الصناعة و البحث العلمي الأصيل ..

mainThumb

19-08-2009 12:00 AM

حسان الرواد

إن الغاية الأساسية من البحث العلمي في أي بلد كان هي إضافة كل ما هو جديد و تطوير ما بدأه الآخرون في كافة المجالات, و العلوم المختلفة بهدف الوصول إلى درجة عالية من الرفاهية و الصحة و الإنتاج ...
و الذي بدوره يرتقي بالفرد, و المجتمع, و يمكّنهم من امتلاك القوة و المعرفة التي من الواجب الطبيعي أن تكون لخدمة و رقي و تطور البشرية لا لدمارها أو زوالها .
فالبحث العلمي قد يسخًر لخدمة البشرية في كافة و مختلف مجالات الحياة, كما حدث على سبيل المثال لا الحصر من تطور في مجال الطب و صحة الفرد, حيث أدى هذا التطور إلى القضاء على الكثير من الأمراض الفتاكة التي قتلت ملايين البشر فأعادت الأمل و البهجة و الحياة إلى الإنسانية, إضافة إلى الكثير من الاختراعات و الاكتشافات التي أوصلتنا اليوم إلى أن يكون هذا العالم الواسع المترامي الأطراف قرية صغيرة, و كل هذا و أكثر ما كان ليكون لولا فضل الله أولا ثم الاهتمام و التطور الذي حصل في البحث العلمي الأصيل .
في المقابل أدى سوء استخدام البحث العلمي إلى قتل و تشريد و تجويع الملايين من الناس, إضافة إلى حدوث أضرار كبيرة في مجال البيئة, حيث كان لها الأثر السلبي على كرتنا الأرضية من خلال الحروب, و أسلحة الدمار الشامل, أو من خلال سوء استخدام لخيرات و ثروات الطبيعة الخلابة من اجتثاث للغابات, و إقامة المباني و المصانع على الأراضي الزراعية و سوء استخدام لمصادر المياه و غيرها من القضايا التي أضرت كثيرا بالبيئة .

ما أردت الحديث عنه في هذا المقال هو مدى استغلال الجانب الإيجابي للبحث العلمي, و توظيفه في خدمة بلدنا العزيز و وطننا العربي الكبير, الذي يمتلك الإمكانيات الهائلة, سواء كانت البشرية, أو الثروات الطبيعية . و بالتالي نطرح هذا السؤال المشروع : ما هو الواقع الحقيقي للبحث العلمي في العالم العربي ؟ و ما هو موقع الدول العربية كافة على خريطة البحث العلمي في العالم ككل ؟
بعد حصول الدكتور أحمد زويل الأمريكي الجنسية المصري الأصل على جائزة نوبل في الكيمياء, تحدث في محاضرة عامة ألقاها على فضائية دريم المصرية و أمام نخبة من المتعلمين في مصر عن واقع البحث العلمي في الدول العربية كافة فذكر و بشكل واضح أن موقع الدول العربية على خارطة البحث العلمي من بين دول العالم هو ( 0% ) نعم صفر ....!! أي لا وجود للبحث العلمي الفاعل و المؤثر في كل الدول العربية, وهي حقيقة مرّة و مؤلمة في حين كانت الدولة الأولى في العالم هي الولايات المتحدة الأمريكية بما نسبته ( 33 % ) من بين دول العالم !؟
و أنا هنا لا أريد أن أفصل بهذه النسب و إنما أردت أن وضح ما يلي :
أن الجهة الرئيسة التي تدعم البحث العلمي في أمريكا هي القطاع الخاص: من مؤسسات و مصانع و شركات, و ليست الحكومة الأمريكية, و هذا يدل بشكل كبير على ثقة هذا القطاع بأهمية البحث العلمي و دوره الفاعل في تطوير و زيادة الإنتاجية و ابتكار كل ما هو جديد . و كيف إذا ما علمت أن باحثا في مجال معين من خلال دراسة أو بحث علمي أصيل على أسس صحيحة يمكن أن يحقق لي كل هذه الأرباح إذا ما كان الهدف هو الربح ، أو الريادة و القوة إذا ما كان الهدف هو امتلاك المعرفة و التي هي القوة الحقيقية .
من هنا و من خلال ما تم استعراضه أردت أن أوصل رسالة عبر منبركم الكريم إلى قطاع الصناعة بشكل خاص, و المؤسسات و القطاع الخاص بشكل عام في بلدنا الحبيب أن يبادروا إلى استحداث و وضع آليات معينة لدعم البحث العلمي الأصيل, و لو من باب المصلحة العائدة للمصنع هذا أو ذاك, من خلال وسائل تضمن جودة البحث العلمي المبني على أسس علمية ؛ فالكفاءات موجودة و بلدنا ليس عقيما بها لكن في المقابل الباحث العلمي عندما يدرك أن هذا البحث مدعوم و أنه سيفعّل و يرى أثره ( بدلا من وضعه في الأرشيف ليأكل عليه الدهر و يشرب و يبقى حبرا على ورق ) فإن الباحث سيجتهد و يجتهد إذا ما علم أن بحثه سيرى النور و يوفر له الدخل الجيد و الحياة الكريمة .
و علينا أن نبادر إلى وضع جسور الثقة بين قطاع الصناعة من جهة, و بين الباحث العلمي من جهة أخرى فإذا ما تم ذلك فستكون النتائج و الثمار كبيرة, و لعلّ أبرز هذه الثمار و النتائج هو الحد من هجرة العقول و الكفاءات الوطنية إلى بلاد توفر كل وسائل الراحة و المادة للعقول النيرة التي جاءت تبحث عن من يقدرها و يسمع لها .
rawwad2010@yahoo.com


تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

لا يمكن اضافة تعليق جديد