اتذكر اذ لحافك جلد شاة

mainThumb

07-09-2021 03:00 PM

بعد غياب يقارب نصف قرن من الزمان التقيت بزميل دراسة منذ الطفولة حيث انهينا الثانوية العامة سويا  عام  1965 سنة  في مدرسة دورا الخليل التي شيدت عام 1921 التي يحتفل بعيدها المئوي هذا العام وبجهدخالص من اهالي البلدة .

ولا زال البناء قائما كما يظهر في الصورة  في عهد المندوب السامي البريطاني ارثر واكوب ، واسترجعنا الماضي بكل تفاصيلة والدقيقة منه من الشقاوة والتشعبط على الاشجار لالتقاط اللوز والتين والعنب وغيره، ولكنه كان اكثر تطرفا بالاتجاه المعاكس في استعادة ذاكرته اليسارية المتطرفة حيث ذكرني بملابس الخاكي التي كانت الزي الرسمي للمدرسة، وقد كانت لمعظمنا الزي الدائم لاربع وعشرين ساعة ننام وننهض بها، وكانت الفروق الطبقية لا تتعدى شراء قميص ملون من البالة ,والذي كان يطلق  عليه سوق الرابش واعتقد انها تعود الى الكلمة الانكليزيةRabbish، وقد كان والدي رحمة الله عليه تاجرا اضافة الى الزراعة وهي المنهة الاساسية للجميع آنذاك ، وقد اشترى لي في سفرة له للقدس الشريف جاكيت (سترة),وعليه الصبغة العسكرية لونا وتفصيلا ،وعندما ارتديته لاول مرة في المدرسة كان لا بد من تفقده من تلاميذالفصل كاملا، وكانت المفاجاة ان عثر احد الفضوليين على لاصقة جانبية تشير الى مكان وتاريخ صنعه في استراليا عام 1943،  واعتقد انه من مخلفات الحلفاء في الحرب العالمية الثانية لان استراليا كانت من دول الكومنولث التابعة لبريطانيا والتي كانت تستعمر فلسطين والاردن آنذاك ،وفي نهاية الامر لا بد من اطلاقة مسمى للجاكيت الذي هو ليس ببالطو في طوله او شكله، وكان احد طلبة الفصل لا يتكلم الا بالفصحى وبصوت اجش وهو مخول بالفطرة لاطلاق المسميات والالقاب فهذا كينيدي وذاك جونسون والاخر ديجول واطلق علي السترةالقطميرة، والتي انتهى بها المطاف ان اصبحت حقيبة للكتب بعد ان استهلكت من ملاحقة الحجل والطيور والحمام، وكانت مستودعا للخبز احيانا لجيوبها الواسعة ولبطانتها المفتوحة وخاصة  في رحلات البراري والوديان والجبال، واسترسل زميل الطفولة الذي لم يتذكر سوى الشغب والتمرد  على القوانين المدرسية والمجتمعية ومطاردة الجلثون والخضروات والفواكة وحشائش الارض، ومع هذا  فقد استمعت بحديثه وبذاكرته الحديدية وكانه يذكرني بما انشده الاعرابي لمعن ابن زائدة الشيباني (أتذكرُ إذ لحافك جلد شاةٍ: وإذ نعلاكَ من جلد البعيرِ)

الذي اتسع صدره للاعرابي الذي حضر عمدا  لاستفزازه وكان جواب  معن ابن زائدة: نعم أتذكر ذلك ولم أنساه، والحمد لله، ونحن بدورنا نقول الحمد لله دوما في السراء والضراء والذي لا يحمد على مكروه سواه؟



تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

لا يمكن اضافة تعليق جديد