الوعي الوطني

mainThumb

15-06-2025 11:24 PM

الأردن لم يكن يومًا ملعبًا للأغراب، ولا كانت سماؤه مفتوحة لمن يشاء. فالقرارات التي تُتخذ لحماية الأرض والناس ليست ترفًا سياسيًا، بل مسؤولية تُوزَن بالحكمة، لا بضغط العناوين ولا بضجيج المنصات نعم، قد تعبر الطائرات أحيانًا، لكن الكواليس تختلف عما يُنشر في تويتر وفيسبوك فالدول تُقاس بسيادتها، والسيادة لا تُختبر برفع الصوت، بل بقدرتها على اتخاذ القرار في توقيته المناسب، بما يخدم المصلحة العليا، لا أهواء الخصوم ولا ضغوط الحلفاء.
وليس مفاجئ أن تعود اليوم حملات التشكيك والتشويه. أدواتها روايات ناقصة وسرديات مفبركة تختزل المواقف وتحرّف الوقائع. الأردن يُستهدف لا لأنه أخطأ، بل لأنه رفض أن يُخطئ. لأنه قال "لا" حين انتظر البعض أن يقول "نعم"، ولأنه اختار قراره بإرادته، لا بإملاءات خارجية.
وسط هذه التحديات، أكد جلالة الملك عبدالله الثاني كمرآة للثبات الاستراتيجي لتؤكد الثوابت: "أن الأردن لن يكون ساحة حرب لأي صراع، ولن يسمح بتهديد أمنه واستقراره وسلامة مواطنيه ". هذه الكلمات ليست مجرد تصريحات دبلوماسية، بل خطوط حمراء رُسمت بالفعل والموقف.
فالمصلحة الوطنية ليست بندًا قابلًا للتفاوض، بل عنوانٌ لسياسة دولة تعرف وزنها وموقعها فلطالما وقف الأردن حجر عثرة في وجه المشاريع العبثية بالمنطقة. واليوم، يواجه حرب على الإدراك، لا على الأرض. أدواتها حسابات وهمية وجيوش إلكترونية تصرخ وتخوّن وتزايد. لكنها، في النهاية، لا تملك إلا سهامًا زجاجية، تنكسر أمام وعي الشعب.
أن هذا الشعب تغيّر. وصار أكثر تمرّسًا في فهم التفاصيل، وأكثر قدرة على التمييز بين معارضة نابعة من الحرص، وبين تحريض مدفوع بالغرض فما يُكتب ضد الأردن اليوم ليس مجرد رأي في فضاء حر، بل مشروع مبرمج لزرع الشك وتآكل الثقة محاولة لتحويل الإنجاز إلى تهمة، والموقف السيادي إلى شبهة ومع ذلك، الأردن، بتاريخه وتجربته، يعرف طريقه جيدًا.
لم يتردد يومًا في مواجهة المحن، ولن يتراجع الآن الجبهة الداخلية هي خط الدفاع الأول والمواطن الواعي هو الحارس الحقيقي لراية الوطن لا يُطلب من الناس التصفيق لكل قرار، بل يُطلب ما هو أرقى: التمييز، الوعي، والقدرة على رواية القصة كما هي، لا كما يراد لها أن تُروى.
فالقوة لا تعني الصمت بل تبدأ من احترام الحقيقة، لا من تزييفها. والوطن، حين يصبح هدفًا للرماة، لا يرد بالسهم، بل بالتماسك، وبالإصرار على النهوض من تحت ركام الافتراء.
وفي النهاية، سيبقى الأردن كما عرفناه: واحة عقل وسط صحراء من الانفعالات. وطن يحكمه المنطق لا الغضب، وشعب لا تهزمه الضوضاء. لأن ترابه وهواءه وتاريخه يشهد، أن هذه البلاد، وإن انحنت لريح، لا تنكسر… بل تشتد كلما حاولوا كسرها.



تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

لا يمكن اضافة تعليق جديد