دلال المغربي تذكّر فصائل المقاومة بوصيتها
تحت سماء الغربة، نامت دلال المغربي عشرين عاما?Z على سرير القهر، تحلم بغصن الزيتون وببيارات البرتقال على جنة أرضها ووطنها المختلس عنوة من آباءها وأجداها.
وبين النوم واليقظة، رأت دلال فلسطين تفتح ذراعيها لها، والدموع تهطل من عينيها المتعبتين من كيان صهيوني استحوذ عليها للمّ شتاته الغريب عنها، ورأتها تبكي حسرة اشتياقها إلى أطلال بيوت أبنائها وبناتها المهجّرين.
قدحت عينا دلال برقاً واشتعل دمها برصاص الغضب، كيف لا .. وغاليتها تنثر التراب تحت قدميها الحافيتين وتكلل جسدها العاري حنينا ببدلة عسكرية وبندقية لن تزهد في حملها ابنة العشرين عاماُ.
ومن جنوب لبنان، أقسمت دلال أن تلبي نداء الوطن، والتحقت بحركة فتح الفدائية، فدخلت عدة دورات عسكرية، وتدربت على التعامل مع مختلف أنواع الأسلحة الخفيفة وحرب العصابات، وقد عرفت بين أقرانها بجرأتها وحماسها الثوري والوطني. كان عام 1978 عاماً سيئاً على الثورة الفلسطينية، فقد تعرضت إلى عدة ضربات، ومنيت بفشل في عدة عمليات عسكرية، وتعرضت مخيماتها في لبنان إلى مذابح شنيعة، وأصبح هناك ضرورة ملحة للقيام بعملية نوعية وجريئة لضرب تل أبيب، فكانت عملية " كمال العدوان" التي وضع خطتها الشهيد القائد خليل الوزير "أبو جهاد". وكانت العملية تقوم على أساس إنزال قوات فدائية خاصة على شاطئ حيفا المحتلن والسيطرة على حافلة عسكرية والتوجه إلى تل أبيب لمهاجمة مبنى الكنيست القريب؛ ووقع الاختيار على دلال المغربي لتكون ضمن المجموعة الاستشهادية التي ستنفذ العملية، والمكونة من 12 شابا، بينهم لبناني وآخر يمني كان يحلم بالصلاة في المسجد الأقصى.
وفي صباح يوم 11 آذار 1978 ركبت مجموعة كمال العدوان سفينة نقل تجارية لتوصلهم إلى مسافة تبعد 12 ميلاً عن الشاطئ الفلسطيني، ثم استقلت المجموعة زورقين مطاطين وانطلقت في طريقها إلى شاطئ مدينة يافا القريب من تل أبيب حيث مقر البرلمان، الهدف الأول للعملية، غير أن رياح البحر المتوسط كانت قوية في ذاك اليوم، فحالت دون وصول الزورقين إلى الشاطئ في الوقت المحدد، الأمر الذي دفع بالزورقين إلى البقاء في عرض البحر ليلة كاملة، تتقاذفهما الأمواج، حتى لاحت أضواء تل أبيب، ونجحت عملية الإنزال والوصول إلى الشاطئ، ولم يكتشفهما الصهاينة، بل لم يتوقعوا أن تصل الجرأة بالفلسطينيين إلى هذا النحو. ونجحت دلال وفرقتها في الوصول إلى الطريق العام قرب مستعمرة (معجان ميخائيل) حيث تمكنت دلال وفرقتها من إيقاف حافلة بلغ عدد ركابها ثلاثين راكباً، وأجبروها على التوجه نحو تل أبيب.. وفي أثناء المسير استطاعت المجموعة السيطرة على حافلة أخرى ونقل ركابها إلى الحافلة الأولى، وتم احتجازهم كرهائن ليصل العدد إلى 68 رهينة.
كان الخوف والرهبة يخيمان على وجوه الرهائن، وبنبرة خطابية أردفت دلال " نحن لا نريد قتلكم، نحن نحتجزكم فقط كرهائن، لنخلص إخواننا المعتقلين في سجون دولتكم المزعومة من براثن الأسر، فنحن شعب يطالب بحقه وبوطنه الذي سرقتموه. ما الذي جاء بكم إلى أرضنا؟" وحين رأت دلال ملامح الاستغراب بادية على وجوه الرهائن، سألتهم: "هل تفهمون لغتي أم أنكم غرباء عن اللغة والوطن!!! لتعلموا جميعا أن أرض فلسطين عربية، وستظل كذلك مهما علت أصواتكم وبنيانكم على أرضها". وأخرجت دلال من حقيبتها علم فلسطين وقبلته بكل خشوع ثم علقته داخل الحافلة وهي تردد "بلادي بلادي بلادي، لك حبي وفؤادي، فلسطين يا أرض الجدود، إليك لا بد أن نعود".
عند هذه المرحلة اكتشفت قوات الاحتلال العملية، فزجت بأعداد من المجندين وحرس الحدود لمواجهة الفدائيين، وسعت لوضع الحواجز في جميع الطرق المؤدية إلى تل أبيب، لكن الفدائيين تمكنوا من تجاوز الحاجز الأول ومواجهة عربة من الجنود، وقتلهم جميعا، الأمر الذي دفع بقوات الاحتلال إلى تكثيف المزيد من الحواجز حول الطرق المؤدية إلى تل أبيب، غير أن الفدائيين استطاعوا تجاوز حاجز ثان وثالث حتى أطلوا على مشارف تل أبيب، فارتفعت روحهم المعنوية أملا في تحقيق الهدف، لكن قوات الاحتلال صعدت من المواجهة العسكرية بمزيد من الحشود وتمركزت الآليات العسكرية المدرعة قرب ناد ريفي اسمه (كانتري كلوب) ثم أصدر أيهود باراك، قائد قوة المواجه آنذاك، أوامره بإيقاف الحافلة بأي ثمن، فعملت قوات الاحتلال على تعطيل إطارات الحافلة ومواجهتها بمدرعة عسكرية لإجبارها على الوقوف.
