خرف هيكل وكذبه التاريخي

mainThumb

16-03-2009 12:00 AM

لقد أثرت أن لا أتسرع في الرد على مجموع الأكاذيب التي قالها المهرج العربي المعروف حسنين هيكل, رغم ما في النفس من غصة وانفعال وعاطفة للرد على السم الذي اخرج, وتفنيد أكاذيبه التي اعتاد عليها عبر سنوات عمره الطويلة.

إن لغة الإساءة كما يعلم الجميع هي أسهل لغة في العالم, إذ يستطيع أي قارئ أو كاتب مبتدئ أن يقول فيها ما يشاء وينجح في نفث سمه هنا وهناك. إن قراءة التاريخ ودراسته وفهمه من اعقد الأشياء وأصعبها, وكيف لا والتاريخ يكتب في بلاط الملوك؟ وكيف لا والتحيز في التاريخ قديم قدم التاريخ نفسه؟ وهنا أجد أن هناك مجموعة من الأسئلة لا بد من طرحها على هيكل ومن قد يصدق كذبه, وهو لماذا هيكل؟ لماذا هيكل هو الذي يملك كل الوثائق؟ لماذا هيكل هو الوحيد الذي يقابل الزعماء من عرب وغيرهم ويحظى بودهم واحترامهم؟ لماذا يقربونه دون سواه من الصحفيين والمؤرخين والكتاب؟ اهو فعلا نابغة عصره؟ اهو فعلا أمير التأريخ والصحافة دون منازع؟ اهو حالة متميزة في العطاء والذكاء؟ أم أن هناك أسبابا حقيقية خفية أخرى؟ إن هيكل لا يتميز عن غيره من الكتاب والصحافيين بعظيم علم ولا سبق أدب أو علم, ولكن هيكل الابن المدلل لوكالة الاستخبارات الأمريكية (CIA ) وهي التي صنعت منه نجما صحفيا وإعلاميا بارزا حتى يساعدها في تحقيق أهدافها في المنطقة العربية, وهنا لا بد من الاعتراف بان هيكل كان ناجحا جدا في أداء هذا الدور الكبير, إذ اثبت انه عميل من الطراز الأول وباقتدار وامتياز.

لا أريد أن القي التهم جزافا على المهرج الكبير هيكل, والذي كما قلت سابقا يعد واحدا من انجح عملاء وكالة الاستخبارات الأمريكية(CIA) والذي استطاع بفضل ذكاءه وحنكته والدعم الكبير من الوكالة أن يصور نفسه كمؤرخ وإعلامي وباحث ومحلل نفسي من الصنف الأول, وانه الهيكل الذي لا يشق له غبار في العالم العربي اجمع.

سأسوق كم قلت بعض الأدلة على تاريخه الحافل بالكذب والتدليس والتزوير, ومن أناس ومؤرخين وسياسيين عرفوا كذبه وتزويره وتدليسه, ولكنهم ومع هذا وللأسف الشديد لم يستطيعوا أن يوقفوا مسلسلات الكذب والدجل والتزوير التي يخرجها ويرسم مشاهدها هذا المهرج الكبير لأنه وكما أشرت سابقا الابن المدلل لوكالة الاستخبارات الأمريكية ولأنه ماهر حاذق في النفاق والكذب والتزوير.

الرئيس المصري السابق محمد نجيب وكما جاء في كتاب "الأوراق السرية لمحمد نجيب أول رئيس جمهورية في مصر"، للكاتب والصحافي محمد ثروت، يوثق كثيراً من الحقائق عبر مجموعة من الأوراق والمستندات والصور الشخصية النادرة التي تنشر لأول مرة لمحمد نجيب والذي اسماه البعض "ضحية يوليو"، كما يكشف عن الدوافع الخفية والمسكوت عنها التي كانت وراء اعتقاله ونفيه وتهميشه ومعاملته بصورة لا تليق برئيس دولة.

يكشف الكتاب عن حالة العداء الشديدة بين كل من اللواء محمد نجيب والكاتب والصحافي محمد حسنين هيكل وذلك من خلال وثيقتين: الأولى تخص إحدى المقالات التي نشرها هيكل في صحيفة الأهرام عام 1973 بعنوان "شبح من الماضي" وفيها سخر هيكل من كتاب (كلمتي للتاريخ) الذي أصدره نجيب في العام نفسه. ورد نجيب على مقال هيكل، لكن الأخير قام بنشره في صفحة الوفيات !بعدها أرسل نجيب نفس الرد إلى أخبار اليوم ولإحسان عبد القدوس تحديدا وفيه يكشف عن العديد من الوقائع وعلى رأسها أن هيكل طلب منه مرارا إجراء مقابلة إلا أن نجيب كان يرفض ذلك .

