قناديل مضيئة

mainThumb

27-10-2009 12:00 AM

موسى إبراهيم أبو رياش

(1)
لم يكن محمد العمريين بدعاً من المعلمين عندما قطع إجازته رغم كسر يده والتحق بمدرسته في الطفيلة حرصاً على طلبته كي لا يلتحقوا بمادة الرياضيات، فمثله كُثر، وإنْ كان وزير التربية لا يعلمهم فالله يعلمهم، وما يفعلون ذلك طلباً لكتاب شكرٍ وهم الأولى به، ولا لكلمة ثناءٍ وهم الأحق بها، ولا استدراراً لمكافأة وهم الأجدر بها.

(2)
معلمون ومعلمات بالمئات يتركون أُسرهم وبيوتهم ويضحون براحتهم كل يوم سبت من أجل حصص إضافية لطلبة التوجيهي، وبعضهم يأتي قبل الدوام بساعة كي ينهوا المادة في وقت مناسب، ولا يأخذون مقابل ذلك أي شيء، بل ولا يسمعون من بعض المديرين كلمة يعطيك العافية، ويستجوبونهم إن تأخروا يوماً عن الدوام دقائق معدودة.

(3)
معلم صديق يُد?Zرِّس العلوم، وجد أن بعض طلبته يُعانون من ضعف كبير في القراءة والكتابة، فنفذ برنامجاً خاصاً به لمعالجة هذا الضعف رغم تثبيط البعض وتوهينهم، ولكنه عزم وتوكل على الله، فكان النجاح حليفه، ونقل لفيفاً من طلبته من الظلمات إلى النور، ولم ينتظر من وراء ذلك حمداً ولا شكوراً.

(4)
معلمون ومعلمات لا يعلم عددهم إلا الله يطبعون الأسئلة وأوراق العمل والأنشطة والملخصات على حسابهم، ويوزعونها على الطلبة دون مقابل، وبعض الإدارات تتحجج بعدم وجود ميزانية، ولا ينتظرون من وراء ذلك إلا راحة الضمير ورضا رب العالمين.

(5)
لاحظ أحد المعلمين غياب أحد الطلبة النشطين، فسأل عنه فقيل له أنه ترك المدرسة، فلم يتذوق المعلم طعم الراحة إلا بعد أن عرف منزل الطالب فزاره وتبين له أنه ترك المدرسة ليعمل من أجل توفير مبلغ 100 دينار شهري كدخل ضروري للأسرة، فتعاون المعلم مع أهل الخير لتوفير المبلغ وعاد الطالب إلى مدرسته.

(6)
كان خالد يرتجف بشدة ذات يوم بارد، وقد بدا هزاله خلف بلوزة رقيقة، فلاحظ المعلم ذلك، فنزع المعلم جاكيته وألبسه للطالب، وبقي المعلم بالقميص، ثم رافقه إلى غرفة المعلمين وأحضر له كوب شاي ساخن، ورغيف ساندوتش، فعاد خالد إلى الصف نشيطاً، وفي نهاية الدوام أوصل ذات المعلم خالداً إلى منزله وتناسى جاكيته الثمين.

(7)
كان أحد المعلمين يسكن قرب مدرسة القرية التي يعمل بها بعيداً عن مدينته، فأعلن للطلبة أنه مستعد لتدريسهم من العصر حتى العشاء دون مقابل في بيته أو في المدرسة، فسعد بذلك أهالي القرية فدعاه بعضهم ليكرموه على الغداء أو العشاء فرفض كل دعواتهم بإباء وعزة نفس.

(8)
كانت مجموعة من الطلبة رقيقي الحال لا يستطيعون استئجار سيارة تقلهم إلى مدرستهم التي تبعد ما لا يقل عن أربعة كيلو متر، وكانوا يقطعون المسافة مشياً على أقدامهم صيفاً وشتاءً، ولما انتقل أحد المعلمين إلى المدرسة لاحظ حالهم وهو يمر بهم يومياً بسيارته، فأخذ يقلهم معه دون أجر، بل يفعل ذلك مرضاة لله رب العالمين، وذات يوم وقع لهم حادث وأصيب بعض الطلبة ونقلوا إلى المستشفى، وتكفل المعلم بعلاجهم على حسابه أمام إدعاء أهاليهم بصفته متسبباً في الحادث، ولم يعترض المعلم واحتسب كل ذلك عند رب العالمين.

(9)
كان أقرب مصدر للماء الصالح للشرب يبعد عن المدرسة ما لا يقل عن كيلو متر، فتكفل معلمان بتعبئة جالونات الماء وحملها كل صباح إلى المدرسة سيراً على الأقدام من أجل توفير ماء نقي لشرب الطلبة، وهم ذات المعلمين يجمعون الأخشاب لتدفئة الطلبة شتاءً.

(10)
لاحظ أحد المعلمين أن كثيراً من طلبة المدرسة فقراء وتبدو عليهم حالة البؤس والحرمان، فنشط وبعض زملائه مع أهل الخير هنا وهناك، فتكفلوا بالطلبة تغذية ولباساً وقرطاسية.

mosa2x@yahoo.com


تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

لا يمكن اضافة تعليق جديد