الثقافة العربية في الأسر

mainThumb

27-03-2009 01:00 AM

جميل أن تُخصص في كل عام مدينة عربية وتكون عاصمة للثقافة، وأعتقد أن من بادروا بهذا المشروع كانوا يهدفون منه إبراز الثقافة العربية من خلال المدن العربية أو العواصم العربية ومدى مساهمة هذه العواصم في إثراء الثقافة العربية، وتحفيز الأدباء والكتاب والشعراء والفنانين فيها ليبدعوا في ثقافتهم ويرفدوها بكل جديد، والبحث والتقصي في تاريخ هذه العاصمة ومدى مساهمتها في الثقافة العربية، والإعلاء من شأن اللغة العربية ودعمها في قلوب أبنائها كونها وعاء الثقافة العربية.

فكرة أن تكون القدس عاصمة الثقافة العربية لعام 2009 فكرة رائدة، من حيث تسليط الأضواء على مدينة القدس وإبراز ما يحاك ضدها، ليس للعرب فقط بل وللعالم، والبحث والتقصي في تاريخها وتعليمه لأبنائنا، والتشبث بأصولنا وثوابتنا ووضعها في مقابل الوافد علينا من ثقافات، ومن سيطرة الثقافات الأخرى على ثقافتنا العربية التي فقدت هويتها في كثير من المواقع، وأصبح الجو العام الثقافي لا يمت الى أصولنا والى ثوابتنا في شيء، فأدباؤنا أولعوا بالآخر وصارت الكتابة على نمطه وبأفكاره، تقليعة وموضة تلبس بها الكثير من أدبائنا، حتى وصل بهم الأمر الى رفض من يكتب بأسلوب عربي خالص، ويعدونه جامدا إن لم يستخدم اللغة المترجمة، وفي سائر الفنون فقد اللون العربي شخصيته وصار المطربون يلتصقون بالآخر لكي يسوّقون غناءهم، ويمزجون بين لونهم المترجم وبين النقل المباشر من اللغات الأخرى، و شبابنا فقدوا أشكالهم وشخصياتهم لصالح شكل وشخصية الغرب المضطربة ثقافيا وفكريا، وصاروا يقلدونه حتى في الفواحش التي يرفضها الطبع.

هل فكر العرب من خلال عواصم الثقافة، تخليص ثقافتنا من التبعية للآخر، والسعي نحو إبراز الشخصية العربية التي ذابت أمام الشخصيات الهزيلة التي غزتنا مع التقدم المدني، والغزو الثقافي الذي يتعرض له العالم العربي والإسلامي منذ مئات السنين، دليل واضح على أن سلاح الثقافة أمضى من الأسلحة الفتاكة، لأن السلاح المادي ينتهي برحيل صاحبه، أما السلاح الثقافي يعمر وي?Zستخدم السلاح المادي لصالح الثقافة المسيطرة وهو ما يحصل الآن في العالم، والأندلس خير دليل على ذلك، إذ ما زالت الثقافة الأندلسية قوية في العالم العربي، وموجودة بشكل أو بآخر في إسبانيا رغم الإنهزام العسكري وطول المدة!..

فهل يستطيع العرب ومثقفوهم أن يبعثوا الثقافة العربية من سباتها، وأن يخلصوها من أسرها الطويل، الذي ساوى بين القدس وسائر العواصم العربية، التي اختفت فيها الثقافة العربية خلف قضبان الثقافات المسيطرة على العالم العربي.

القدس عاصمة ثقافية ثرية بالتراث والتاريخ والبطولات والتضحيات، التي ناضل من أجلها العالم الإسلامي، وعلينا أن نبعث هذا الإرث عن طريق الإعلام ومؤسسات التعليم الجامعي والمدارس وكل فعاليات المجتمع، لا أن تبقى في دوائر المثقفين والثقافة المغلقة والمحجوبة عن الجمهور.



تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

لا يمكن اضافة تعليق جديد