إلا أن الحدث الأهم في هذا العداء هو الكتاب الذي أصدره هيكل عام 1972 " عبد الناصر والعالم"، وفيه اتهم هيكل محمد نجيب بالعمالة للولايات المتحدة الأمريكية من خلال واقعة تلقيه مبلغ 3 ملايين دولار كاعتماد أمريكي خالص لبناء برج لاسلكي للاتصالات العالمية، وذلك عن طريق المخابرات المركزية CIA وقد غضب عبد الناصر غضبا شديدا من هذا الأمر.

ويكشف الكتاب أن محمد نجيب لم يقف مكتوف الأيدي أمام اتهامات هيكل وقتها لسبب بسيط هو انه كان معتقلا وقت وصول هذا المبلغ من المخابرات الأمريكية وقد استشهد بكتاب مايلز كوبلاند رجل المخابرات المركزية الذي كان مقربا من جمال عبد الناصر وقتها، والذي أكد في كتابه على أن المبلغ تسلمه حسن التهامي أحد المقربين من جمال عبد الناصر ومستشار الرئيس السادات فيما بعد، وهو ما حدا بنجيب وقتها إلى رفع دعوى قضائية ضد هيكل في نوفمبر من عام 1972، أمام محكمة جنايات الجيزة، إلا أن هيكل استطاع أن يصل إلى صيغة تصالح مع محمد نجيب مقابل نشر هيكل بيان تكذيب في صحف الديلي تلجراف والأهرام والنهار اللبنانية.. ولم يقتصر الأمر على هذا، بل شكك هيكل في وطنية نجيب واتهمه بالاتصال بالإنجليز عام 1956 برغم أن نجيب كان رهن الاعتقال في فيلا المرج المهجورة وقتها.

اما الدكتور محمد عباس وفي معرض حديثه عن تزوير وكذب هيكل الذي كان العلامة محمد جلال كشك يقول به فيقول لقد ظللت أعواما لا أريد أن أصدق جلال كشك في انتقاداته العنيفة واتهاماته الأعنف لمحمد حسنين هيكل.. وكان أحد هذه الاتهامات هو الاختلافات بين نصوص كتبه ما بين الطبعة العربية والطبعة الانجليزية,,,, وكنت أقول لنفسي أن خصائص كل لغة تستلزم نوعا من الاختلاف في الأسلوب.. لكن واقعة محددة طعنت قلبي.

واقعة واضحة صريحة مريرة فاجعة تنال مباشرة من مصداقية هيكل الذي كنت أظن أنني فهمته فهو لا يكذب ابدا كما أنه لا يقول الحقيقة كاملة أبدا.. كنت مقتنعا بذلك وحتى عندما دبج جلال كشك الاف الصفحات وحتى بعد كتابات مايلز كوبلاند ومصطفى أمين ظل راي في هيكل كما هو,,,.....

كنت دائما أنصف هيكل على حساب جلال كشك.. بل كنت أتهم مصداقية جلال كشك عند يكتب عن الطبعات الأجنبية لمؤلفات محمد حسنين هيكل لكن الميزان بدأ يميل لصالح جلال كشك..

لكن الميزان بدأ يميل لصالح جلال كشك.. وفي واقعة محددة ولنقرأ في كتابه: ثورة يوليو الأمريكية_الطبعة الثالثة_ ص95 و 96

.. ونمضي في المقارنة بين ما قيل للغربيين المتنورين، وما أعدته مؤسسة تزييف التاريخ لقرائها بالعربية.. فنقارن بين صفحتي 49 الطبعة العربية و صفحة 8 من الطبعة الانجليزية من (كتاب ملفات السويس(فنفاجأ بأن الأستاذ قد أتحفنا بنص رسالة الوزير الأمريكي المفوض في مصر عن اللقاء بين فاروق وروزفلت، وترجمها مشكورا هو أو مكتب سكرتيرته السابقة، المتآمرة على ” الزعيم ” بواقع التسجيلات.. ومنح الخطاب رقم 11 في قائمة الوثائق التي ازدان بها الكتاب العربي وطرب لها الأميون-. ومن أجل استرداد المصداقية التي ضاعت! إلا أننا نكتشف أنه حتى في الوثائق، فإن الأخ الأكبر لا يتورع عن تنقيح التاريخ، بما لا يخدش حياء قرائه القاصرين.. ففي الوثيقة العربية سقط عمدا أهم ما قاله الرئيس الأمريكي للملك فاروق. الأمر الذي لم يكن بوسعه حذفه من الطبعة الإنجليزية.. أو من يدري لعله فعل وأضافه الناشر الإنجليزي لتعزيز المصداقية إياها!.. والنص المخفي هو واقترح الرئيس الأمريكي على ملك غير متجاوب، اقترح روزفلت تقسيم الملكيات الكبيرة في (مصر وتسليمها للفلاحين لزراعتها ) (وقد بلغ الحرص على دقة النص أن كلمة : فلاحين! كتبت هكذا: fellahin.. لتحديد الطبقة المقصودة بالتوزيع .. لماذا ضن ” هيكل على البؤساء من قرائه العرب بهذا النص البالغ الخطورة في الطبعة العربية والاختصار في الإنجليزية.. لماذا؟

