نحو ميلاد دستوري جديد ( 1- 4 )
يتناول هذا البحث الدساتير الأردنية والمسيرة الديمقراطية وذلك بعرض المفاهيم النظرية المرتبطة بالدراسة أولاً ثم استعراض مراحل التطور الدستوري الأردني ثانياً. وقد عالج البحث أبرز التعديلات التي طرأت على دستور (1952) الساري المفعول حالياً وأثر هذه التعديلات على المسيرة الديمقراطية.
ومن ألنتائج والتوصيات التي توصل لها هدا البحث ضرورة تبني دستور جديد يلبي تطلعات الشعب الأردني بالحرية والديمقراطية.
المقدمة
كل دولة أو جماعة إنسانية سياسية (نقابة، جمعية، حزب) لديها دستور، أو مجموعة من القواعد والقوانين التي توضح تكوينها، وتحدد أسلوب سيرها، إذ لا يمكن لأي جماعة الاستمرار في العمل وممارسة السياسة في ظل غياب مثل هذه القوانين والقواعد.
فعلى مستوى الدولة، فإن ما اصطلح على تسميته الدستور Constitution فإنه يحدد شكل نظام الحكم وفلسفته، وصلاحيات الحاكم وكيفية اختياره، وهوية الدولة وديانتها وتوجهاتها، وأخيراً حقوق وحريات الأفراد، وواجباتهم إزاء الدولة.
وكافة الدول العربية ومنها الأردن "حالة الدراسة" لديها دساتير مكتوبة، مأخوذة في معظمها عن الدساتير الغربية، وتشتمل على العديد من المواد التي تتحدث عن حقوق وحريات المواطنين ولاسيما المدنية والسياسية وذلك من الناحية النظرية، أما ما هو مطبق على أرض الواقع فإنه يخالف في كثير من الأحيان نصوص هذه الدساتير، الأمر الذي يضع الدول العربية في مصاف الدول التي لا تحترم حقوق الإنسان، ويعطل فرص التحول الديمقراطي في الوطن العربي.
ومنذ نشأة الكيان السياسي الأردني عام 1921 وحتى الوقت الحاضر، فقد عبّر الشعب الأردني باستمرار عن تطلعاته بالحرية والعدالة واحترام كرامة الإنسان، وقد جاء دستور عام 1952 الساري المفعول الآن ملبياً لهذه التطلعات ومنسجماً مع فلسفة الهاشميين في الحكم والتي جعلت النظام السياسي الأردني يتسم بالوسطية والاعتدال والتسامح، إلا أن الهاجس الأمني والضغوطات المحلية والإقليمية التي تؤثر على استقرار النظام السياسي أو حتى بقائه في بعض الأحيان، أدت إلى تعطيل دور الدستور كضمانة لحقوق وحريات الأفراد المدنية والسياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية، الأمر الذي انعكس سلباً على المسيرة الديمقراطية في البلاد.
ولغايات هذا البحث قد تم تقسيم الموضوع إلى المحاور التالية:
أولاً: المفاهيم الأساسية المرتبطة بالدراسة:الدستور، الدستورية، الملكية الدستورية، النظام البرلماني، الفصل بين السلطات، و الأمن الوطني.
ثانياً: مراحل التطور الدستوري الأردني.
- تأسيس الإمارة وصدور القانون الأساسي 1928 حتى 1950.
- دستور 1952 والتجربة الديمقراطية الأردنية الأولى حتى عام 1989.
- استئناف المسيرة الديمقراطية منذ عام 1989 حتى الوقت الحاضر.
ثالثاً: أبرز التعديلات الدستورية على دستور 1952 وأثرها على المسيرة الديمقراطية والحريات السياسية في الأردن.
رابعاً: خلاصة واستنتاجات.
أولاً: المفاهيم الأساسية:
1- الدستور : Constitution
إن كلمة الدستور كلمة فارسية الأصل معناها الأساس أو القاعدة([1])، ولذلك فإن بعض الدول تطلق على الدستور عبارة "القانون الأساسي"، وهذا ما عرف به أول دستور صدر في تاريخ الأردن السياسي عام 1928م، ولا زال هذا الاصطلاح مستعملاً في بعض الأقطار العربية منها سلطنة عُمان والكويت. هناك الكثير من التعريفات لكلمة الدستور، فعلى سبيل المثال يعرف قاموس وبستر الدستور بأنه: "القانون العضوي الأساسي أو هو مبادئ حكم أمة أو مجتمع ما سواء جسدتها وثائق مكتوبة أو تضمنتها مؤسسات عامة"([2])، ويقدم أستاذ القانون الدستوري الدكتور عبد الحميد متولي التعريف التالي: "الدستور هو الوثيقة الأساسية التي يبين فيها صاحب السيادة شكل الحكومة وينظم فيها السلطة التنفيذية والتشريعية ويحدد اختصاصاتهما أو هو تلك الوثيقة التي تبين نظام الحكم في الدولة"([3])،وهناك من يعرف الدستور: "بأنه مجموعة القواعد القانونية الواردة في الوثيقة الدستورية والتي تحدد السلطات العامة في ظل نظام نيابي حر يكفل للأفراد حقوقهم وحرياتهمً([4]).
