وهاتفني دولة الرئيس ..

mainThumb

13-12-2008 12:00 AM

صباح يوم أمس وعلى غير العادة إطلاقا, ودون مقدمات أو توقعات رن جرس الهاتف المحمول الخاص بي وأيقظني من النوم مرتبكا, فالاتصالات الصباحية المبكرة تنذر في العادة بشؤم وويلات, وتحمل عادة أخبار سيئة نسأل الله معها اللطف والعافية.

بدأت المكالمة بصوت رجولي بالرغم من نعومته ولطافته ولم أكن أتوقع أن يكون مسؤول حكومي بهذا الوزن!! فلم أتلق يوما مكالمة من العيار الثقيل, وكانت أثقل مكالمة من صديق لي يعمل في قسم الرقابة والتفتيش في مؤسسة الموانئ!!! كانت أولى الكلمات التي سمعتها هي سؤال المتصل – دولة الرئيس طبعا – عن من يرد عليه وقال لي " الو... ايمن العمرو!" قلت له "نعم مين حضرتك" فأجابني بابتسامة عريضة (عبر الهاتف) وقال لي "أنا نادر الذهبي يا ابني", ولم أصدق ما سمعت وتوقعت أنه أحد أصدقائي يحاول الإيقاع بي واعتقدت لهول الصدمة أننا في شهر نيسان وأنها كذبة نيسان.

نظرت إلى ساعة الهاتف ودققت النظر في رقم المتصل فإذا به "رقم خاص" وبالرغم من أنني لا أجيب على الأرقام الخاصة – من باب اللي ما بدو يعرف على حاله ما بدي أعرفه - فجاءني حدس غريب وسرت القشعريرة في جسدي وخطر في ذهني بأن هناك تعديل وزاري وأن مثل هذه الفرص لا تتكرر في العمر أكثر من مرة فأقنعت نفسي بهوية المتصل وقلت له بصوت تحبب – وليس صوت نفاق- "أهلا يا دولة الرئيس" مر تطع.

جاءتني الف فكرة وفكرة – على غرار الف ليلة وليلة – وفي نشوة التفكير قاطعني صوت دولة الرئيس وقال لي بالحرف الواحد "أنا يا ابني أقرأ كل مقالاتك وخاصة تلك التي تطرح قضايا وطنية وقضايا المواطنين من البورصة وحتى التعليم" وهنا بدأت أرجف بتسارع غير مسبوق – ليس من البرد- ولكنني وفي جزء من الثانية استعدت كل ما كتبت ونشر وكل ما لم ينشر ولا يزال حبيس جهازي الحاسوب المحمول أو لدى الإعلامي الفذ طايل الضامن وشككت بأن الأخ طايل قد باعني – مقارنة بدول باعت الكثير – وبلغ عني ديوان المحاسبة – شو دخل ديوان المحاسبة- والتي قامت بدورها بالتعميم عني, أو أن التطور التكنولوجي قد وصل لمرحلة لم اقرأ عنها سمح لدائرة – الأرصاد الجوية – برصد ونسخ مقالاتي التي لم يصلها الدور بالنشر- علما بانها جميعها مشاكل مواطنين عامة تنتظر الحل – وفي غمرة إرتباكي قال لي دولة الرئيس " ماشي يا ابني اتفقنا!!!" فأجبته على الفور " اللي تشوفه حضرتك يا باشا" أقصد أوامرك يا دولة الرئيس فرغباتك أوامر.

أغلقت سماعة الهاتف... عفوا أقصد أغلق دولة الرئيس سماعة الهاتف وبقيت للحظات أضع هاتفي المحمول على أذني خوفا من أن يرجع في قراره إغلاق الهاتف إلا أنني تراجعت أيضا عن قراري وأغلقت انا سماعة الهاتف – الذي أغلق تلقائيا- وابتسمت بتردد عندما تذكرت أن من كان من العيار الثقيل لا يتردد ولا يرجع عن قراراته- مهما كانت- وبدأت رحلة التخمين – التحزير- بما دار في المكالمة الهاتفية.

لم أسمع ما طلبه مني الرئيس ولم أفهم شيئا كوني كنت أفكر بعذر يخرجني من مأزق أوقعت نفسي به لطولة لساني وطلبي لحقوقي وحقوق المواطنين, وخطر في بالي أن دولة الرئيس أراد أن يبشرني بأنني أصبحت وزيرا للعدل في تعديله الجديد, أو أنه يرغب بزيارتي شخصيا للحديث عن مشاكل الوطن والمواطن كونه يعلم بأنني ولدت وبفمي ملعقة من "بلاستك" أحضرها والدي رحمه الله مع نصف كيلو كنافة مع راتبه نهاية الشهر, وزادت التخمينات وجال في خاطري أن دولة الرئيس طلب مني أن أستمر في الكتابة وطرح الهموم والمشاكل فهو يعمل على قراءة المقالات لي ولجميع الكتاب ويحاول حلها شخصيا ويوعز لأصحاب القرار حسب الاختصاص بحلها فورا فـ "الإنسان أغلى ما نملك".

طار النوم من عيني وأنستني الفرحة أنني في عطلة "عيد الاضحى المبارك" ولبست بدلة عندي لا البسها إلا في قضايا الجنايات الكبرى وأمن الدولة كونها غالية الثمن ويتجاوز سعرها الثمانون دينار مع القميص والربطة والحزام, وتذكرت أنني في عطلة وتجهم وجهي وشكل جبيني (رقم 11) وشعرت بخطورة الموقف فقد كان الهاتف الهام هو تحذير لي بالتوقف عن الكتابة والنقد وإلا ... - فالديموقراطية الحق لا تزال حبرا على ورق- وذلك حسبما اعتقدت لحظتها كوني " سيء النية".

صحوت من نومي على صوت ابني "عون" يطلب مني الذهاب للسوق لإحضار فطور جماعي اعتدنا على تناوله أيام العطل فقط, فأصبح بمثابة فلكلور بيتي أو عادة سيئة في نظر آخرين!!! ونظرت لساعة الهاتف فإذا بجهازي المحمول مغلق تماما, وبالرغم من أنني فقدت كرسي الوزارة ولن أدخل التعديل إلا أنني تنفست الصعداء كوني سلمت من السجن أيضا فانا لا أعرف النوم على غير سريري وحمدت الله وتنهدت قائلا " يالله السلامة راس المال".

ملاحظة: يرجى عدم نشر هذا المقال وعدم إشعار أي مسؤول حكومي بمحتواه فانا لا زلت أسير بجانب الحائط وأدعو الله بالستر وقاعدتي الرئيسية " الموت مع الجماعة رحمة".
Ayman_alamro@yahoo.com


تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

لا يمكن اضافة تعليق جديد