حمّى الأزمة المالية العالمية و أعراسنا

mainThumb

14-03-2009 12:00 AM

يتصدّر عنوان المقال أحاديث الناس كل الناس الآن، سواء أثناء تواجدهم في مركبات المواصلات العامة أوالخاصة،أو في أماكن العمل،أو أثناء الزيارات ، أو أثناء إستقبال عائد من سفر أو وداع مسافر أو حتى أثناء دفن الموتى وغير ذلك، وحتى في أحلام الناس تمر حرارة الحمّى في عروق الأدمغة، وقد كسبت شركات الإتصالات نتيجة حمى الأزمة عوائد لم تؤخذ أبدا بالحسبان عند إعدادهم الموازنات التقديرية، لأن إنتشار الأحاديث بين الناس وجها لوجه أو من خلال الهواتف المحمولة حول تلك الأزمة قد تسارع نموّها تماما مثل تسارع نمو و إنتشار الفطر.

ونتيجة لإرتدادات الأزمة المالية العالمية، تأجّــلت أو تعطّّـلت عندنا جاهات وأعراس، و مشاريع بناء، وشراء سيارات وتغيير أثاث، ووصل الأمر عند الناس و في كثير من الحالات الى عدم تغيير النعال وغير النعال !.

بعبارة أخرى تغيّرت و تعدّلت معظم خطط الناس هنا وهناك وأصبحت قرارات الشراء تلفها بيروقراطية التعطيل وتعطيل البيروقراطية، و لم تعد الحسومات تغري أحدا بتاتا، و أصيبت عمليات الترويج للمنتجات، بما في ذلك العرائس، بالإحباط والتوتر النفسي وقضم الأظافر والأقلام، و يفكّر كثير من الناس في شقّ كفّ اليد ووضع النقود في الشق وأغلاق الجرح بغرزه لتأمين تكاليف الزواج الرهيبة!.

ما يهمنا هنا هو: أما آن أوان كسر/تعطيل محرّكات العادات والتقاليد والأعراف والمفاهيم والقيم السطحية الدخيلة علينا (و المستوردة عبر وسائل الإتصال)، غير المناسبة لظروفنا و أوضاعنا المادية والنفسية الحالية، بل غير المنطقية وبكل المقاييس، والمخالفة لما أمرنا الله سبحانه وتعالى به ، والمحفّزة للمبالغة في الإسراف والتبذير والترف اللامعقولين، والتي ينجم عنها تحمّل الديون الثقيلة الأعباء من قبل من يفكر في الزواج وأهله؟.

لا بأس أن يحتفل بالمناسبات على نطاق ضيّق، أي دون ضجة فندقية وغير فندقية أي منسفية!، وتقديم هدية ثمينة للعروس تدّخرها، والإكتفاء بأشياء و أدوات بسيطة وعملية لتدبير أمور الحياة اليومية ، والتبرّع بجزء من المبلغ الذي كان سيهدر لمن هم في حاجة ماسة لتأمين قوتهم، مع إعلام الناس كل الناس عن النية بالتصدّق بدل الإنــزلاق نحو هاوية المظاهر، والإعلان بصوت عال: تبا لعيش كله مظاهر وقيل وقال!!!.

هناك فرق كبير بين من يمتلك حكمة و شجاعة و ثقة كبيرة بنفسه و إتّزان، ينشد السعادة والهناء بإتباع الأفعال التي ترضي الله عزّ وجل والعقلاء من الناس والمنطق وواقع الحال ، ضمن الإمكانيات وبعيدا عن التــذلّل للإستدانة أو الإحتيال، ومن لا يمتلك الشجاعة والثقة بنفسه وبأهله وعشيرته و ينشد أن يقول الناس عنه وعن إمكانياته الزائفة أحلى الكلام والتصفيق والتصفير لموكبه للحظات، يغضب الخالق ، ويعمل ، بعد حفلة العرس مباشرة، ليل نهار، ويقارع زوجته قرابة عقد من الزمن أو أكثر ليسدّد ديون تحمّلها خوفا من هجوم ألسنة الشامتين السطحيين !!!.

هناك فرق كبير بين من يحاول (تعقيد الآخرين!) بقدرته ومقدرته على شراء كل شيئ من جيبه، وبين من يحاول تعقيد الآخرين بقدرته ومقدرته على شراء كل شيئ من جيوب البنوك والآخرين، وكلاهما غير محمودين بتاتا.
 shafiqtdweik@yahoo.com


تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

لا يمكن اضافة تعليق جديد