ويتضح من هذه التعريفات أن الدستور هو القانون الأساسي الذي ينظم ممارسة السلطة في الدولة. وإذا كان الدستور الأمريكي أقدم دستور مكتوب إذ يعود تاريخه إلى عام 1789م، فقد أصبح وجود دستور تقليد أساسي في الدولة الحديثة، لذلك يمكن القول أن كافة دول العالم باستثناء بريطانيا ونيوزلاندا لديها دساتير مكتوبة، حتى أن وجود دستور مكتوب يعتبر أحياناً شرطأً أساسيًا للاعتراف الدولي، ولاسيما الدول حديثة النشأة، فالدستور يعد بمنزلة شهادة ميلاد للدولة.
2. الدستورية :Constitutionalism
إن مصطلح الدستورية مشتق من مصطلح الدستور ومرتبط به وهو يشير إلى المبادئ الثلاث التالية:
1. سمو الدستور: The Primacy of Constitution
2. احترام قدسية الدستور: Faithful to the Constitution
3. تحديد سلطة الدولة: Limited Government
إن الدستور هو القانون الأعلى والأسمى في البلاد، وهذه المكانة العليا التي يتمتع بها تجعله يتمتع بقدسية بحيث لا يجوز إصدار أي قوانين مخالفة لنصوصه، وهو أعلى من الهيئات المكلفة بممارسة الاختصاصات الواردة فيه. وإذا كان الهدف من الدستور تقييد سلطة الحكومة ومنعها من التعسف أو الاستبداد في استخدام السلطة تجاه الأفراد، فإن وجود الدستور وحده كوثيقة مكتوبة، أو غير مكتوبة لا يعد ضمانة كافية لمنع التعسف والاستبداد، إذ لا بد من أن تكون الدولة ممثلة بمسئوليها حامية للدستور وحريصة على احترام كافة نصوصه وأحكامه، فدولة القانون هي الدولة التي تنسجم فيها القوانين التي تصدرها السلطة مع أحكام الدستور، الأمر الذي يعني ضرورة إيجاد ضمانات قوية لحماية الدستور.
3. الملكية الدستورية:Constitutional Monarchy
الملكية تعني حكم الشخص الواحد، هو نظام حكم يصل الملك فيه إلى السلطة بالوراثة بغض النظر عن اللقب الذي يتخذه سواء ملك أو سلطان أو أمير أو إمبراطور، وهناك نوعان من الملكية:
أ. الملكية المطلقة: Absolute Monarchy
وهو نظام حكم شمولي يكون الملك بموجبه فوق الدستور، وبالتالي فهو غير مقيد أو محاسب أو خاضع لأي سلطة، وعادة ما يحكم حسب رغباته وأهوائه.
ب. الملكية الدستورية: Constitutional Monarchy
وهي الملكية التي يكون بموجبها الملك مقيد بأحكام الدستور، وأحياناً مقيد جداً لدرجة أن دوره رمزي وبالتالي فهو يملك ولا يحكم.
والملكية المطلقة كانت النمط الشائع في الحكم في العالم، إلا أنه مع التحولات نحو الديمقراطية، فإن عدداً كبيراً من الملكيات المطلقة أصبحت الآن في ذمة التاريخ، فمنذ نهاية الحرب العالمية الثانية حتى الآن فإن عدد الأنظمة الملكية المطلقة هو في تناقص مستمر، فقد تحول عدد كبير منها إلى أنظمة ملكية دستورية مقيدة مثل بريطانيا، الدنمارك، إسبانيا، هولندا، اليابان، وبعضها تحول إلى أنظمة جمهورية مثل مصر، العراق، ليبيا، إيران، وبشكل عام يمكن القول إن عدد الأنظمة الملكية المطلقة في العالم الآن لا يزيد عن عدد أصابع اليدين، وأن الاتجاه العام هو تحولها إما إلى أنظمة ملكية دستورية مقيدة، أو أنظمة جمهورية.
4. النظام البرلماني: Parliamentary System
تعود أصول النظام البرلماني إلى بريطانيا، وهو نتاج صراع طويل بين الملك والشعب البريطاني، ممثلاً بالنبلاء والأعيان وملاكي الأراضي ورجال الكنيسة، ثم انتقل إلى عدد غير قليل من دول العالم ولاسيما المستعمرات البريطانية بعد الاستقلال، حيث قننت مظاهر هذا النظام في الدساتير والقوانين الأساسية للدول التي أخذت به، وبالرغم من تعدد أشكال الأنظمة البرلمانية في العالم إلا أنها جميعاً تتفق على عدد من الأسس والمرتكزات لعل أبرزها:
1. برلمان منتخب من الشعب.
2. حكومة مسؤولة أمام البرلمان.
3. أحزاب سياسية فاعلة.
4. الفصل والتوازن بين السلطات.
ونظراً لأهمية مبدأ الفصل والتوازن بين السلطات واعتباره حجر الزاوية في النظام البرلماني فإنه لا بد من التوقف قليلاً عند هذا المبدأ.
