آفــــة عـمـالـــة الأطفـــال

mainThumb

24-06-2009 12:00 AM

منــال عبد الســـلام القطاونـــه
ربما كـتب الكثير قبلي في هذه الظاهرة ولكن أرى أنها لا زالت قضية مجتمع مقلقة ومتزايدة قد تبدأ بالتفكك الأسـري والاجتماعي والدوافع الاقتصادية والفقر والبطالة والظروف المعيشية القاسية وكذلك الانحراف والجنوح والتسرب المدرسي يشكلان عاملان رئيسيان لعمالة الأطفال.
فالفقر والحاجة يدفعان الطفل إلى العمل للحصول على النقود التي ستحسن دخل الأسـرة إذ أن العديد من الأسر تعتمد على مدخول أطفالها إما لأن الأب لا يستطيع العمل أو لأن مدخول الأسرة لا يكفي لسد حاجاتها .
عمل الأطفال دون السن القانوني يشكل انتهاك صريح لحقوق الطفل وفقدان لأدنى حقوقه ، بالإضافة إلى استغلاله جسديا وماديا من قبل محترفين يستثمرون بؤسهم بصورة واضحة،فالطفولة مرحلة هامة من مراحل نمو الإنسان، وهي بحاجة ماسة إلى العناية والرعاية والتربية والتأديب وليس إلى الإهمال والشقاء .
فعمالة الأطفال بقدر سعة انتشارها وبقدر تنامي واتساع القلق العالمي من وجودها وتغلغلها في واقع مجتمعاتنا العربية، حيث بلغت عمالة الأطفال في العالم العربي 4‚13مليون طفل .
من المحزن جدا أن ترى طفلا غضًا قد طغت ملامح الإجهاد على وجهه وانطبعت صورة الإحباط على قسماته، ناهيك عن ما يحمله من مظاهر السخط والتمرد على مجتمعه وجماعته ، فتتساءل حينها : ما الذي ج?Zر هذا المسكين الصغير إلى هذا الواقع المرير...فعمل الأطفال يشكل بيئة خصبة للانحراف، وإنشاء جيل عالة على المجتمع مما يؤدي إلى اختلالات في المجتمع وقيم الأسرة، ولا سيما أن وجود الطفل في ميدان العمل ليشارك في إعالة الأسرة التي تصارع الفقر تحرم الطفل الحق في التعليم والصحة والراحة واللعب مع العلم أن عمل الأطفال يزيد من " فقر الأسرة " لأنه يحرم من فرصة التعليم المناسبة التي قد تخلق له فرصة عمل أفضل في المستقبل.
أجساد ناحلة ،وعيون هزمها الفقر،وكسرتها الحاجة ،ولعل الأمر البارز في هذا الشأن هو أن هؤلاء الأطفال ظاهرين ونشاهدهم كل يوم فهما منهمكان في أعمال ميكانيك السيارات ،وبيع السلع في الشوارع وجمع النفايات ،وورش الحدادة والدهان ومواقع البناء والمهن الحرفية والصناعية .
وما يعنيه وجود أطفال في هذه المواقع من خطر حقيقي على صحتهم وحياتهم ونفسيا تهم وخاصة أنهم في أعمار لا يزالون فيها بحاجة إلى الغذاء واللعب والتوجيه والعيش في أجواء أسرية آمنه لكي ينمون بشكل سليم ضمن متابعة الأهل لا يتركوا للعمل في أعمال ووظائف مرهقة خطرة ضارة بالصحة وفوق طاقتهم ومقدرتهم وفي ظل غياب أدنى مستلزمات السلامة المهنية كما يحدث في المصانع الكيمائية ضمن ساعات عمل طويلة وبأجور قليلة دون تأمينات اجتماعية للطفل العامل إلى جانب الظروف المحيطة ببيئة الأطفال تخالف أحكام الاتفاقيات الدولية .

فالخـلاص من هذه المشكلـة واجـب وطني كبير يقع على عاتق المجتمع بأكمله وليس جهة واحدة بحد ذاتها ، من هنا يجب أن تنبع وظيفة الجهات المعنية في حشد الطاقات الوطنية والحكومية ووضع برنامج لمسح وطني شامل في المملكة لدراسة عدد الأطفال العاملين وحالاتهم ، وعمل حلقات عمل حول المشكلة مع متخصصين ،وإجراء الدراسة الإحصائية والاجتماعية والخروج بتوجيهات للمسئولين ووضع استراتيجيات لسحب هؤلاء الأطفال من سوق العمل ، واتخاذ الإجراءات اللازمة لحل هذه الآفة المستشرية والمقلقة ووضع تشريعات واستراتيجيات وقوانين لضبط عمالة الأطفال بدءا من وزارة التربية والتعليم في رصد حالات التسرب من المدارس،ووزارة التنمية الاجتماعية والمركز الوطني ولحقوق الإنسان.
وختامــا الواجب يحتم علينا احتواء تلك الظاهرة والتي نمثل علامة فارقة لا تمت الى الحياة والإنسانية بصلة .
يجب أن تتوحد جميع الجهود ضمن كادر واحد يضمن عدم تشتت الجهد وبشكل يلبي الطموح في سرعة معالجة هذه الظاهرة ولا ننسى أن الانحراف والجرائم والجنايات والانتحار ترتكب من قبل أطفال جانحين متسربين من المدارس وهم يشكلوا خطورة على المجتمع.. لا بد من الإسـراع لوضع إستراتيجية وطنية تمثل إرادة وطنية لاستئصال هذه الظاهرة وتوفر إرادة حقيقـية لتحويل كل الخطط والطموحات إلى أفعال... حما الله أطفالنا من شبح الفقر والحاجة.
manal_qatawneh@yahoo.com



تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

لا يمكن اضافة تعليق جديد