حاولت المجموعة الفدائية مخاطبة الجيش بهدف التفاوض، لكن جيش الاحتلال أعلن عبر مكبرات الصوت أن لا تفاوض مع "المخربين" وأن عليهم الاستسلام. رفض الفدائييون الاستسلام وخاضوا معركة عنيفة، ضربت خلالها دلال المغربي ومجموعتها نماذج في الصمود والجرأة عندما نجحت في اختراق الجيش وإيقاع خسائر كبيرة في صفوفه بأسلحة بسيطة.
أصيبت دلال وسقط الشهداء تباعاً، وبدأ الوضع ينقلب لمصلحة الجيش، خاصة وأن ذخيرة المجموعة بدأت في النفاذ. كانت قوات الاحتلال خلال هذا المشهد تطلق قذائفها غير مبالية باليهود الرهائن المحتجزين بالحافلة، فسقطوا بين قتيل وجريح، وظهر للمجموعة أن الوضع آخذ في التردي وأن العملية تشرف على نهايتها.
استشهدت دلال المغربي ورفاقها بعد أن كبدوا الجيش قرابة 30 قتيلا وأكثر من 80 جريحا، في حين أسرت قوات الاحتلال فدائيين جريحين أطلقت سراحهما لاحقاً في عملية تبادل للأسرى مع الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين. لم يصدق أيهود باراك أن بين الشهداء امرأة حتى عاين جثمانها الطاهر المخضب بدمائها، فاقبل عليها يشدها من شعرها، ويركلها بقدمه دون أن يقر بحرمة لجثامين الشهداء....
واحد وثلاثون عاما مرت على استشهاد الثائرة والبطلة دلال المغربي.. وفي ذكرى استشهادها يتجدد عهد وصيتها التي طالبت فيها رفاقها المقاومين بالثبات حتى تحرير كامل التراب الفلسطيني. روح دلال تطل اليوم من عليائها على فلسطين وترمقها بنظرة مشفقة وحزينة، وتطل على المقامرين الخاسرين الذين يجنون ثمار الكفاح على طاولات المفاوضات بنظرة غضب ووعيد .. دلال كانت صاحبة قرار، قرار بإلغاء الولاء للطائفة والمذهب والكيان السياسي المجزئ والفئة والعشيرة، وتثبيت السيادة الكلية للأمة والوطن؛ وقرار بتثبيت القدرة على التمرس بالتضحية بكل شروطها التاريخية والاجتماعية الواقعية، وفرض الأمر الواقع لا الخضوع له، مهما بلغ عنت وقوة المستكبرين.
فلا خلاص لنا إلا بالقوة المنظمة والبطولة المؤمنة بأيدولوجيا ثورية. وإرادة الأمة لا يمكن أن يعبر عنها إلا المؤهلون، وومنهم الاستشهاديون، في تعبير استثنائي، لأهداف كبرى، لا لإرادات خاصة ومطامع شخصية.
الأسهم الآسيوية ترتفع والهندية لأعلى مستوى في أكثر من 7 أشهر
الخلايلة: حالتا الحجاج الأردنيين تتلقى رعاية طبية مستقرة
مؤتمر أبل للمطورين 2025 .. هذا ما ستكشفه الشركة
خبز الثوم والجبنة .. أفضل وصفة مقبلات
عشرات الفنانين يقاطعون مهرجان سونار في برشلونة
أفيخاي أدرعي يردّ على فيديو نادين الراسي: مشكلتكم ليست معنا
طلائع الحجاج الأردنيين ومسلمي 48 يصلون أرض الوطن
المستشفى الميداني الأردني ينقذ طفلاً فلسطينياً من شظية قاتلة
انخفاض أسعار الذهب في الأردن الإثنين
العراقيون يتصدرون تملك العقارات في الأردن
ملحم زين يشوّق جمهوره لألبومه المرتقب 22 .. قريبا
بين قلة النوم وفقدان السمع صلة غير متوقعة
الزبدة قد تقلل خطر الإصابة بأمراض القلب والسكري
عُمان تطلب توضيحاً رسمياً بشأن ما حدث بتدريبات النشامى
كم يبلغ سعر كيلو الأضاحي البلدي والروماني في الأردن
في الأردن : اشترِ سيارة .. وخذ الثانية مجّانًا
التلفزيون الأردني يحذر المواطنين
إلغاء وظيفة الكنترول بشكل كامل في الأردن
أسماء ضباط الأمن العام المشمولين بالترفيع
قرار من وزارة العمل يتعلق بالعمالة السورية
الملكة رانيا: ما أشبه اليوم بالأمس
وفاة مستشارة رئيس مجلس النواب سناء العجارمة
خلعت زوجها لأنه يتجاهل هذا الأمر قبل النوم .. تفاصيل لا تُصدق
فيفا يمنح الأردن 10.5 مليون دولار بعد التأهل إلى كأس العالم 2026
كتلة هوائية حارة قادمة للمملكة من الجزيرة العربية .. تفاصيل
تنشيط السياحة توضح موقفها من حفل البتراء المثير للجدل