ضجيج الراقصات و صمت المسعفات

mainThumb

31-03-2009 12:00 AM

ليس كل من يبذل جهداً كبيراً يستحق التقدير، ولا كل من يعمل بعيداً عن أعين الناس متخاذل، وتجارب الحياة تدلل على ذلك، فالراقصة مثلا تبذل الكثير من المجهود في دقائق معدودة، وتستخدم طاقة هائلة لإرضاء رغبات الجماهير، ولكن الأثر لا ينفك أن يكون سلبياً بالجملة على الأفراد والمجتمعات، في حين أن المسعفات ورغم الجراح التي تتراءى أمام أعينهن، ورغم قلة أحاديثهن يقمن بدور أكثر فاعلية وأعظم نفعاً بل إن الجراح التي تصمد بأيديهن تعطي أملاً كبيراً لحياة أفراد وأمم، وتعطي أملاً بنصرٍ مؤزر.

أقول ذلك ونحن نرى أمثال الراقصات قد أصبحوا كُثُر، يبيعون ويشترون بأعراضهم وأعراض الناس لتحقيق مكاسب تافهة، فالإعلامي الذي يتخلى عن درب الحياد بنقله للأخبار هو كالراقصة يضلل الناس، والمؤرخ الذي يقدم معلومة فاسدة يضخم فيها السلبيات ويحرم الأجيال من حق المعلومة الصادقة هو كالراقصة يفسد ولا يصلح، والسياسي الذي يجيّر أعماله لخدمة مصالحه ومصالح زمرته هو أيضاً كالراقصة يتلف ويسرف في الإضرار، والنائب الذي جعل همّه الوصول لمنصب على حساب مصالح الوطن كالراقصة بل أسوأ من ذلك بكثير.

كذلك يمكن القياس على الكثيرين من أصحاب النفوس المريضة. ممن يستغلون وظائفهم ومهنهم وأعمالهم لمصالح ضيقة ومنافع شخصية على حساب منافع الآخرين.

أما أمثال المسعفات فهم كالجنود المجهولين، أينما حلّو حلّ معهم العطاء، يمتزج فيهم الصمت مع الهمة ، والإخلاص مع الهيبة، لا يوقف عطاءهم ج?Zحود ولا يضرّ إقدامهم متملق، متواجدون في كل مكان، لا تسمع لهم ضجيج بل إن أنغامهم أعذب من صوت العصافير في صباح ربيعي مشمس.

متواجدون حيث وجدت الهمة، تجدهم بين المدرسين والمهندسين والأطباء، تجدهم حيث أيدي العامل تصافح التراب، وحيث السائق يساهر السراب، كما تجدهم خلف المحراث يركضون وأمام الطامعين يرابطون.

عامل النظافة أحد هؤلاء الذين يستحقون التقدير، يستحق أن ينعم بحياة هانئة فيها من متطلبات السعادة ما يضمن له نجاح أبنائه وتعليمهم.

والرسام والخطاط أولئك الذين يبعثون البهجة في النفوس بروعة أعمالهم وجمال خطوطهم هم من المسعفين الذين يضيفون إلى رونق الحياة معنىً جميلا تبتهج معه النفوس والقلوب.

والتاجر الصادق كذلك يستحق التقدير، وأصحاب المهن النبيلة كالنجار والحداد والخباز الذين يرقبون لقمة العيش من عمل أيديهم، ويعرضون أنفسهم لمخاطر جمّة لهم كل الثناء والشكر.

وكذا الراعي الذي يسوق الأغنام، والعامل الذي يحمل الأثقال، والحارس الذي يحرس البنيان، وغيرهم الكثير الكثير ... أليسوا كلمهم ممن يستحقون راتب التقاعد وتأمين الصحة والتعليم للأبناء، ومنازل تقيهم تقلبات الزمان؟؟ أليسوا بأولى من الراقصات في لقمة الطعام؟؟ أليس من حقهم راحة البال وسكينة العيال؟؟



تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

لا يمكن اضافة تعليق جديد