت الضغوط الأمريكيه والغربيه والمساومات والابتزازات على الدول العربيه من اجل التنازل عن الإجماع العربي والموقف الثابت تجاه القضيه ،إلا ان العرب تمسكوا بثوابتهم الأساسيه ، وإستمروا على اجماعهم حولها مع الأخذ بعين الإعتبار المتغيرات على الارض وفي أروقة السياسه وما يخطط تحت الطاولات لدق الأسافين وإعدادات الطبخات ووضعها على نار هادئه ،انبثق عن ذلك المبادره العربيه التي تشير بوضوح الى تمسك العرب بقضيتهم وثوابتهم حيث من اساسيات المبادره هي اقامة دوله فلسطينيه عاصمتها القدس الشرقيه وحق عودة اللاجئين الفلسطينيين وغير ذلك من ثواب القضيه ،في الجانب المقابل كان الفلسطينيون مستمرون في النضال ومقارعة الاحتلال سياسيا ومقاومة مشروعه ،حتى جاء مفترق الطرق الذي حدثت فيه الهزه الأكثر تأثيرا على الإجماع العربي ،وهو الإنقسام الفلسطيني ،الموضوع طويل وشائك لكن سنحاول وضع اليد على الجروح ، كلنا يعلم وحشية وظلم وعدم مصداقية ومراوغة الكيان المحتل في كل شيئ لكن السياسه اوراق ،وقد لعبت اسرائيل على طريقة حق يراد به باطل ، على ورقة انه لا يوجد مقابل فلسطيني نجلس معه من اجل السلام ،كيف لنا ان نحقق سلاما مع جهات متعدده تتسابق فيما بينها على السلطه والمال ،تختلف في الرؤى ولا تتفق على سلطه مخوله بإدارة الملف الفلسطيني ؟
الأمر الذي وضع العرب والفلسطينيين في موقف محرج امام العالم نوعا ما ، واعطى ذريعه واقعيه للكيان المحتل ليذر الرماد بعيون العالم الذي جله داعما له ولا يحتاج لذر

الفلسطينيون بدلا من ان يتداركوا الامر ويولوا الاهميه القصوى لوحدتهم التي هي مصدر قوتهم وشهد التاريخ بذلك حيث رغم قلة العتاد والسلاح إلا ان الوحده الفلسطينيه وبحجارة الأطفال اجبرت الكيان المحتل على التنازل في إنتفاضات الحجاره، بدلا من ذلك ازدادت خلافاتهم وشقاقاتهم وتصدعت وحدتهم ، مما جعل الكيان المحتل ومع الأسف بعض العرب والمسلمين ولمصالح ضيقه بنكهة طاعة الاوامر ان يتسللوا من بين الشقوق في جدار الوحده الفلسطينيه( والتي احدثها الفلسطينيون انفسهم) ليعملوا على هدم هذا الجدار نهائيا
إنتظر جل العرب من الفلسطينيين ومهما كان هم اصحاب القضيه واقعيا ان يعينوهم ويتوحدوا ويتجاوزوا خلافاتهم الأمر الذي يسحب الذريعه من الكيان المحتل ويدعم استمرار الإجماع العربي
إلا ان الفلسطينيين أبوا إلا ان يحافظوا على الإنقسام والشقاق بينهم وتبادل الإتهامات ،الأمر الذي احبط العرب وبدأ شعورا ينمو وتفكيرا يتصاعد في مصير اموال المساعدات والتضحيات السياسيه والجدوى من دعم قوى وفصائل فلسطينيه متفرقه متنافره ،صحيح ان الأقصى ليس فقط للفلسطينيين وان الارض عربيه وان القضيه هي قضية كل العرب ،إلا ان الشيطان شاطر ، وبزمن كثرت فيه الشياطين التي ليست فقط تستهدف القضيه الفلسطينيه بل استقرار وسلام وثروات دول الأمه وثوابت الدين أضف إلى ذلك هدم كل ما نعتز به من عادات وتقاليد وثقافه وارث وحضاره
إستغلت الشياطين كعادتها كل سبل الوسوسه وساعدها على ذلك انقسامات اهل فلسطين انفسهم وبدعم من بعض العرب والمسلمين مع الأسف ،فأخذت توسوس في أذن كل عربي ،كيف يطلب منكم الفلسطيني ان تكونوا متوحدين تجاه القضيه الفلسطينيه بالوقت الذي هو ينقسم بالداخل حولها واحيانا يقدم او يفضل مصالحه الشخصيه او الحزبيه على القضيه ؟ فلا يمكن ان تنهى عن امرا وتأتي بمثله
وكلما زاد الفلسطيني انقساما زادت الشياطين الوسوسه وقلت حيلة العربي وصعب عليه ايجاد التبرير المقنع ، فمن يطلب منه الموقف الموحد تجاه القضيه الفلسطينيه هو نفسه منقسم على نفسه بل ويكرس الإنقسام في تصرفاته وتصريحاته ،رغم انه يعاني على كافة الأصعده
هذا الامر ادى لهز الإجماع العربي وبدأت تتساقط حبات من العقد المتماسك طوال تلك السنوات
الواقع والشواهد تقول إذا لم يتوحد الفلسطينيون في هذه الظروف ويعودوا لرشدهم ليظفروا بما جربوه اثناء وحدتهم ، فإنهم سيضرون انفسهم ويخذلوا مناصري القضيه الفلسطينيه عربا وغربا وغيرهم
كما نعود ونذكر بأن السواد الأعظم من التاريخ حدثنا عن ان تحرير الأراضي لا يأتي غالبا إلا من سواعد ابنائها حتى وإن كانوا قليلي العده والعتاد ، الأمر الحاسم هنا هو الوحده والعقيده الوطنيه والإيمان بالقضيه
إذن اعلنوا ايها الفلسطينيون الوحده بينكم حتى تعينوا الوعي العربي على صد وسوسة الشياطين ،وتدحروا حجة المحتلين وتحافظوا على ما تبقى من الداعمين الحقيقيين
نعم ستبقى فلسطين قضيتنا والأقصى جزء من عقيدتنا
لكن
لا تخذلونا بإنقساماتكم يا شعب الجبارين
وتهدوا الكيان المحتل ذريعة على طبق من ذهب
ويجب ان نذكر هنا ،أن الكرت الرابح في القضيه الفلسطينيه لا زال في ايدي العرب وهو صمود الشعوب العربيه التي لا زالت تنفر التطبيع رغم توقيع الإتفاقيات ،ونلاحظ انه لا يتجرأ مسؤول اسرائيلي ان يتمشى في شوارع دول عربيه رغم توقيع اتفاقيات سلام معها منذ عقود كمصر والاردن
وبالتالي وان طبعت كل الحكومات مع الكيان المحتل سيتظاهر بالسعاده إلا انه بداخله يعلم ان ذلك لا يعني شيئا ،حيث الحكومات متغيره اما الشعوب فهي ثابته وقلوبها كارهه للمحتل ،ولن يتغير شعورها ما دام يدنس مقدساتها ويحتل ارضها ويقتل اشقائها ويشردهم ويوغل بإرتكاب الجرائم بحقهم ،ويثبت كل مره انه يريد تصفية قضيتهم وحقوقهم



تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

لا يمكن اضافة تعليق جديد