ثمن الحماقة

mainThumb

16-02-2008 12:00 AM

ماذا إذن ، اتستعد قوات الجيش الاسرائيلي لـ "عملية كبيرة" ، وتلمع الدبابات ، والمدافع ، وتتسلح؟ ، هل ستهدأ المدافع ، ام سيتحول المواطنون مرة اخرى الى لحن للمدافع؟ ، السؤال الاهم هو هل تستعد قوات القيادة لهذه العملية؟ ، هل صلف القيادة التي غاب عقلها سيمنعها من قراءة فقرات تقرير فينوغراد التي تدعو الى التخلص من خوف الاحتلال ، او أن التبرئة الذاتية ما زالت تصيبها بالدوار؟.

"سكب الكثير من الحبر على مفهوم استخلاص العبر" ، ويبدو لي انه كلما اكثروا استعماله قلت قيمته على الدوام ، لأنه اذا تكررت ظاهرة طبيعية فستعرف على الفور انها قانون ، لقد اصبح الخوف المشل من عرض الحقيقة الاليمة "مطاردة المسيرة السياسية" بأي ثمن ، ليس قانونا فقط بل بديهية ، ويشتق كل شيء من هنا: لا حاجة الى فحص ما الذي سببته هذه الظاهرة الطبيعية خلفها ، اي ان التحذيرات المكررة لمن يمكث اليوم في المعارضة ، من اليمين والمركز ما زالت تقع على آذان صماء.

ان تفتيشا قليلا في الارشيف يطلعنا على رسالة هامشية في ظاهر الامر ، هي رسالة استقالة بنيامين نتنياهو عندما كان وزيرا للمال في حكومة شارون في بدء آب 2005 ، ومما ورد فيها: "أخذت حماس تقوى والارهاب سيستمر ، ولم ينقطع اطلاق الصواريخ وقذائف الرجم على بلداتنا ، والجهات الارهابية ستنقل الصواريخ الى يهودا والسامرة... لست اعلم متى سيندفع الارهاب بكامل قوته ، قد يستغرق ذلك شهرا او شهرين او سنة او سنتين ، لكن كما حذرت في سنة 1993 من ان اتفاق اوسلو سيأتي معه بعمليات من يهودا والسامرة واطلاق صواريخ من غزة فاني مقتنع اليوم ايضا - لاسفي - بان الخطوة الحالية (الانفصال) ستفضي مع مرور الوقت الى زيادة الارهاب لا الى اضعافه".

هل سيتفضل احد بالاصغاء ، ألم يصدق مرة بعد مرة في تقديراته ، وتحليلاته واعماله خاصة؟ ، وهل سيذكر احد للجمهور مثالا واحدا من أمثلة كثيرة على كيف انخفض منحنى الارهاب زمن حكم نتنياهو والليكود الى الصفر تقريبا عندما كان رئيس حكومة مع وزير دفاع "مدني" ، هو موشية آرنس؟ ، لهذا ، عندما يسألونني ما حالكم ، انتم من اليمين الهاذي ، فسأقص عليهم قصة ملك ثري ، حافظ حفاظا شديدا على جرة مدهشة بجمالها مصنوعة من الذهب ، اقترح الملك مالا جما على كل من يحفظها من اي ذرة غبار ، واذا لم ينجح فسيحكم عليه بالموت ، وهكذا مات كثيرون طمعوا بالمال الجم ، الى ان اتى شخص شيخ وعرض نفسه ، رفض المالك في البدء لكن بعد التوسل استجاب ، استيقظ الشيخ قُبيل الفجر ، وامسك بالجرة الثمينة وحطمها شظايا ، ومنذ ذلك الحين لم يعد الشبان يموتون وطال عمر الشيخ ايضا.

وهنا لن ينقطع سفك دماء العرب ايضا الى ان يحطم السلام تحطيما ، والى ان يتعلم الدرس من الاخفاقات ، والى ان يصغوا اصغاءا شديدا الى الاراء الاخرى ايضا ، فإن سكان سديروت اولئك الذين سيبقون ، لم يزالوا لحما للصواريخ وربما للمدافع ايضا.

وقبل تحريك الجيش ، يحسن ان يفحص جيدا هل تنوي الحكومة حقا حسم الارهاب ، وهذا ممكن ، او ستكون هذه عملية تظاهر مع العاب نارية كما كانت الحال في الستينيات.



تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

لا يمكن اضافة تعليق جديد