هل يمكن ان نصل الى مجتمع مثالي .. ؟
في صحيفة الرأي الاردنية يوم 12/3/2009 ، قرأت مقالا للدكتور صلاح جرار ، نائب رئيس الجامعة الاردنية ، عن انطباعاته عقب زيارة قام بها لالمانيا ، والانطباعات منقولة من مدينة هامبورغ ، وهي شواهد على احترام النظام والقانون في الغرب ، وضرب امثلة على ذلك ، كمثل توفر رصيف للمشاة واخر للدراجات الهوائية ، والتزام الجميع كل برصيفه ، وحول الالتزام بالامتناع عن التدخين ، في الاماكن التي يمنع بها ، ومشاهدات اخرى تظهر احترام الالمان للقوانين .
هذه المشاهدات تثير الاعجاب لدينا دوما ، لاننا نفتقد مثلها ، خاصة انها لم تاتي من انسان بسيط ، يمكن ان يعجبه اي شيء في بلاد الفرنجة ، لكنها جاءت من انسان مثقف ، شغل منصب امين عام وزارة الثقافة ، وهو ايضا انسان اكاديمي ومسؤول حالي في الجامعة الاردنية ، وبالتالي فان اعجابه بالالتزام بالنظام في المانيا ، لم يكن سطحيا ، ولم يكن ليكتب عنه هذا المقال ، لو لم يتأثر به بعمق ، ولدت لديه غيرة وطنية ، جعلته يتمنى نفس المواصفات الراقية لشعبنا .
تأثرت بمقال الدكتور جرار ، وعقدت بيني وبين نفسي مقارنات اخرى غير التي اوردها ، بين الالتزام بالنظام لدينا ، والالتزام به في اوروبا ، وبالاخص في المانيا ، فقد عملت في المجمع الصناعي لشركة الفوسفات الاردنية في العقبة اوائل الثمانينات ، وكان هناك اثنان من الفنيين الالمان يعملون على تعديل توربينة بخارية ، كنا نحضر للعمل في السابعة صباحا ، لنجدهم قبلنا من السادسة صباحا ، قد قطعوا شوطا بالعمل ، وكنت وغيري نراقب التزامهم ، مع انه لم يكن احدهما مسؤول عن الاخر ، ففي الساعة التاسعة والربع صباحا ، يغادران موقع العمل الى غرفة مجاورة لتناول القهوة ، لتستمر الاستراحة حتى التاسعة والنصف بالضبط ، وفي الثانية عشرة والنصف ، يذهبان لتناول الغداء لمدة نصف ساعة فقط ، ونغادر في الثالثة والنصف ، بينما يستمران بالعمل حتى السادسة مساء بنفس النمط ، وكان هناك استراحة في فترة بعد الظهر لشرب القهوة ، تماما كما في الصباح ، هكذا كانا يعملان بدون رقابة ، وكان هذه الحالة وحالات اخرى ، مبعث اعجابنا بقدرة الالمان على الانضباط الذاتي في العمل ، لا بل ان مثل هذا الالتزام يجعلك تشعر انك امام آلة وليس انسان ، وليس كل الاوروبيين مثلهم ، فقد تعاملنا مع فئات اوروبية اخرى ، تحب اللف والدوران قليلا ، وربما ذلك كان يشعرنا بمتعة للتعامل معهم اكثر .
اعود الى مقال الدكتور صلاح جرار ، فلقد تغيرت مشاعري في ذلك اليوم ، وبعد ساعات من قراءة المقال ، بعد ان علمت بالمجزرة البشعة التي ارتكبها طالب الماني ، عمره سبعة عشر عاما ، عندما اقدم على اطلاق النار على المعلمين وزملائه في المدرسة ، وعلى المارة في الشارع بعد هربه ، فقتل اثنا عشر شخصا ، ثم قتل نفسه ، وهو كما صرحت مديرة مدرسته ، انسان عادي ، لم يكن يبدي اي مشاعر او سلوك عدواني .
وبالامس ايضا ، نقلت الانباء ان جريمة مماثلة حدثت في مدينة ليون الفرنسية ، حيث اقدم احد الاشخاص ، على اطلاق النار على مجموعة من الامهات ، قدمن لاخذ اطفالهن من الحضانة ، قاصاب عدة نساء بجراح .
وكثيرا ما سمعنا قصص مماثلة كثيرة تقع في امريكا ، عن مجازر يرتكبها اشخاص ، هم بالتاكيد غير سويين ، خاصة ان ضحاياهم ابرياء وغير معروفين لهم ، ولا يوجد ما يشير الى أي علاقة اصلا بين المجرم والضحايا .
