هل نحب أبناءنا؟

mainThumb

28-10-2009 12:00 AM

سليمان ابو شلذم

سؤال سخيف لأن الإجابة عليه معروفة سلفا وسيقول الكثيرون أن الإجابة من المسلمات التي لا نقاش فيها. ولكنني مع ذلك أصرّ على طرح السؤال بطريقة ثانية. هل أنت فعلا تحب أبناءك؟ حسنا ! إن كنت من الفريق الذي يعتقد انه يحب أبناءه فهل سألت نفسك عن الدليل الذي يثبت لك أنت وأنت وحدك انك تحب أبناءك؟ هل وفرت لهم الطعام؟ هل وفرت لهم اللباس؟ هل وفرت لهم المأوى؟ حسنا! الإجابة ستكون نعم ولكن للأسف فإن ذلك ليس دليلا على حبك لأبنائك لأن كل مخلوقات الله تفعل ذلك بدافع الغريزة دون أن تنتظر المقابل كما نفعل أنا وأنت وكل البشر. إذن فهذه الأمور ليست دليلا على حبنا لأبنائنا بل هي الشكل المطور من الغريزة التي تتصرف بناءا عليها باقي المخلوقات التي لم تختص بالعقل كما هو الحال معنا.

نحن في الغالب نقدم الكثير من الخدمات لأبنائنا رغبة في إرضاء الغير ومنعا لانتقادهم لنا أو اتهامنا بالتقصير وهذا أيضا ليس من الأدلة التي تثبت أننا فعلا نحب أبنائنا الحب الحقيق.

والآن لننظر إلى الأمور من زاوية ثانية، ولنسأل أنفسنا السؤال التالي: ما هو مقدار التضحية التي نحن على استعداد لتقديمها لأبنائنا لكي نشعرهم بحبنا لهم ونرضى بالتالي عن أنفسنا؟ سيقول الكثيرون أنهم على استعداد للتضحية بأنفسهم من اجل فلذات أكبادهم. وفي اعتقادي أن هذا انتحار بدون فائدة لأن فائدته آني وضرره أكثر من نفعه. آخرون يدفعون الكثير من اجل مستقبل أبناءهم ويعتبرون ذلك من الأدلة التي تثبت حبهم لأبنائهم. إن كان ذلك صحيحا فالعكس أيضا صحيح أي أن الفقير الذي لا يجد ما ينفق لا يحب أبناءه وهذا غير صحيح لأن أبناء الفقراء يتعلقون بآبائهم أكثر مما يتعلق الأغنياء . إذن فمقياس الحب ليس ماديا رغم أهمية المادة في خلق الاستقرار.

بقي سؤال واحد فقط. ماذا لو تيقنت تمام اليقين أن ابنك الذي لم يولد بعد سيعيش حياته كلها في ضنك وشقاء هل ستوافق على أن يولد ( إن كان لك الخيار في ولادته)؟ الإجابة التي تبنى على المنطق السليم ستكون بالنفي طبعا. أنت الآن لا ترضى أن يعيش ابنك عمرا قصيرا في شقاء فكيف لك أن ترضى له الخلود في النار إن لم تحسن تربيته؟ إن كنت تحب أبناءك فأحسن تربيتهم وحينها لن يحتاجوا عطفك وحنانك.
ونختم بما ذكره ابن الجوزي في خاتمة سيرته قال: بلغني أن المنصور قال: لعبد الرحمن بن القاسم بن محمد بن أبي بكر رضي الله عنه: عظني قال: بما رأيت أو بما سمعت قال: بما رأيت. قال: مات عمر بن عبد العزيز رحمه الله وخلف أحد عشر ابناً وبلغت تركته سبعة عشر دينار كفن منها بخمسة دنانير، واشترى له موضع قبره بدينارين، وقسم الباقي على بنيه وأصاب كل واحد من ولده تسعة عشر درهماً. مات هشام بن عبد الملك وخلف أحد عشر ابناً فقسمت تركته وأصاب كل واحد من تركته ألف ألف، ورأيت رجلاً من ولد عمر بن عبد العزيز قد حمل في يوم واحد على مائة فرس في سبيل الله عز وجل، ورأيت رجلاً من ولد هشام يتصدق عليه.


تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

لا يمكن اضافة تعليق جديد