الجواب معروف: لأنه يعزز حجة القائلين بأن الإصلاح الزراعي هو أصلا، مطلب أمريكي قديم منذ 13 فبراير 1945) أي قبل الثورة بسبع سنين. وها نحن في أول لقاء بين رئيس أمريكي ومللك مصر لا يجد الرئيس الأمريكي ما يقترحه على ملك غير متجاوب ” بل مهتم أكثر بالشكوى من معاملة الإنجليز، لا يجد الأمريكي ما يطلبه إلا الإصلاح الزراعي.. ولكن لأن هذه الحقيقة تعزز حجج خصوم الناصرية فقد استحقت أن تنسخ وفي أول ملزمة.. ولكن هيهات فقد بقي حكمها! بل ونصها الأفرنجي!

وعندما يكتب التاريخ بهدف إخفاء تهمة، فهو لا يكون تاريخا، بل شعوذة وتزويرا في مستندات رسمية

..

هرعت إلى نسخة ملفات السويس عندي ولم أجد الجملة ..

وظل الميزان يميل لصالح جلال كشك أعواما و أعواما.. ولكن ظلت هذه الواقعة تضيع في زحام مشاغلي وعدم تيسر طبعة انجليزية حتى لجأت أخيرا إلى صديقي الأستاذ محمد طاهر وهو يقيم بالخارج فتفضل بإرسال صورة لصفحة 8 بالنص الانجليزي وشعرت بطعنة الخيانة.

هيكل إذن درج على إخفاء ما يتعلق بعلاقة ثورة 23 يوليو بالمخابرات الأمريكية.

..

وكان نص الصفحة كالآتي:

Cutting the Lions Tail
populous and potentially the most powerful of the emerging Arab nations And Ethiopia, together with the British at their base in Aden, controlled the strategically vital straits between the Red Sea and the Indian Ocean.

At noon on 13 February 1945, Roosevelt received Farouk on board USS Quincy, anchored in the Great Bitter Lake. To an unresponsive monarch, more interested in complaining about the iniquities of Killearn, he suggested that it might be a good idea to break up the large landed estates in his country and hand them over for cultivation by the fellahin .

At noon the following day he received the King of Saudi Arabia. They considred the question of homeless Jews in Europe, the King insisting on the impossibility of cooperation between Arabs and jews, in Palestine or anywhere else, and the President promising that he would do nothing to assist the Jews against the Arabs and that he would make no move hostile to the Arab people.

The two leaders then went on to discuss the British and the French. `We like the English, said the President, `but we also know the English and how they insist on doing good themselves. You and I want freedom and prosperity for our people and their neighbours after the war The English also work and sacrifice to bring freedom and prosperity to the world, but on the condition that it be brought by them and marked “made in Britain”.’ lbn Saud smiled, and nodded assent.
Later the King said that he had never heard the English so accurately described. `The contrast between, the President and Mr Churchill is `very great,’ he told the American Minister in Jeddah `Mr Churchill speaks deviously, evades understanding, changes the stabject to avoid commitment. C.ordng me repeatedly to bring him back to the point.
The President seeks understanding in conversation; his effort is to make two minds meet; to dispel darkness and shed light on the issue.’ On his return Roosevelt told Congress that he had `learned more about the whole problem, the Moslem problem, the Jewish problem, by talking with ibn Saud for five minutes than could have learned in the exchange of two or three dozen letters.’ An era of postwar harmony between America and the Arabs seemed to be about to open.

Two months later Roosevelt was dead.

