صحوة بعد نكسة .. أسامة نعيم الزعبي

mainThumb

14-01-2021 05:09 PM

 هذه المرحلة لا تحتاج إلى هدوء، بل تحتاج إلى عاصفة. قيل في السابق أن الفشل قد يأتي من تفكير دون فعل أو فعل دون تفكير. اتسمتْ المرحلة السابقة في التعامل مع أزمة كوفيد19  بهدوء مُفرط واستسلام شبه كامل للوضع الوبائي وتحدياته بحيث أصبح هو الذي يتحكم بالدولة وقرارات الحكومة بدل أن تقوم هي بالتحكم به، وبالتالي رجَحت كفة الصحة على كفة الاقتصاد وظلّ الناس يئنّ صحياً واقتصادياً واجتماعياً، منافيةً بذلك ما ورد في كتاب التكليف السامي بضرورة الموازنة بينهما. 

 
قد يقول قائل أنّ الهدوء مطلوب لاتخاذ القرارات السليمة والتصرف بحكمة ورويَة، ويعدّ هذا صحيحاً ولكن ليس في وقت الأزمات حيث الحاجة تصبح ملّحة لاتخاذ إجراءات استثنائية ومُبتكرة للتغلبَ على تحديات تلك الأزمات. ففي بعض الأحيان تكون السرعة هرباً ويكون الهدوء والبطء كسلاً وفشلاً. وما اتخذته الحكومة من قرارات يوم أمس يعتبر خطوة سليمة باتجاه الصحوة التي نحتاج للخروج من المأزق الذي وُضعنا فيه في الفترة السابقة بسبب انشغالنا بمحاولات الحد من الإصابات والاستعداد طبياً وصحياً لاحتواء الحالات وتكثيف الجهود للإلتزام بلإجراءات الصحية للحد من انتشار هذا المرض. 
 
ما ينقصُ حكوماتنا المتعاقبة هوالعمل بنهج مدروس ومتناسق ومُنظَم مبني على رؤى واضحة ومستدامة قابلة للمراجعة والتقييم والتعديل بدل العمل بنظام الحلول الموضعية والركيكة والمؤقتة والغير مدروسة لكافة المشاكل التي تواجهنا. وإذا ما نظرنا إلى الدول من حولنا نجدهم وضعوا خططاً مثل 2030 و 2050 ويقومون باتباعها بحذافيرها مهما تغيرت وتبدلت الظروف، بينما نحن لا زلنا نتخبط ونضع خططا ونطبق بعضها ونترك البعض الآخر دون تطبيق وتقييم حقيقي حسب الظروف والأمزجة المتباينة للوزراء والوزارات المتعاقبة.
 
 ولعلّ مئوية الدولة الأردنية هي أفضل توقيت لتقوم الحكومة بلملمة أوراقها وشحذ الهمم والتصرف بقوة وجدية أكبر لخلق اننفاضةٍ جديدة وخلّاقة للتأسيس لمرحلة جديدة قادمة تتَسم بالعمل الجاد والنهوض اقتصادياً وصحياً واجتماعياً من خلال العمل المؤسسي المتوازن في كافة المجالات. 
 
 
وأنا هنا لا أكتب لأنَظّر بل لأنوّر وأقدم بعض الرؤى التي قد تجد أذناً صاغية. وبرأيي بعض أهم ما نحتاجه حالياً هو ما يلي: 
 
- نشر الإيجابية لخلق مجتمع إيجابي يدحر السلبية والشر من خلال النشر الإعلامي الممنهج لنلفظ الروح السلبية التي انتابت شبابنا ومجتمعنا في الشارع وعلى وسائل التواصل الاجتماعي من خلال دورات وندوات وبرامج مدروسة. 
 
- قد نكون من أكثر الدول التي وضعت خططاً وبرامج وحلول للنهوض الاقتصادي ولذلك فمشكلتنا ليست في العقول ولا في الخطط ولكن مشكلتنا الحقيقية تكمن في التنفيذ والمتابعة. فإما أن تقوم الحكومات بتفعيل ما صحّ وصلُح من هذه الخطط والبرامج وإما أن تضع خططاً جديدة طويلة الأمد تتوافق مع الثورة التكنولوجية الحالية التي تأخرنا كثيراً في مواكبتها للنهوض بلإقتصاد مع ضرورة إلتزام الجميع بتنفيذها والمراقبة والتقييم والمراجعة المستمرة. 
 
- تكليف الهيئات والمستشارين والأمناء العامين وأصحاب الخبرات والمعرفة من ذوي الرواتب العالية بوضع وتقييم ومتابعة هذه الخطط بشكل دوري ومتوازن بين جميع المؤسسات. 
 
- الإستثمار ..الإستثمار .. الإستثمار. لماذا لا تقوم الحكومة بعمل مشاريع تقودها وتؤسسها الدولة وتعود بالنفع لخزينة الدولة؟ هذا ما يحدث في الدول التي نهضت اقتصاديا حيث استثمرت في عمل المراكز التجارية والترفيهية المتنوعة مما زاد نسب التشغيل وتقليل نسب البطالة والفقر وتخفيض الدين العام. 
 
- ومن خلال هذه المشاريع يمكن تشجيع السياحة الداخلية والتي تحرك الاقتصاد في كافة المجالات. فحين يريد الأردني الترفيه عن نفسه فإنه لا يجد إلا الأحراش والطبيعة من حوله والأماكن الأثرية والتقليدية المعروفة أو المراكز التجارية المحدودة في العاصمة على الأغلب. وهذا يدر دخلاً وفائدة على فئات محدودة وليس للدولة عامةً وخزينتها. 
 
إذا ما عملت الحكومات بجدية وتخلصت من الفساد والترهل الوظيفي ووضعت نصب أعينها المصلحة الوطنية والعمل المخلص للوطن والشعب وبما يتوافق مع رؤية القيادة الرشيدة، فحينها نستطيع أن ننهض بهذا الوطن وسيكون المواطن الأردني أول المحاربين في هذه الصحوة حين يرى جدية من يتخذ القرارات.
 


تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

لا يمكن اضافة تعليق جديد