عيد الابن بدلا من عيد الام

mainThumb

18-03-2009 12:00 AM

ولدي الحبيب ..... تعلو الأصوات هذه الأيام محتفلة بعيد الأم حيث يتسابق كل من طرفه لإظهار محاسنها وذكر دورها حيث يكتب النثر وينظم الشعر وتجرى اللقاءات وترتفع الأصوات ..

أما أنا فاخترت هذا اليوم لكي يكون عيدك يا بني وسأسميه "عيد الابن" بدلا من عيد الأم فأنا فقدتك باكراً قبل أن تحتفل بعيدي وتزورني حمالاً باقة الورود وتترك أبناءك يلعبون حولي ...واعرف أن حالي يشابه كثيراً من الأمهات اللواتي فقدن أبنائهن باكراً فمن الأمهات من ودعته صباحاً إلى مدرسته حاملاً حقيبته وطبعت قبلة دافئة على جبينه ولوحت له مودعة وحتى هذه اللحظة لم يعد ، ومن خطفه المرض باكراً من حضنها الدافئ بعد أن يبس العود وجف الريق، وسائق مستهتر قطف الزهرة وأطفأ الشمعة وترك اللعبة بلا رفيق ولا شريك، وأخرى جاؤوها بقميصه بدم صدق وقد طالته يد الغدر ورصاصة الخيانة... وثالثة ودعته على سلم طائرة بحلم طبيب فلا عاد جاهلاً ولا عاد الطبيب ...

ابني المحب عشرون عاماً مرت على وداعك وكنت استمد قواي من بسمتك الطفولية و ضحكاتك البريئة وكنت تتوسد حضني وتتلحف بألطاف السماء، وتغفو على تسبيح الملائكة وكنا نرتل سوية آيات عشق وحنان وبراءة طفولة.... وكل يوم افتح خزانة ملابسك لاشتم رائحتك الباقية في ثيابك ، أقف متسمرا ساعات أمام صورتك الجميلة، أحدثها عنك وامسح عنها غبار الأيام القديمة ..أقف بالقرب من الباب وأناشده (يا باب ما مر من عندك حبيبي.... يا باب منت خابر يوم طلع من عندك وضحكته معبيه الدار...تدري يا باب انه بعده ما رجع حبيبي ...) .

ابني العزيز....... كنت في حياتك بعضي ولكنك الآن كلي ، عندما جاءك الموت وخطفك مني كان قد جاءني بعدك ، هو غيبك عن الحياة فغيب الحياة عني ، اعلم أن عينك لم تغمض لأن عيني لم ترمش، عندما أسير على الأرض اخفف الوطأة وامشي الهوينى لأني اعلم انك تحت الثرى مدفون وأخاف أن تزعجك خطواتي أو تغض مضجعك سكناتي فأرفق بالثرى حباً لما حوا .

ولدي الحبيب ...... جعنا مع أباك لتشبع، وضمئنا لتروى، وسهرنا لتنام، وتعبنا لترتاح، ومرضنا لتشفى، وبردنا لتدفأ، تعبنا في كانون لنراك رجلاً في حزيران ولكنك غادرتنا باكرا في نيسان، بالأمس رأيت رفيق دربك وقد كبر وأصبح رجلا هل تذكره صديقك عمر ، مر من جانبي ممشوق القوام وكأنه أنت، يحمل طفله الصغير على جنبه وكأنه أنت ، يمسك بيد زوجته الجميلة وكأنه أنت ، ابتسامته اللطيفة العريضة وكأنه أنت ، رائحة عطرة وكأنه أنت، سبقني بخطوات فناديت على اسمك مرات ومرات فالتفت الصغير إلي وكأنه أنت ...... ولدي وقرة عيني مرت بنا الأيام مسرعة وشخنا قبل وقتنا وغيابك السبب ، من لنا الآن عوناً بعد الله ، من سيحمل مكبرنا ؟من سينير لنا ظلمتنا وقد فقدنا البصر؟ ومن سيرد لنا سهر الليالي ويمسك الدواء ويعرف أين الضرر ؟ بعد هذا ألا تعتقد يا ولدي أننا بحاجة إليك؟

هل تفكر بالعودة وقد أعيانا السهر ؟ نعلم أن الأموات لا يعودون ولكنك لم تمت ... فكل صباح اسأل الشمس عنك وأوصي القمر عليك وأروي لك قصة وامسح شعرك خصلة بخصلة ، لتنام قرير العين هادئ البال فأقبل الجبين وامتص منه الرحيق كما النحلة على الزهرة . سندي وسواد عيني .... نم يا حبيبي قرير العين يحرسك ويعيذك اله الكون من كل شيطان وساحر وحاسد، ومن شر كل ذي شر ....وأنا سأقول لنفسي كل عام وأنا بخير كل عام وكل أم فقدت عزيز بخير .
zyoodco@yahoo.com


تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

لا يمكن اضافة تعليق جديد