القدر خيره وشرّه ( 1 ــ 3 )

mainThumb

18-06-2009 12:00 AM

موفق احمد خليف

روى البيهقيُ في أمرِ القدرِ عنْ عطاءٍ بن السائبْ عنْ ميسرة?Z عنْ عليٍ بن أبيْ طالبٍ رضي?Z اللهُ عنهُ ، أنّهُ قال?Z : " إن أحدكم لنْ يخلص?Z الإيمانُ إلى قلبهِ حتى يستيقن?Z غير?Z ظنّ ، أنّ?Z ما أصاب?Zهُ لمْ يكنْ ليخطيئه ، وما أخطأهُ لمْ يكنْ ليُصيبه ، ويُقر بالقدرِ كُلهْ " ، ومعناهُ :- لا يجوزُ أن يؤمن ببعض القدرِ ويكفر?Z ببعضهِ ، بل يجبُ على كلِ مسلمٍ أن يؤمن?Z بكلِ ما يجريْ في الكونِ منْ خيرٍ وشر ، ضلالةٍ أو هدى ، عُسرٍ أو يُسر ، كل شىءٍ هذا أو غيره في هذا الكونِ هو بخلقِ الله ، ومشيئتِهِ حدث?Z وكان ، ولولا أنّ?Z الله?Z تعالى ما شاء?Z وجودهُ وكونهُ وخلق?Zهُ ما حصلْ ، ويؤيدُ ذلك?Z ما رواهُ الإمامُ أبو حنيفة?Z النُعمانْ عن الهيتم عن الشعبي عن عليٍ ، أنّهُ خطب?Z النّاس?Z على منبرِ الكوفةِ فقال : " ليس?Z منّا منْ لمْ يؤمن?Z بالقدرِ خيرهِ وشرّه " ، وقال الإمامُ الحسنُ البصري : " م?Zنْ كذّ?Zب?Z بالقدرِ فقدْ كف?Zرْ " .
ومن أنكر?Z الإيمان?Z بالقدرِ كُلِهِ أو بعضِهِ فقدْ كفر ، والكفرُ منْ أسبابِ الخلودِ في نارِ جهنّ?Zمْ إلى أبد الأبادْ ـ والعياذّ باللهِ منها ـ ، فالرسول صلّى اللهُ عليهِ وسلم?Z لمّا جاء?Zهُ جبريل?Z عليهِ السلام يسألهُ عن بيانِ الإسلامِ والإيمانِ والإحسانِ ، أجاب?Zهُ عنْ الإيمانِ صلّى اللهُ عليهِ وسلم ، بقولِهِ : " أن تؤمِن?Z باللهِ وملآئك?Zتِهِ وكتُبِهِ ورُسُلِهِ واليومِ الآخرِ وتؤمن?Z بالقدرِ خيرهِ وشرِّه ، فقال?Z لهُ جبريل?Z عليهِ السلام :"ص?Zد?Zقتْ" " ، رواهُ الإمامُ مُسلِمْ في صحيحِه .
فبين?Z لنا صلّى اللهُ عليهِ وسلم?Z أنّ?Z الإيمان?Z منْ جُمل?Zتِهِ الإيمانُ بأنّ?Z المقدور?Z الّذي منهُ ما هو خير ومنهُ ما هو شرّ وجد?Z بتقديرِ اللهِ تبارك?Z وتعالى ، فمن أنكر?Z ذلك?Z لا يكونُ مؤمناً ، وإن شهد أنْ لا إله?Z إلا اللهُ وأنّ?Z مُحمّ?Zداً رسولُ الله ، قال القاضي أبو بكرٍ بن العربي : " منْ أعظمِ أصولِ الإيمانِ القدر ، فمنْ أنكر?Zهُ فقدْ كفرْ " ، وروى البيهقيُ رحمهُ الله في أمرِ القدرِ عن عطاء بن السائب عنْ ميسرة?Z عن عليٍ بن أبي طالبٍ رضي اللهُ عنهُ ، أنّ?Zهُ قال : " ليس?Z منّا من لمْ يؤمن بالقدرِ خيرهِ وشرّه " .
والقدرُ بمعنى " التقدير " كما ذُكر?Z في كتابِ ( الإرشاد ) للجويني ، وقال?Z الزّ?Zجاج ـ وهو لغوي ـ : القدر ( التقدير وهو التدبير ) وهو : " جعل كل شىءٍ على ما هو عليه " ، وحاصلهُ أنّ?Z القدر?Z هو مشيئةُ الله تعالى التابعةُ لعلمهِ ، أي الموافقةُ لعلمهِ تعالى عنْ النقائصِ والمشابهةِ لخلقه ، لأنّ?Z المشيئة?Z لا تُخالفُ العلم ، فما شاء اللهُ حصول?Zهُ علم?Z حصول?Zهُ فلا بدّ?Z أنْ يحصلْ ، أي ما شاء?Z اللهُ تعالى دخول?Zهُ في الوجودِ كان ـ أي وجدْ ـ ولا أحد يمنعُ نفاد?Z هذهِ المشيئة ، لا دعوة?Z داعٍ ولا صدقة?Z مُتصدق ، ولا بِرّ?Z والد?Zين ، ولا شىء?Z من الحسنات ، إنما ينفعُ ما ذُكِر?Z وغيرهُ من الأعمالِ الصالِحاتِ ، إن كان?Z س?Zب?Zق?Z الق?Zدرُ أن هذا الإنسان يفعلُ هذهِ الدعوة أو يتصدق أو يبر والديه أو يصلُ رحمه ، فيعطى ما طلبهُ أو يُدفع عنه ما طلب أن لا يصيبه ، أي أن علم الله قد سبق أن ما يعطاه أو يدفع عنه لا يكون إلا بالدعاءِ أو البر بالوالدينِ أو الصدقة أو أي من الأعمالِ الصالحة ، وهنا صار?Z دعاؤهُ من القدرِ ونيلِهِ لطلبهِ منْ القدرِ أيضا ، وانصرافُ البلاء الذي طلب?Z من اللهِ أن لا يصيب?Zهُ من القدر ، والمحصلة أنّ?Z كل?Z شىءٍ من القدرِ ، فقد كان?Z رسول الله صلّى اللهُ عليهِ وسلم?Z ، يُع?Zلِمُ بناتِهِ قائلاً : " ما شاء?Z اللهُ كان ، وما لمْ يشأ لمْ يكنْ " .
وأما ما يعتقِدُهُ البعضُ بأن الدعاء?Z يردُ القضاء?Z فغيرُ صحيح ، لأنّ?Z قول?Zهمْ هذا يؤدي إلى القولِ بأنّ?Z مشيئة?Z الله تتغير ، وت?Zغ?Zيُر المشيئة دليل الحدوث ، لأنهُ لو كان?Z يحدثُ في اللهِ صِفةً لمْ تكنْ له في الأزلِ لاحتاج?Z لمنْ يُخصصهُ بها ، والمُحتاجُ لا يكونُ إل?Zهاً ، ومما يدل على أنّ?Z الدعاء?Z لا يردُّ القضاء?Z الحديث?Z الذي رواهُ الإمامُ مُسلم : " سألتُ ربي ثلاثاً فأعطاني ثنتين ومنعني واحدة .... " ، فلو كان?Z الدعاءُ يردُّ القضاء?Z لكان?Z رُدّ?Z بدعاءِ سيدنا محمّد صلّى اللهُ عليهِ وسلم أشرفُ خلقِ الله كلِهمُ .
mwfqahmad@yahoo.com


تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

لا يمكن اضافة تعليق جديد