أما الدكتور محمد الحسيني إسماعيل فيقول

وللأمانة والحياد التام في العرض ؛ سوف لن ألتفت إلى كل ما قيل عن عمالة الأستاذ هيكل للمخابرات الأمريكية .. وخصوصا ما ورد في كتاب " لعبة الأمم " الذي صدر عام 1969 لرجل المخابرات الأمريكي " مايلز كوبلاند " [1] [1] على سبيل المثال ( وقبل أن يتغلغل نفوذ الولايات المتحدة الأمريكية في النظام الناصري إلى حد التبعية المباشرة ) يقول " نايلز كوبلاند " في كتابه : " لعبة الأمم : The Game of Nations " ( اللأخلاقية في سياسة القوة الأمريكية ) ؛ تعريب : مروان خير . مكتبة الزيتونة ـ بيروت ـ لبنان . الطبعة الأولى 1970 . في صفحة 104 :

[ .. ولكن القلق بقى ينتاب المسئولين عن وضع خططنا في وشنطن بخصوص أفكار عبد الناصر حول : " الصفوة المختارة والمؤهلة للحكم فطريا " . وكانت مثل هذه الأفكار تصلهم عن طريق هيكل ـ ليكلاند .. ]

وليكلاند هو " وليم ليكلاند " ضابط المخابرات الأمريكي والمسئول السياسي في السفارة الأمريكية في القاهرة . والمعروف لدى كتاب كثيرين ( مثل جلال كشك .. ) أن ثورة يوليو كانت كلها عملية أمريكية ..!!!

( وهو ما أكده الدكتور مصطفى خليل رئيس وزراء مصر سابقا .. في حديث له في قناة الجزيرة في برنامج : " شاهد على العصر " بتاريخ 4 / 12 / 2000 ) ..!!! كما لن ألتفت إلى اتهام الرئيس ـ المصري ـ السابق محمد نجيب للأستاذ هيكل بالخيانة لحساب دولة أجنبية ( في كتابه : كلمتي للتاريخ ) .. كما لن ألتفت إلى اتهام خروتشوف ( رئيس وزراء الاتحـاد السوفييتي سابقا ) له بالتهمة نفسها ، وذكره بالمبالغ والشيكات التي تسلمها من وكالة المخابرات المركزية الأمريكية .. في اجتماع كان يعقد في موسكو أمام جمال عبد الناصر ، مما اضطر الأستاذ هيكل إلى أن يقفل راجعا إلى مصر في اليوم الثاني من الرحلة ..!!! كما لن ألتفت إلى من يتهمه بأنه لعب دورا رائدا في هزيمة يونيو 1967 ـ لصالح إسرائيل ـ باعتباره كان أقرب الناس إلى الرئيس جمال عبد الناصر ، كما كان من أشد الشخصيات المؤثرة عليه [2] . وللتفاصيل والتوثيق يمكن الرجوع إلى موقع الدكتور محمد عباس : ( www.mohamadabbas.net ). بل وكان مستشاره السياسي الأوحد في فترة ما قبل ـ وما بعد ـ هزيمة يونيو 1967 ..!!!

وهيكل من أنصار الدولة الفارسية إذ أن أول كتاب له قد أصدره كان بعنوان إيران فوق البركان بعد رحلة إلى إيران استغرقت أكثر من شهر في العام 1951, ولذلك نجده يقول:

.. أتعجب حتى هذه اللحظة ( أغسطس 2004 ) من المقاطعة الكاملة لإيران .. لم يحضر " شيمون بيريز " إلى مصر .. ولم يقابل مسئولين مصريين إلا وقضى نصف الوقت يُحرّض على إيران ـ وما يدعو للدهشة .. أن العالم العربي كان محبا لشاه إيران صديق إسرائيل إلا أن العالم العربي كره جدا الثورة الإسلامية الإيرانية وهي معادية لإسرائيل ..!!! وأذكر في آخر مقابلة مع الخميني ( قائد الثورة الإيرانية ) أنه قال لي : ماذا يريد العرب أكثر من أننا أخرجنا البعثة الإسرائيلية الدبلوماسية التي أرسلها شارون .. خرجت من طهران .. وأعطيت المقر الخاص بها لمنظمة التحرير الفلسطينية . ثم جعل نظام الثورة الإيرانية من اللغة العربية .. اللغة الثانية في إيران....

. ومن النكت الرائجة على هيكل أنه لا يروي القصة إلا بعد موت جميع شهودها، حتى لا يتسنى لأحد تكذيبه.ولكن الوقائع تشهد بعكس ذلك. ان ما سقته من أمثلة يظهر وبما لا يدع مجالا للشك تمرس هذا المهرج وقدرته الكبيرة والمميزة على قلب الحقائق وتزويرها حتى على من انعم وتفضل عليه. ولعلي أجد له بعض العذر هنا, فالمهرج هيكل قد بلغ من العمر ما يزيد على الثمانين عاما, ومن المؤكد أن من هذا العمر يعاني من الخرف, مصداقا لقول الله تعالى(ومنكم من يرد الي أرذل العمر لكي لا يعلم بعد علم شيئا)" النحل "7 ولعل ذلك عذره إن لم يعتذر.

ملاحظة: الشواهد التي أوردت في المقال حاولت أن أسوقها كما هي حرصا مني على صدق المعلومة.



تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

لا يمكن اضافة تعليق جديد