باب الحارة في دارفور

mainThumb

31-10-2007 12:00 AM

(1)

شغلت احداث مسلسل »باب الحارة« الذي عرض في ايام رمضان المباركة الدنيا ولم تقعدها.. حيث حظي المسلسل بنسبة مشاهدة عالية جدا, وتعامل المشاهدون مع شخصيات المسلسل بحب ولهفة وحيوية, فمثلا »ابو عصام« تفاعل معه المشاهدون وعاشوا لحظات ظلمه, وفرحوا لانتصاراته, وكم تعلق الناس للرجولة المنفلتة »لمعتز« ومشيته التي تعبر عن كبرياء اصيل وفي المقابل كره الناس »صطيف« الخائن الجاسوس بقدر سموهم للقيم العليا.. وفيما قرأت لكتابات عن »باب الحارة« طفحت بها الصحف ان الاثر المباشر وراء المشاهدة العالية للمسلسل توق المشاهدين لحنين ازلي للقيم التي بثها المسلسل في طهارة وشجاعة وحميمة وتناصر وجزع جماعي, وسر محبوس في صدور الرجال, ونصرة عند الصيحة حيث العدو معروف, فيتناسى الجميع خلافاتهم ويلتفون بصف واحد.. ونفس واحد لمقابلة العدو.. »باب الحارة« لمست الوجع والحلم والوعي العربي, فالحارة الدمشقية القديمة تسري في ازقتها الضيقة كل القيم الجميلة.. من نفرة الرجال الى شوق النساء في خدرهن الى ازواجهن, وحذرهن الاصيل من »العيب« سوى في الكرم الى بوح بسرهن النسائي.

لا اقيّم المسلسل انما تابعته بنفس لاهث واستمتعت باللغة الشامية وبأصالة الزمن القديم الذي يغذي الروح, فيتعلم الانسان الكرامة, والحب, والحرمة المطلقة لما هو عيب بشكل جمعي حميم.

(2)

وودت لو استطاع بعض اهل الفن في السودان في ان ينقلوا »باب الحارة الدارفورية« التي تشبه الكثير من »باب الحارة الدمشقية«, فالقيم واحدة من كرم واصالة وشجاعة وتكافل اجتماعي يحس فيه المرء بامان ازلي.. كانت هذه الحارة الدارفورية القديمة التي شاهت الان نتيجة للحروب وقيادة زمام الامور لغير اهل الحكمة والرأي السديد.. ودخلت صفات اخرى على تلك التي كانت تنتمي للحكمة الازلية وروح الجماعة وتزاوج النسيج الذي عاش في ارض وتحت سماء واحدة.. حيث مصادر الحياة واحدة الماء والكلأ!!

ولما تبدل الحال.. تبدلت الحارة الدارفورية التي سكنت المعسكرات بسبب انفراط الامن والنهب والسرقة واخيرا التعود على حياة غير حياتهم في تلك المعسكرات.. »الحارة الدارفورية« تصوم رمضان كله في مناخ حار جدا والعدو فيه لا يطاق اضافة الى نار فران التي لا تخمد.. ورجولة لا تنتهي, وكرم فياض رغم ضيق ذات اليد.. وقلة العيش.

الان الكل يتوق للحارة القديمة ودارفور احوج الى العودة الى ذاتها, فهي التي تكسو الكعبة, وهي التي تنصر الاسلام وتسحق المستعمر وتنهض بمشروع الاصالة والتحرير في زمن بعيد.. فما احوج اليوم »الحارة« لزمانها القديم المتجدد.. فنبذ غبار الحرب, وكثرة منظمات الاغاثة.. وحلم المستعمر القديم في محاولاته الدائمة لنهب ثرواتها.. يا ليت يفتح »باب الحارة« لاهل الحارة جميعا لتضميد الجراح واقامة مشاريع التكافل والحب الجماعي.

الدعوة الان لبسام الملا لاخراج جزء جديد من مسلسل باب الحارة عند ابواب دارفور الكبرى!!
عادل عبد الرحمن عمر - السودان


تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

لا يمكن اضافة تعليق جديد