صحيفة السوسنة الأردنية

بعد أن سمعنا عن مبادرة أهل الهمة التي أطلقتها جلالة الملكة رانيا العبد الله ، زرنا الموقع الإلكتروني للمبادرة واطلعنا على التفاصيل وحصلنا على نموذج الترشيح ، كنا مجموعة من شباب الحي معاً تحدثنا وأسهبنا الحديث عن هذه المبادرة ، وقمنا بتفصيلها كاملة، وأشاد الجميع بها وكيف أنها ستفرز لنا الخيرين في هذا البلد ،ونسلط عليهم الضوء ليكونوا قدوة للأجيال القادمة والدال على الخير كفاعلة ، وهم فعلا ليسوا بخارقين ولا برجال فضاء هم منا وأبناء جلدتنا .....هم نشامى قول وفعل .

بدأنا رحلة البحث عن احدهم، تناول زميلي ورقة وقلم وكل منا يطرح اسم نعتقد انه يستحق أن يكون من المرشحين لمبادرة أهل الهمة ، وبعد التدقيق والتمحيص خرجنا بعدة أسماء ،... احدهم أتاه الله علم بالدين ، وبدون مقابل نذر نفسه ووقته لإعطاء دروس تحفيظ القران الكريم بالمسجد بالإضافة لكثير من أعمال الخير.... من الاهتمام بالمسجد ورعايته إلى الاهتمام بالأيتام والمحتاجين في الحي يعمل على مساعدتهم بصمت دون أن يعلم أي منا عنهم....ثم طرح اسم احد معلمي اللغة الإنجليزية والذي يتبرع كل عام بإعطاء ستة من طلاب الثانوية العامة الأشد فقراً وحاجة دروس تقوية باللغة الإنجليزية في بيته دون مقابل ، علماً بان بيته مستأجر وليس ملك وهو معيل لأسرته ، أما الاسم الثالث فكان طبيب عام بالحي ومع ارتفاع الأسعار ، وزيادة أجرة الأطباء إلا انه ما يزال يتقاضى دينارين "كشفية " من المستطيع، ولا يأخذ أجرا أبدا ممن يعرفهم أنهم من ذوي الحاجة...، ويشتري على نفقته الخاصة بعضاً من الأدوية الضرورية يعطيها لمن لا يستطيع شراء الدواء وخاصة الأطفال منهم.... ويلبي نداء الواجب عندما يحتاجه مريض في بيته لا يستطيع القدوم للعيادة لضيق الحال وبدون مقابل... .

قررنا ترشيح الثلاثة أسماء وقمنا بإجراء الاتصال مع كل واحد منهم وجاءت الإجابة موحدة من الثلاثة وهي الرفض، والرفض القاطع دون أي تردد وبينا لهم كيف يمكنهم الاستفادة من مبادرة أهل الهمة في دعم مشروعهم وتنميته وتوسيع رقعته ليشمل اكبر عدد ممكن من المستفيدين سواء كانوا طلاب علم أو مرضى أو أصحاب حاجة .....

ولكنهم رفضوا مبررين ذلك بأنهم يعطون الفرصة لغيرهم ليكونوا من أهل الهمة ويساهموا من طرفهم في رفعة هذا الوطن لأنهم نذروا أنفسهم العمل بصمت وبعيداً عن الأضواء ، وأنهم كما قالت عنهم جلالة الملكة ((يزرعون الخير في أراضي جيرانهم لا أراضيهم فحسب، يقتسمون مياه آبارهم مع أشتال جبال الأردن. ومن على القمة يرون الصورة بأكملها، يرون النور خافتا في منطقة ما فيهرعون لإضاءتها بنور أعينهم، دون مقابل، دون حاجة للإعلان المسبق، ودون إسماع لهاث هرولتهم لأحد. فهم يؤمنون أن الأرض واحدة والمصير واحد)).

احدهم قال لي على الهاتف يا سيدي هل تعلم أن نفسي بدأت تحدثني عن نوع الملابس التي سوف ارتديها غدا عندما أكون من أهل الهمة ....أرجوك لا تعيد ذكر هذا الموضوع لأنني لا ابحث عن الأضواء والشهرة وكل ما افعله ابتغي فيه وجه رب العالمين ...وذكر الحديث الشريف ((.....أن النّ?Zبِيِّ ص?Zلّ?Zى اللّ?Zهُ ع?Zل?Zيْهِ و?Zس?Zلّ?Zم?Z ق?Zال?Z س?Zبْع?Zةٌ يُظِلُّهُمْ اللّ?Zهُ فِي ظِلِّهِ ي?Zوْم?Z ل?Zا ظِلّ?Z إِلّ?Zا ظِلُّهُ......?Zر?Zجُلٌ ت?Zص?Zدّ?Zق?Z بِص?Zد?Zق?Zةٍ ف?Zأ?Zخْف?Zاه?Zا ح?Zتّ?Zى ل?Zا ت?Zعْل?Zم?Z ي?Zمِينُهُ م?Zا تُنْفِقُ شِم?Zالُهُ....)).

قد لا يرغبون أن نرشحهم لأهل الهمة ولكننا نشكر جلالة الملكة رانيا العبد الله التي وكزتنا وجعلتنا نلتفت إلى من حولنا وان هذا البلد فيه الخير الكثير من أهله الذين نذروا أنفسهم لعمل الخير بصمت ، ولنروي لأطفالنا قبل أن يغفوا قصة ذلك الطبيب ، والمعلم ، ورجل الدين ، فهذا حقهم علينا ، وسيبقون في نظرنا هم أهل الهمة وهم الهمة نفسها ، حتى وإن رفضوا أن نذكر أسمائهم ورغبوا العمل بصمت ، فلهم مني ومن هذا الوطن كل تحية وتقدير ....

zyoodco@yahoo.com