الحبُّ .. في وجدان السعوديين

mainThumb

24-05-2008 12:00 AM

لماذا عاطفة الحبّ في وجدان السعوديين كائن خديج وغريب جدا؟!
سؤال مؤرق! لكن واقع إجابته مرة كالحنظل، فهي عند السعوديين ـ ليس الكل ـ يعتبر كائنا ناقص النمو وغير ناضج، ولأنه كذلك لم يتحول إلى فعل ناضج لمن يمارسون هذه العاطفة وهم كثر، بل تحول من عاطفة إنسانية سامية إلى خطيئة لا يغفرها سموها، وتمّ اغتياله في مهده بفعل لوثة التوجس والريبة والتخويف التي تغذي ثقافتنا المحلية.

فمنذ صغرنا ونحن نسمع بـ "الحبّ عيب" ولتعزيزه والترهيب منه تم ربطه بالخطيئة الكبرى في قصص ضحايا الاستغلال خلال خطابنا التربوي والأخلاقي، وحينها أصبح الخوف والريبة أبطالا حاضرين بين الجنسين، كي لا يقعوا فيما اتخذ صفة الحرمانية مع ما يستظل بمظلة "العيب" في ثقافتنا وعاداتنا، وأصبحت هذه العاطفة جيلا بعد جيل تعيش في وجدان السعودي أزمة نفسية مزدوجة بين الفطرة التي خلقنا الله بها والعيب الذي يفرضه الشكل والعقل الجمعي لثقافته، وهو ما جعل هذا الوجدان يعاني كثيرا حتى بتنا نتعامل معه على أنه من القيم التي يجب سلخها من إنسانيتنا.

وبتنا نتعامل مع الحب وكأنه جريمة تُحاكم بالرفض لخروجها عن النسق المتعارف عليه! حتى وصل إلى مستوى استهجانه وإن كان مباحا كقصة فاطمة ومنصور الزوجين اللذين أحبا بعضهما وتحولا إلى ضحية عيب كبرى تُقاضى بالطلاق، أو تلك الطبيبة التي عضلها أهلها عن الزواج لتجد في رجل ما أخلاق زوج مُحب ليحاكم بالجلد والسجن فيما تقضي هي سنواتها بين القضبان رغم مشروعهما المباح، بل وانتهى بعضهم بفضيحة عائلية نتيجة مطاردة (جمسات) اغتالت أحلام مشروع مباح، وهكذا بتنا نخاف الحب و ننكره كغريزة شعرنا بها منذ أن كنا أجنة في بطون أمهاتنا قبل أن نرتشف قطرات الحياة الأولى من صدورهن، بل وأصبح بعض الأزواج والزوجات عاجزين عن التعبير عما اعتادوا أن يكون عيبا في حياتهم.

وكثير منا يعرف جيدا أن العديد من الشبان السعوديين والسعوديات يمارسون العلاقات العاطفية غير الجادة المتعددة الهاتفية والماسنجرية وغيرها؛ والمشكلة أن عددا كبيرا منهم يتعاملون معه على أنه نوع من التسلية في محادثات لا مشروع فيها ولا أحلام، فهو حافظ للسيناريو الذي سينهي علاقته بها "سيجبره أهله على خطبة ابنة عمه التي لم يرها منذ الطفولة"، وهي تعرف جيدا أنه يريد استغلالها، ولذلك لا مانع لديها من استغلاله أولا؛ ولو بالحصول على بطاقات شحن لهاتفها النقال.

وقد يقع في حبها فعلا ويجد بها امرأة أحلامه، لكنه لا يستطيع التخلي عن قراره "لا أتزوج بامرأة تعرفتُ عليها" أو التغلب على لوثة تساؤلاته: "هل تعرفت على غيري؟ خرجت مع غيري؟ ستخونني بعد زواجي بها؟"، وينهي استغلاله بحسرة، فيما هي تبني أحلاما مع فارس أحلام يخشى مستقبله معها! مع العلم أنه قد يحب ويتزوج بفتاة غير سعودية أحبت وخرجت مع غيره قبله، ولأن تجارب عديدة تفضي إلى هذه النتيجة لم يعد لدى الفتيات مانع من أن يحببن عشرة في وقت واحد، ربما تنجح حيلتها بزواج أحدهم منها.

وأعود لسؤالي: لماذا عاطفة الحبّ في وجدان السعوديين غدت كائنا خديجا وغريبا جدا؟!.

*نقلاً عن صحيفة "الوطن" السعودية



تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

لا يمكن اضافة تعليق جديد