دعتني هاتين الحادثتين وغيرهما ، الى اعادة التفكير قليلا ، وقد تبخر جزء من اعجابي السابق ، فلا يجوز ان يقتصر الاعجاب على ظواهر معينة ، لاننا نفتقدها في مجتمعاتنا ، فمثل هذه الجرائم التي تحدث في الغرب ، لا يقتصر تاثيرها على نتائجها المباشرة ، بل هناك تاثيرات نفسية سيئة لها ، ناتجة عن احتمالية حدوثها مستقبلا ، وهي بالتالي مدعاة لالغاء الاعجاب السابق او تقنينه على الاقل ، ولا داعي لجلد الذات دائما عند مقارنة انفسنا مع الاخرين .
مهما كانت الرعاية والاهتمام من الدولة لشعبها ، الا ان بعض حبات الزوان في القمح قد تفسده ، اذا لم ينظف القمح تماما ، جعلتني هذه الحوادث اتساءل ، هل يمكن يوما ان نصل الى حالة مثالية في دولة ما ، تصبح اساسا للقياس عليها ، والاقتداء بها في دول اخرى ، بحيث ينتفي فيها كل اشكال العنف والامراض النفسية والفساد ، وغيرها من بقايا الاوبئة الاجتماعية ؟ بالتاكيد سوف تدرس تلك الظاهرة الجريمة بعمق ، وسوف يكون هناك نتائج تؤشرالى سبب الخلل وتتم معالجته ، لكن هل سيمنع هذا ، من وقوع احداث مماثلة مستقبلا ، او اي احداث مأساوية مشابهة ؟ ربما يحتاج الامر الى دور اكبر لعلماء النفس ، وسجل خاص بالحالة النفسية لكل مواطن ، من مرحلة الطفولة حتى الكهولة ، لمتابعة اي حالة يمكن ان تشكل خطورة على المجتمع ، كحل طويل الامد لمثل هذه الجرائم ، وربما يحتاج الامر ايضا الى حل مباشر ، يتمثل في التشديد على اقتناء الاسلحة ، او منع اقتنائها نهائيا .
m_nasrawin@yahoo.com
الأسهم الآسيوية ترتفع والهندية لأعلى مستوى في أكثر من 7 أشهر
الخلايلة: حالتا الحجاج الأردنيين تتلقى رعاية طبية مستقرة
مؤتمر أبل للمطورين 2025 .. هذا ما ستكشفه الشركة
خبز الثوم والجبنة .. أفضل وصفة مقبلات
عشرات الفنانين يقاطعون مهرجان سونار في برشلونة
أفيخاي أدرعي يردّ على فيديو نادين الراسي: مشكلتكم ليست معنا
طلائع الحجاج الأردنيين ومسلمي 48 يصلون أرض الوطن
المستشفى الميداني الأردني ينقذ طفلاً فلسطينياً من شظية قاتلة
انخفاض أسعار الذهب في الأردن الإثنين
العراقيون يتصدرون تملك العقارات في الأردن
ملحم زين يشوّق جمهوره لألبومه المرتقب 22 .. قريبا
بين قلة النوم وفقدان السمع صلة غير متوقعة
الزبدة قد تقلل خطر الإصابة بأمراض القلب والسكري
عُمان تطلب توضيحاً رسمياً بشأن ما حدث بتدريبات النشامى
كم يبلغ سعر كيلو الأضاحي البلدي والروماني في الأردن
في الأردن : اشترِ سيارة .. وخذ الثانية مجّانًا
التلفزيون الأردني يحذر المواطنين
إلغاء وظيفة الكنترول بشكل كامل في الأردن
قرار من وزارة العمل يتعلق بالعمالة السورية
أسماء ضباط الأمن العام المشمولين بالترفيع
الملكة رانيا: ما أشبه اليوم بالأمس
وفاة مستشارة رئيس مجلس النواب سناء العجارمة
خلعت زوجها لأنه يتجاهل هذا الأمر قبل النوم .. تفاصيل لا تُصدق
فيفا يمنح الأردن 10.5 مليون دولار بعد التأهل إلى كأس العالم 2026
كتلة هوائية حارة قادمة للمملكة من الجزيرة العربية .. تفاصيل
تنشيط السياحة توضح موقفها من حفل البتراء المثير للجدل