نجم سهيل يطل في سماء الأردن معلنًا انكسار الحر

mainThumb

14-09-2025 11:15 AM

السوسنة - يطل نجم "سهيل" في سماء الأردن في مثل هذه الأيام من كل عام، معلنًا بداية مرحلة من التحولات المناخية التي ارتبطت بالذاكرة الشعبية منذ قرون، وشكّلت علامة فارقة في التراث الزراعي وحياة البادية، كما اعتُبر مؤشرًا مهمًا لعلماء الفلك على مرّ العصور.

ويحظى هذا النجم اللامع بمكانة خاصة في الثقافة الأردنية، إذ يقول الحاج فرحان الهقيش، أحد العارفين بعلوم الفلك في البادية، إن ظهور "سهيل" في أواخر شهر آب/أغسطس يحمل رمزية كبيرة، فهو يبشّر بانحسار الحر ودخول موسم "الهريف" الذي يسبق الشتاء.

وقد ارتبط ظهوره بأمثال شعبية مثل "إذا طلع سهيل لا تأمن السيل"، في إشارة إلى قرب موسم الأمطار، ويستبشر به الفلاحون لبدء حراثة الأرض وزراعة المحاصيل الشتوية، حيث تبرد التربة ويتهيأ البذار للإنبات. ومن العلامات الشعبية على بزوغه ظهور نبتة "عود الروى"، حتى قبل رؤيته بالعين المجردة.

من الناحية العلمية، يوضح الدكتور علي الطعاني، أستاذ الفيزياء الفلكية وعلوم الفضاء في جامعة البلقاء التطبيقية، أن نجم سهيل (Canopus) هو ثاني ألمع نجم في السماء بعد الشعرى اليمانية (Sirius)، ويفوق لمعانه الشمس بنحو عشرة آلاف مرة، وتبلغ كتلته ثماني مرات كتلة الشمس، ويبعد عن الأرض مسافة 313 سنة ضوئية.

ويضيف أن ظهوره يتزامن فلكيًا مع بدء انخفاض درجات الحرارة، ما يفسر ارتباطه الشعبي بانكسار شدة الحر.

وتستمر فترة ظهوره نحو 52 يومًا، تُقسّم علميًا إلى أربع مراحل: الطرفة، الجبهة، الزيرة، والصرفة، حيث تبدأ الأجواء بالاعتدال نهارًا وتميل للبرودة ليلاً بشكل تدريجي. ويمكن رصده حاليًا في الأفق الجنوبي للمملكة قبل شروق الشمس بنحو نصف ساعة باستخدام التلسكوب، وسيصبح مرئيًا بالعين المجردة خلال أسبوع تقريبًا.

وهكذا، يجمع نجم "سهيل" بين دلالته التراثية كرمز حي في حياة الأجداد وتقويمهم الزراعي، وبين قيمته العلمية كجسم فلكي هائل يضيء سماء الكون، ويبقى حاضرًا في وجدان الأردنيين كبشير للخير، وفي اهتمامات العلماء كمختبر طبيعي لدراسة تطور النجوم.

اقرأ ايضاً:



تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

لا يمكن اضافة تعليق جديد