خْتِلاَفَاتُ اَلْمُسْلِميْنَ فِي اَلأَنْدَلُسِ تُعِيْدُ نَفْسَهَا هَذِهِ اَلأَيَام

mainThumb

07-02-2021 11:14 PM

النسبة العظمى من نفوس البشر التي خلقها الله من بني آدم هي النفوس الأمارة بالسوء والتي يستطيع الشيطان أن يسيطر عليها ويوجهها كما يشاء.
 
 وكما نعلم من القرآن الكريم أن إبني آدم قابيل وهابيل كانت نفس أحدهما طيبة وهي نفس هابيل، ونفس الآخر أمارة بالسوء وهي نفس قابيل. 
 
وذلك لأن الشيطان إستطاع أن يسيطر على نفس قابيل ويطوعها لقتل أخيه هابيل من أجل أن يفوز بالأخت الأجمل عندما كان مسموحاً زواج الأخ بالأخت في بداية الكون لتكاثر بني آدم (فَطَوَّعَتْ لَهُ نَفْسُهُ قَتْلَ أَخِيهِ فَقَتَلَهُ فَأَصْبَحَ مِنَ الْخَاسِرِينَ (المائدة: 30)). 
 
وقد علمنا من التاريخ أن جيوش الفتوحات الأموية بقيادة طارق بن زياد إنتصروا في معركة وادي لكة في الأراضي الإسبانية على قوات الملك رودريك ملك دولة القوط الغربيين وبعد ذلك سقطت معظم أراضي شبه الجزيرة الأيبيرية وأصبحت تحت سيطرة الدولة الأموية وكانت هي البوابة لدخول المسلمين للأندلس. ولولا إنهزام جيوش المسلمين في معركة بلاط الشهداء وإستشهاد قائدها والي الأندلس آنذاك عبد الرحمن الغافقي وإنسحابها أمام قائد جيوش الفرنجة والبورغنديين شارل مارتل لأنتشر الإسلام في جميع أوروبا بالكامل.
 
 وإستمر حكم المسلمين في الأندلس ثمانية قرون متواليه حيث أقاموا دولتهم على أسس العدل والنهج الإسلامي السوي وإنتشر العلم والتعليم والتقدم العلمي والتكنولوجي في جميع مجالات الحياة المختلفة وقد وصلت حضارتهم إلى القمه في ذلك الزمان. 
 
حيث كان أولاد الفرنجة يلتحقون بالمدارس الإسلامية في الأندلس للتعلم وكان عليهم تعلم اللغة العربية قبل الإلتحاق بها. وبعد أن وصل المسلمون إلى حالة من الرخاء والبذخ وبعد إنخراطهم بالأمم الأوروبية وسيطرة إبليس على كثيرٍ منهم من أصحاب النفوس الأمارة بالسوء، فأصبح همهم الوحيد آنذاك نساء الفرنجة الجميلات والجواري وملك اليمين والخمور والمجون ... إلخ مما أدى ذلك لإبتعادهم بشكل تدريجي عن منهجهم الإسلامي القويم الذي أسسوا بنيان دولتهم القوية عليه وإنقسموا إلى 27 طائفة ولهذا أطلق عليهم بملوك الطوائف وبالخصوص بعد أن أعلن أبو الحزم جهور بن محمد بن جهور الغاء الخلافة الإسلامية عام 422هـ فتحولت الاندلس من دولة واحدة متماسكة الى دويلات وطوائف متناحرة فيما بينها.
 
 
إستغل بعد ذلك ملوك أوروبا وضع ملوك الطوائف الضعيف والمتهلهل وعملوا بشكل قوي وبوتيرة مستمرة ومتزايده على إيقاع التفرقة بينهم عن طريق دعم حزب على حزب ونفخ السموم بينهم (إستخدموا سياسة فرِّق تسد). 
 
وبهذه الطريقة انفرط عقدُ البلاد فإنقضَّ القوي على الضعيف وبطش به وسلبهُ أملاكه، حربًا أو صُلحًا، أو اقتطع أجزاء منها. ولجأ الضعيف حتَّى يدرأ الخطر عنه إلى التحالف مع جارٍ أقوى، او مع الصليبيين فغدى تابعًا له.
 
 ورغم أن حاولت دولة المرابطين عندما طلب منها المساعدة إعادة السيطرة لملوك الطوائف على الأندلس إلا أن الفرنجه أقنعوا ملوك الطوائف بأن جيوش المرابطين جاءوا محتلين لمنطقتهم وللعمل على إزالتهم عن الحكم مما أدى في النهاية إلى مساندة ملوك الطوائف للصليبيين ضد المرابطين وكانت هزيمة جيوش المسلمين أمام جيوش الصليبيين في معركة طريف هزيمة شنعاء.
 
 وخلال ربع قرن بعد ذلك إنقلب عليهم الصليبيون وتوالت الهزائم لملوك الطوائف فخسروا معظم أراضي مملكة غرناطة وفي 12 صفر 897هـ المُوافق فيه 15 كانون الأوَّل (ديسمبر) 1491م، وقَّع الوزير أبا القاسم بن عبد الملك، بالنيابة عن الملك أبو عبد الله مُحمَّد بن عليّ، مُعاهدةً مع الملك فرناندو الخامس، سلَّم بموجبها غرناطة وكافَّة أعمالها إلى القشتاليين.
 
 فدخلوها يوم الإثنين في 1 ربيع الأوَّل 897هـ المُوافق في 2 كانون الثاني (يناير) 1492م، وبِسُقوط غرناطة سقطت الأندلُس نهائيًا، وأسْدِلَ الستار على تاريخ المُسلمين فيها. 
 
وللذي يتساءل كيف إنتهت حضارة المسلمين في الأندلس وهي في قمة مجدها، يقرأ الجملة الوحيدة التي كتبها ابو العباس القرطبي ( (وقد توفاه الله في مصر) في كتابه بعنوان "شرح لمختصر مسلم" ولم يتكلم عن بلده الأندلس كثيراً إنما قال: إنتهت حضارة المسلمين في الأندلس لشيوع الفواحش بينهم بالإجماع من قبل الشباب بالفعل ومن قبل الشيوخ بالإقرار حيث كانت لا تأمن الناس على فروج نسائهم ولا على أموالهم وممتلكاتهم آنذاك في بلاد المسلمين في الأندلس، فسلَّط الله عليهم أعداؤهم وهم أقوام جهله لا يعرفون الله ولا يخافون الله فيهم ولم يرحموهم وكما قال تعالى (كَيْفَ وَإِن يَظْهَرُوا عَلَيْكُمْ لَا يَرْقُبُوا فِيكُمْ إِلًّا وَلَا ذِمَّةً يُرْضُونَكُم بِأَفْوَاهِهِمْ وَتَأْبَىٰ قُلُوبُهُمْ وَأَكْثَرُهُمْ فَاسِقُونَ (التوبة: 8)).
 

 



تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

لا يمكن اضافة تعليق جديد