كي لا يشيب الشباب

mainThumb

05-04-2009 12:00 AM

في عالم الأشجار، لا يمكن لشجرة فتية أن تقع في ظل شجرة مسنة، إذ ستحجب عنها الشمس وتبقى ضعيفة في نموها ما دامت الشجرة المسنة قائمة، وإذا تنحت المسنة تتنفس الفتية الشمس والهواء وتنطلق في نموها شامخة في السماء، ودون ذلك ستمر عليها السنون وتهرم وهي صغيرة فلا ترى النور وقد تقتلع لعدم جدواها...

من سنن الكون أن يمر الإنسان بمراحل عمره المعروفة وكل مرحلة لها طابعها ولها استحقاقاتها، وسن العطاء وعنفوانه، من سن الثلاثين إلى الستين وقد يقل عن الستين أحيانا لكن الستين هي المقياس العام الذي يحق للموظف التقاعد عندها، أما الإنسان وهو أخبر بنفسه، يستطيع أن يدرك قبل غيره أنه أصبح ينحدر إلى السفح ثم أخفض من ذلك ثم إلى مرحلة يجب عليه أن يحتجب ليحافظ على تاريخه وما قدم من إنجازات، فلا يعمل حتى يفقد هيبته ووقاره، وسيكون صاعدا في هيبته ووقاره إذا وقف عند مرحلة وأتاح لغيره الفرصة ليتابع المسيرة لأن ذلك من سنة الحياة، لا أن يبقى -على ما وصل إليه من سن ووقار- يصارع الشباب الذين بدأوا يشقون طريقهم في الحياة، عليه أن يتفهم مرحلته بأنها مرحلة إشراف واستشارة، فكم رأينا على شاشات التلفاز رجالا بالكاد يلتقطون أنفاسهم ويصرون على الظهور دون غيرهم، وآخرين يزاحمون الشباب على فرصهم في الكثير من المجالات دون حاجتهم للعمل والمال لا لتدريس ابن ولا لتورطهم في التزام معين امتهن شيخوختهم.

والحديث ليس موجها إلى فئة الذين يصارعون الحياة لينتزعوا قوت أبنائهم من بين أضراس الوظائف البسيطة التي يرزحون تحت وطأة ساعاتها الطوال ورواتبها البسيطة، وإنما من يأخذون أدوارا ليست لهم ويحرمون الشباب من تصدر المواقع التي يديرونها بحجة أنهم هم الأعلم والأفهم، ولن يستطيع أحد القيام بما يقومون به.

متى يأخذ الشاب دوره في الحياة والعمل إذا بقي السابق موجودا يرفض أن يرتاح في آخر عمره وآثر إلا أن يرى الناس كيف ينتهي أمام أعينهم، بالتأكيد سيخلي هذا مكانه بعد ما يكتهل الجيل الذي يسبق الجيل الذي يسبقه وعندها يدرك الوطن أن طاقات شابة شابت وهي تنتظر الفرصة، وكان عندها من الأفكار والإقدام ما لم يوجد عند الشيوخ الذين سئموا العمل وصاروا يعالجون الحياة بطريقة لا تصلح للزمن الذي يحوي أناسا يختلفون عنهم ولهم حاجات قد لا يدركها الشيوخ، فهم مدبرون والناس مقبلون!..

الكبار في كل مؤسسة من مؤسسات الوطن لهم احترامهم والتقدير الذي يليق بهم، ومن الاحترام وضعهم في الموضع الذي يليق بهم، لا أن يبقى رجل يلقي نشرة الأخبار أربعين عاما، وآخر يقدم برنامجا منذ عشرات السنين، أين حقهم في الراحة والتقدير، ولماذا لا يتاح للطاقات الفتية تحمل هذا العبء، والكبار يشرفون، لا أن ندع الشباب في الظل حتى تأتيهم الفرصة وقد غادروا الشباب ودخلوا في الشيخوخة وتتكرر القصة من جديد فلا يصل شاب إلا بعد الخمسين ونكون عندها قد فقدنا سن الشباب واعتمدنا على الشيوخ!!....



تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

لا يمكن اضافة تعليق جديد