بين صرخة أم ورغبة الطفل .. ضرورة تعديل نصوص الحضانة الشرعية

mainThumb

17-06-2021 04:20 PM

تتوالى المواقف والأخطاء من أحد الوالدين أو كلاهما  حتى يقع فعل الطلاق فتتوقف الحياة بأكملها  ويقف الطفل محتارا  لا يعرف من معه الحق، ولا شك أن أول من يدفع ثمن ضريبة الطلاق هم الأبناء الذين يتحولون في كثير من الأحيان إلى أداة انتقام سواء من جانب الأم أو الأب ، ويخطئ الطرفان إذا تصورا  أنهما يحققان فوزاً أو نصراً بل الحقيقة  أنهما لم يكتفيا  بتدمير علاقتهما الزوجية لينتقلا إلى تدمير الأبناء .
 
كثير من النساء لا يرغبن  بالزواج مرة اخرى ويكتفين بتجربة حظهن  مرة واحدة  حتى لا يكررن تلك التجربة القاسية والمريرة ناهيك عن خوفهن من سلبهن وحرمانهن اطفالهن وخسارة حضانتهن  . ولكن قد تزهوا الحياة من جديد  ويعود بارق الأمل لدى الكثيرات بحياة زوجية  جديدة وسعيدة  خاصة ان الدنيا برمتها لا تقف عند أحد. 
 لتبدأ مرحلة جديدة  من الحيرة  والقلق  توضع المرأة بين خيارين احلاهما مُر. إذ يبلغ عدد المطلقات في الاردن 40 ألف ممن لديهن اطفال فهل يعقل ان يحكم على المرأة بالاعدام  تحديداً الصغيرات بالسن  بسبب تنازلها عن حضانة فلذة كبدها !! .
 
عدم تقبل زوج الأم 
 
تقلب  وتقوم الدنيا  على رأس المرأة عند زواجها للمرة الثانية  وتسحب منها الحضانة بحجة كيف يُربى الأبناء عند رجلٍ غريب  وقد لايؤتمن على العرض والمال !!  وهنا نواجه تناقض كبير فبحسب سجلات المحاكم الموثقة  ان الزوج السابق لنفس المرأة  كان سبب الطلاق منه في غالب الاحيان إنعدام حس المسؤولية والعنف الأسري مثل كثرة السهر ولعب القمار أو تعاطي  المخدرات وضرب الأم وتعنيف الأبناء  بل وصل ببعض الآباء – وهم لا يستحقون اللقب- بالتحرش الجنسي ببناتهن الصغيرات !! فهل مثل هذا الاب ينصفه القانون ويأخذ الحضانة من الأم؟؟ أم هو مؤهل للحضانه  أصلاً؟!!
 
في المقابل لم تسجل المحاكم او مراكز الشرطة  حالات اعتداء او انتهاكات من طرف زوج الأم  بينما الطفل نفسه تعرض للظلم والقهر من والده ظناً منه انه صاحب الولاية وله حق بذلك.!!
 
فهل من المعقول لأب سكير او متعاطي المخدرات  يأخذ الحضانة ليحرق قلبها  لمجرد أن طليقته تزوجت بآخر؟!!  وكأن اختيارها لحياة سعيدة بدلاً من التي خسرتها  تتساوى جرماً  بالاغتصاب والادمان!!
بل هنا قد يكون زوج الأم أحن وأكثر عاطفةً من الأب الحقيقي في حال كان على قدر من الخلق والتدين والتعليم وفي حال ان الأم استطاعت ان تحسن الإختيار ولا تقع في نفس المأزق او المصيبة السابقة، فالأهم أن نحافظ على السلامة النفسية والحياتية لهؤلاء الابناء .
كما ان الشريعه الإسلامية اجازت حضانة الأم لأبناءها  وذكرت زوج الأم في القرآن عند الإشارة للآية الكريمه قال تعالى: (وَأُمَّهَاتُ نِسَائِكُمْ وَرَبَائِبُكُمُ اللَّاتِي فِي حُجُورِكُمْ مِنْ نِسَائِكُمُ اللَّاتِي دَخَلْتُمْ بِهِنَّ) (النساء: من الآية23)، فالربيبة هي بنت الزوجة. وهنا دلالة انها تربى في بيت زوج الأم وتحرم عليه مدى الحياة من بعد الدخول.
 
حضانة الأب خسارة الإبن 
 
لسنا بصدد التجريح بالأب فمهما كانت منزلته مرموقه وكان على قدر من العلم إلى أن وظيفته الأولى هي توفير الماديات ومتطلبات الحياة للإبن ولن يقدرعلى الرعاية المطلوبة لعدم امتلاك الوقت الكافي ، وقضاء ساعات طويلة للعمل  وبهذا ستبقى الحضانة مع زوجة الأب التي ستفرغ غضبها على الطفل الصغير ولن تقدر على احتواء طفل زوجها  وفي غالب الأمر ستكون المحرضة وتسعى لتدمير العلاقات  لأنها غيورة وتريد ان تعيش حياتها وتعتبر الطفل هو المنغص  ولا أحد يعرف حاجات الطفل سوى الأم الحقيقية، فليس بعذر أن يبقى الأطفال مع الأب الذي لا يجلس معهم إلا نادراً. ويتركهم لظلم وقهر زوجته!! التي لن تكون أحن من الأم.
 
