غزة .. إلى أين ؟!!

mainThumb

19-06-2009 12:00 AM

عكرمة ثابت

قبل ايام دخل الانقلاب العسكري الذي نفذته حركة في قطاع غزة عامه الثالث ، ودخلت الحالة الفلسطينية معه مرحلة جديدة لم يتغير فيها شيء من حيث ترسيخ الإنقسام الداخلي وتجسيد الإنفصال الجغرافي وتفشي الجمود السياسي ... جاءت ذكرى الإنقلاب المدمر لتفتح صفحات سوداء وموجعة في يوميات ابناء غزة النازحين في مدن الضفة ، وتستعيد معهم الذكريات الأليمة والإعتداءات المؤلمة عليهم وعلى عائلاتهم وبيوتهم وأطفالهم ونسائهم ومؤسساتهم ومقرات عملهم الحكومية .

جاءت ذكرى الإنقلاب لتهتز خشبة المسرح في القصر الثقافي في مدينة رام الله تحت هامات مرفوعة لمناضلين بترت سيقانهم وأستبدل بعضها بأطراف إصطناعية !!! وعلى وقع كراسيهم المتحركة وعكازاتهم التي ترفض السقوط ، إرتجفت قصبة المسرح ووقف جرحى الإنقلاب أمام جمهورهم شامخين لا تنكسر لهم إرادة ولا ترتجف لهم قصبة .

ففي أمسية القصر الثقافي التراجيدية ، ذرف عشرات الحضور دموع الحسرة واللوعة وقضم مثلهم الغيظ وعضّوا على مشاعرهم وأحزانهم وخفقات قلوبهم المدمّية بقسوة الاشقاء وجبنهم ، وبظلم ذوي القربى وحقدهم ، فأنهارت أعصاب المشاهدين أمام لقطات مرعبة من وقائع مسلسل إجرامي إستهدف زملائهم وأصدقائهم ورفاق دربهم من الذين فقعت أعينهم وفتت مفاصلهم رصاصات الغدر والإجرام .

في ذكرى نكبة غزة المدّمية ، وبحضور حشد كبير وجمهور غفير لم يخلو من أخوة ومناضلين نجوا بأعجوبة من مرمى نيران الإغتيال السياسي ، تصدّعت جدران عزل الصوت في مسرح القصر الثقافي أمام صرخات الأبرياء الذين هشمّت عصي ميليشيات الإنقلاب الدموي عظامهم وقطّعت سيوف القتل المأجورة أجزائهم وأحشائهم ، وشوّهت بنادق عصابات الإجرام والسطو البشري أجسادهم .... تصدّعت جدران الصمت وخشعت الموسيقى الحزينة أمام أنات النساء الثكالى والأطفال الضحايا الذين ازهقت أرواحهم وأهدرت دمائهم بسبق إصرار وترصد .

في هذه الليلة من ليالي صيف رام الله الهاديء ، ساد الصمت وتحجرت المآقي وتوشحت سماء القصر الثقافي ومظلة ضريح شاعر فلسطين محمود درويش بالسواد ... تساقطت حبات المطر الساكنة في عيون أبناء بعلوشة لترّطب أجواء القاعة الدراسية لطلبة أبرياء حرموا من إستكمال تعليمهم ، لا لشيء سوى أنهم أحبوا الراية الصفراء !!!

في مأتم الذكرى الحزين الخالي من دلة القهوة الغزاوية ، أحيا متطوعو التجمع الشعبي لإنقاذ المشروع الوطني كل ما قتلته ميليشيات الموت من بشر وشجر وحجر ... وإنطلقت بشائر الأمل والحنين من حناجر الهاتفين إنتصارا لغزة ... ومن بين حطام الأنقاض وركام الرماد نهض المارد الصامد ليطوف بأجنحته البيضاء فوق رؤوس القتلة الجبناء ، ويحط عند نوافذ اولئك الذين تاهوا في ليل النسيان وغرقوا في سباتهم العميق ... اولئك الذين فشلوا في صون الإبتسامة على شفاة الأطفال الميتّمين ، ولم يحركوا ساكنا لإستعادة ما سلبته عصابات الإثم والطغيان .

في مأتم غزة الحزين ، نهض ابناؤها المغدورين وحماتها المقهورين لينسجوا من عبق جراحهم الغائرة بريق الأمل في العودة إلى رمل الشاطيء والبحر الهاديء ، مقسمين بطهارة دمائهم التي لم تجف ونقاء دموعهم التي لم تنشف :- أن "غزة لم ولن تموت" وأنهم إليها عائدون وهي لهم وبهم بإذن الله قريبا ستعود .



تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

لا يمكن اضافة تعليق جديد