ثمن الغموض النووي الاسرائيلي

mainThumb

10-08-2007 12:00 AM

في كل مرة "تحظى" فيها اسرائيل برزمة سلاح من الولايات المتحدة ، يطرح التساؤل حول كون مثل هذه الهدايا ملائمة ومناسبة لدولة متطورة ، ذلك لان هناك خللا ضمنيا في حقيقة أننا نضمن وجودنا على قاعدة السخاء الأميركي الظاهر ، ولكن الولايات المتحدة لا تدعم أمننا انطلاقا من حسن النوايا ولا بسبب تأثير يهود أميركا ، انها تمنحنا الامتيازات والهًبات من هذا النوع فقط لان ذلك يعكس مصلحتها القومية ويُعبر عنها ، على افتراض أن احدى مهمات الولايات المتحدة في الشرق الاوسط هي إبقاء المارد النووي في القمقم لأكبر قدر من الزمن ، ومن الملائم في هذه الحالة أن تحرص على تسليح اسرائيل بوسائل قتالية تقليدية ومتطورة بيد سخية ، من دون استعداد الولايات المتحدة لتسليح اسرائيل بأسلحة مدعومة من الميزانية الأميركية مثل الطائرات الحديثة والاسلحة الموجهة ، ستضطر اسرائيل الى الارتكاز بصورة أكثر علنية على قدراتها النووية المفترضة وفقا للتقارير الاجنبية.
السبب بسيط: اسرائيل لا تستطيع تطوير أو انتاج طائرات قتالية وقنابل ذكية بكميات كافية - لهذا السبب فانها بحاجة الى دعم الولايات المتحدة ، وهذا الاعتماد يُضعف من قدرة اسرائيل ، ذلك لأن اغلبية قدراتها النووية اليوم تنبع من قدرات سلاحها الجوي وأدائه - من انتصار 1967 حتى الاغتيالات في غزة ، من دون هدايا الولايات المتحدة سيكون على اسرائيل أن تفكر في كيفية تحقيق أكبر قدر من الأمن بتكلفة منخفضة حيث يوجد لهذا السؤال جواب أكثر إغراءا منذ سنوات ، إلا أنه ليس خاضعا لمحك الواقع.
في الخمسينات عمل رئيس الولايات المتحدة دوايت ايزنهاور على تقليص الجيش والنفقات العسكرية وقام بالانتقال الى التهديد من خلال "الرد المكثف". خليفته جون كنيدي كشف ضعف هذه السياسة: السلاح النووي هو بالفعل بوليصة ممتازة ضد التهديدات الوجودية ، إلا أنه ليس قابلا للاستخدام ضد التهديدات الأقل جدية: لم يُصدق أحد بما فيهم الولايات المتحدة نفسها ، بأن واشنطن سترد على أي اعتداء صغير من خلال هجمات نووية.
اذا تضررت المساعدات الأميركية لاسرائيل ، فسيكون عليها أن ترتكز على تهديد "الرد المكثف" ، كما اقترح آيزنهاور حتى تواصل ردع خصومها وإخافتهم ، ولكن حينئذ ستزداد معضلة حلفاء الولايات المتحدة المعتدلين في الشرق الاوسط مثل مصر والسعودية والاردن. تطوير النظام الشيعي في ايران للسلاح النووي قد يتسبب في مطالبة الدول السنية المعتدلة بالحصول على سلاح مماثل. إلا أن نشر السلاح النووي في الشرق الاوسط هو كابوس لكل المنطقة وللولايات المتحدة خصوصا.
امتلاك اسرائيل لوسائل تقليدية متنوعة يمكنها من مواصلة اتباع نهج الغموض في موضوع الذرة ويتيح للدول العربية المعتدلة غض بصرها عن هذه القضية ، أو على الأقل إبقاء التهديد الحقيقي - ايران - في دائرة الاستهداف.
الاعلان عن زيادة الدعم الأميركي لاسرائيل عسكريا ليس برهانا على تأثير اللوبي المؤيد لاسرائيل في واشنطن وقدرته ، هذا دليل على وجود اوساط في الادارة الأميركية تدرك أن الاستمرار في سياسة الغموض النووي الاسرائيلية يستوجب إمداد اسرائيل بوسائل قتالية تقليدية متطورة.


تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

لا يمكن اضافة تعليق جديد