العلاقة بين الصحافي والمسؤول .. ثقة مفقودة

mainThumb

10-09-2008 12:00 AM

لقد كان من دواعي سروري واعتزازي خلال السنوات العديدة الماضية أن عملت كصحفي وكمتحدث رسمي إلى جانب عدد من المسؤولين الحكوميين، فلا يمكن لأحد أن ينكر أهمية أدوار المتحدثين الرسميين الحكوميين والصحافيين في مجتمع ديمقراطي - وكيف يمكن أن يعملوا سويا لنقل المعلومات عن الحكومة إلى المواطنين فالعمل الإعلامي جزء لا يتجزأ من تكامل أي عمل.

يقول خبراء متخصصون "إن ثقة وسائل الإعلام بالمتحدث أو الناطق الرسمي تكتسب بصعوبة، ولا تتحقق إلا مع مرور الوقت عن طريق الأداء المهني والأخلاقي الرفيع. وبالتالي فإن أول هدف للمتحدث المتمسك بالمعايير الأخلاقية هو أن يوصل بصدق حقيقة الحدث أو القضية أو السياسة أو الخطة".

ما جعلني أتطرق لهذا الموضوع تحديدا بعض القضايا التي طرحها بعض المشاركين في ندوة تدريبية للمتحدثين الرسميين للوزارات عقدت مؤخرا بتنظيم إدارة الإعلام والاتصال في رئاسة الوزراء وأدارها خبيران أوروبيان في إطار الدعم الفني والمؤسسي من خلال برنامج "دعم حقوق الإنسان والحكم الرشيد" الذي تم توقيعه بين حكومة المملكة الأردنية الهاشمية ممثلة بوزارة التخطيط والتعاون الدولي من جهة والاتحاد الأوروبي من جهة أخرى في عام 2008.

لقد ابرز المشاركون في هذه الدورة التدريبية أن العلاقة بين الصحافي أو الإعلامي والمسؤول في الأردن غالبا ما تكون علاقة شك، وهذه قضية خطرة لأنه لا يمكن إخراج إعلام على قدر المسؤولية والأمانة بناءً على علاقة الشك.

كما أن تجاوزات بعض الصحافيين أو وسائل الإعلام مع بعض المواضيع وتحريف ما يتم الإدلاء به من معلومات أو أحاديث أو قيام تلك الوسائل بتوجيه الموضوع ليكتسب صفة غير صفته الموضوعية يسهم في التشتيت والإرباك وتنعكس سلبياً على الأداء المفترض الذي يجب أن يكون تكاملياً بينهما، ولذا يكون مبدأ الحذر والإحجام هو صفة التعامل تجاه الصحافي غير الملتزم.

الصحافي هو في الأساس مواطن يفترض أن يتعامل من خلال هذا الحس بموضوعية في التناول والطرح، في الوقت الذي يحرص فيه المتحدثون الرسميون للوزارات والمؤسسات الرسمية ومن واجبهم في الدرجة الأولى بأن يكون جهد وحضور نشاطات وزاراتهم مميزاً في وسائل الإعلام.

والصحافة مهنة شريفة يجب الرقي بها من حيث تحري الدقة وانتقاء المعلومة والتأكد من جميع الأطراف، وليس الغرض منها الإثارة فقط من دون مراعاة جانب الحياد. كما يفترض انه في الأصل ليس لدى أي وزارة أو مؤسسة أي تحفظ تجاه أي صحافي أو صحيفة، وربما أن بعض هذه الوزارات أو المؤسسات لا تحتاج كثيراً من التكتم الإعلامي بحكم أن نشاطها واضح ومحدد، ولكن هناك وزارات تلجأ أحياناً لذلك التكتم وذلك نتيجة لما لنشر بعض المعلومات من تأثير سلبي على الرأي العام. وفي النهاية المسؤولون بشر يصيبون ويخطئون. لا يتوقع المسؤولون الإعلاميون الحكوميون أن يكونوا أصدقاء أو خصوما للصحافيين، لكن يتعين على الصحافيين أن يكونوا مراقبين حياديين للحكومة ولأعمالها وخططها.

كما لا يتوقع بعض الناطقين الرسميين من صحفي قد يكون صديقا اجتماعيا أن لا يكتب تقريرا صحفيا سلبيا، إلا أن الصحفي المهني لا يسمح لصداقته مع مسؤول أن تقف في طريق إعداد تقرير صحافي.

واقتبس هنا للخبيرة الأميركية مارغريت سوليفان قولها" في دولة ديمقراطية، لا يمكن للصحافة والحكومة أن يكونا شريكين. فهما متنافسان طبيعيان لهما وظائف مختلفة. وعلى كل منهما أن يحترم دور الآخر ولكن عليه أن يدرك أن توترا طبيعيا موجود بين الاثنين.

فمن ناحية، تكون أحيانا علاقة يحاول فيها المسؤولون أن يقدموا روايتهم الخاصة بهم للأحداث أو تفادي الدعاية كليا، في حين أن الصحافة تبحث عن الأخطاء وتضغط للحصول على إصدار المعلومات.

ومن ناحية أخرى، تكون العلاقة متبادلة، حيث يحتاج الصحفيون إلى مسؤولين صحافيين حكوميين لمساعدتهم على فهم أعمال الحكومة وخططها، ويحتاج المسؤولون الصحفيون الحكوميون إلى صحافيين لإيصال معلومات عن أعمال الحكومة وخططها إلى الشعب".

*خبير متخصص بشؤون الاتصال والإعلام



تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

لا يمكن اضافة تعليق جديد