ما الحل؟؟
 
اطراف المعادلة  الاساسية  تتشكل من الحاضنة (الأم) والطفل و والد الطفل (الأب)  وهناك اطراف فرعية زوج الام  وزوجة الأب ، حتى لا يقع الظلم على الأمهات والأبناء لا بد من تجديد وتعديل  قانون العلاقة الوالدية ( الحضانة)  بوضع شروط و قواعد حتى لا يتحول الأمر بين المطلقين إلى "ضرب تحت الحزام"، وعند زواج الأم مجدداً يتم تشكيل لجنة  عادلة غير متحيزة  تقيم مسكن الأم والحالة النفسية لزوج الأم  حتى نضمن أنه في ايدي أمينة ولا يعترض الأب أو يبقى له حجه.
 فعند النزاع على الحضانة على المشرع أن ينظر  كل قضية بمفردها وتدرس كل حالة من قبل مختصين على حدى ، فإما ان تحتفظ الام بحضانتها بعد الزواج  او يترك الطفل لراحة قلبه أن يختار أمه او أبيه  وفي حال كان الطفل صغير جاهل  فلينصفه القضاء ...
 
 حق الطفل عيش حياة كريمة 
 
في نهاية الأمرمصلحة  الطفل هي الأهم وليس من يكسب رهان الحضانه إذ  يؤكد جميع اختصاصي علم النفس  على إن الطفل خلال السنوات الخمس الأولى من حياته يحتاج الى الكثير من الرعاية والحنان والاستقرار الداخلي. وإذا أثّر الصراع القائم بين الأبوين في إشباع كل احتياجاته خلال هذه السنوات، فإن الطفل يصبح أسير المرحلة التي عاش فيها هذا النقص في الإشباع ويظل متقوقعًا داخلها حتى بعد انتهائها ودخوله في المرحلة التالية لها.
 
 أما فترة ما بعد الطلاق التي ينتظر الطفل خلالها الحكم بالحضانة لأحد الأبوين، فتكون من أكثر الفترات العصيبة التي تمر في حياته، حيث إن كلاً من الأبوين يحاول جذبه تجاهه وإقناعه بأنه ينتمي إليه وإلى أسرته ولا ينتمي إلى الطرف الآخر، وهي محاولة منهما لتشكيل هويته، مما يجعله يعيش في صراع شديد يصوّره كالسلعة التي تشترى ولا يراعى فيها ضعفه وإنسانيته. 
 
الأمر الذي يستمر معه حتى مرحلة الرجولة فتتأثر ملامح شخصيته وسبل اتخاذه قراراته، الحكم بحق الحضانة لمصلحة الأم يشكل نوعاً من الاستقرار لنفسية الطفل الذي ربما يذهب ضحية خلافات وأحقاد.
 
جهود شبابية 
 
لازال الخير في شباب  وطننا فهم الأمل في التطوير والتعديل  من هذا المنطلق و بصدد كل ماورد شرحه اعلاه من مسببات ضرورية تحتم علينا إيجاد حلول ناجعة  حقيقية  وليست مجرد مقترحات  قد تبنت (مؤسسة انسانية بلا قيود) هذا القضية الحساسة  حيث اطلق مديرها العام المحامي والناشط في حقوق الإنسان السيد فادي بواعنه مبادرة "حضانة المراة لأطفالها بعد الزواج" بإسم المؤسسة منذ شهر مارس عام 2020 وتم عقد العديد من اللقاءات مع اصحاب الاختصاص الشرعي والقانوني  والتحالف مع 52 جمعية على مستوى المملكة الأردنية بهدف كسب التأييد على هذه المبادرة تمهيداً للمطالبة بتعديل  قانون الأحوال الشخصية بالصورة التي تتحقق فيها مصلحة الطفل الفضلى مع عدم حرمان الأم من ابسط حقوقها في تكوين اسرة دون فقدانها لحضانة اطفالها.
 
دول كانت سباقة في تعديل القرار 
 
ان ما نطالب به  في الاردن سبقتنا إلية دولة الامارات والسعودية  ولاقى رواجاً كبيراً واستحساناً إذ يهدف القرار إلى تمكين المرأة التي صدر لها حكم شرعي بحضانة أولادها من التصرف نيابة عنهم أمام الجهات الرسمية  ما عدا السفر، وإنهاء تعسف أو مساومة بعض الأزواج في أمور تتعلّق بمصالح الأولاد في المدارس والمستشفيات دون السفر، علماً أن بعض المحاكم سجلت حالات تعسف اتضح لدى مكاتب الصلح أن الهدف منها الضغط على الأم الحاضنة لتسليم الأولاد ليس لرغبة الأب بهم بقدر التشفي من الزوجة.
 
حيث اتضح للمجلس الأعلى للقضاء أن الناظر الشرعي خوّل بحكمه القضائي الأم بأن تكون هي الحاضنة لأولادها، والحضانة تتعلق بأمور خطرة للغاية كالتربية والتنشئة وحفظ الطفل  في دينه وماله وعرضه، وهي لا تقارن بأي خطورة أخرى، بل إن مراجعة الجهات الرسمية وتخليص شؤونه منفعة محضة لا يعتريها أدنى شك.
 
والسؤال المطروح  ألم يحن بعد  وقت الإصلاح والتغيير ؟!! لنحذو  نحو تصليح  وتعديل الإنسان كما البنيان والعمران؟!!


تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

لا يمكن اضافة تعليق جديد