5. الفصل بين السلطات: Separation of Powers
إن جذور نظرية الفصل بين السلطات نجدها في كتابات قدماء اليونان والرومان حيث ألمح أرسطو إلى الفصل بين السلطات عن طريق بيان الوظائف الأساسية للسلطة، إضافة إلى كتاباته عن النظام المختلط Mixed Regime الذي يعني تمثيل جميع الفئات المهيمنة في أجهزة ومؤسسات الدولة بحيث تراقب وتوازن بعضها البعض مما يحقق الانسجام والتوازن، إلا أن النظرية بشكل علمي تطورت أثناء الصراع على السلطة بين الملك والبرلمان في بريطانيا في القرن السابع عشر ،وكان لكتابات جون لوك ومونتسيكو الدور العام في إبراز وتحديث النظرية.
وتقوم النظرية على مبدأ توزيع السلطات وجعلها متساوية ومتوازنة مع وجود نوع من التعاون والتنسيق والرقابة أو الفيتو المتبادل، والهدف من التوزيع هو منع الاستبداد ذلك أن أفضل وسيلة لمنع الاستبداد وصون الحرية هو عدم تجميع السلطات بيد واحدة، لأن السلطة مفسدة والسلطة لا تحدها إلا سلطة
أخرى([5]).
وقد أصبح مبدأ الفصل بين السلطات مبدأ عالمياً، مأخوذاً به في معظم دساتير العالم الآن بصفة هذا الفصل هو الضمان الأكبر لتحقيق مبدأ الشرعية وصون الحرية ومنع الاستبداد، ولكن في حقيقة الأمر فإن اشتمال الدستور على هذا المبدأ أو أخذ نظام معين به لا يعني بالضرورة حماية الحرية ومنع إساءة استعمال السلطة ذلك أن النظرية شيء والتطبيق العملي والممارسة شيء آخر مختلف تماماً.
6. الأمن الوطني: National Security
أن مفهوم National Security يعني الأمن القومي ولكن في ظل سيادة الدولة القطرية يصبح معنى المفهوم الأمن الوطني ولذلك سوف يكون الحديث في هذه الدراسة منصباً على مفهوم الأمن القومي في ظل الرؤية السابقة. لقد بدأ الاهتمام بالأمن القومي بعد الحرب العالمية الثانية ولاسيما مع بداية الحرب الباردة، وتتعدد تعريفات هذا المفهوم، فمنها ما يتعلق بقدرة الدولة على حماية نفسها من التهديدات الخارجية([6]). ومنها ما يتعلق بنجاح جهود التنمية في الدولة وبالتالي تحقيق الاستقرار الاقتصادي والاجتماعي([7]).
إلا أنه بشكل عام يمكن القول إن الأمن القومي يعني البقاء العضوي للدولة ككيان سياسي وحماية نظامها وإقليمها وشعبها حتى إذا لزم الأمر استخدام القوة.
الأسهم الآسيوية ترتفع والهندية لأعلى مستوى في أكثر من 7 أشهر
الخلايلة: حالتا الحجاج الأردنيين تتلقى رعاية طبية مستقرة
مؤتمر أبل للمطورين 2025 .. هذا ما ستكشفه الشركة
خبز الثوم والجبنة .. أفضل وصفة مقبلات
عشرات الفنانين يقاطعون مهرجان سونار في برشلونة
أفيخاي أدرعي يردّ على فيديو نادين الراسي: مشكلتكم ليست معنا
طلائع الحجاج الأردنيين ومسلمي 48 يصلون أرض الوطن
المستشفى الميداني الأردني ينقذ طفلاً فلسطينياً من شظية قاتلة
انخفاض أسعار الذهب في الأردن الإثنين
العراقيون يتصدرون تملك العقارات في الأردن
ملحم زين يشوّق جمهوره لألبومه المرتقب 22 .. قريبا
بين قلة النوم وفقدان السمع صلة غير متوقعة
الزبدة قد تقلل خطر الإصابة بأمراض القلب والسكري
عُمان تطلب توضيحاً رسمياً بشأن ما حدث بتدريبات النشامى
كم يبلغ سعر كيلو الأضاحي البلدي والروماني في الأردن
في الأردن : اشترِ سيارة .. وخذ الثانية مجّانًا
التلفزيون الأردني يحذر المواطنين
إلغاء وظيفة الكنترول بشكل كامل في الأردن
أسماء ضباط الأمن العام المشمولين بالترفيع
قرار من وزارة العمل يتعلق بالعمالة السورية
الملكة رانيا: ما أشبه اليوم بالأمس
وفاة مستشارة رئيس مجلس النواب سناء العجارمة
خلعت زوجها لأنه يتجاهل هذا الأمر قبل النوم .. تفاصيل لا تُصدق
فيفا يمنح الأردن 10.5 مليون دولار بعد التأهل إلى كأس العالم 2026
كتلة هوائية حارة قادمة للمملكة من الجزيرة العربية .. تفاصيل
تنشيط السياحة توضح موقفها من حفل البتراء المثير للجدل