واقع الأحزاب في الأردن

mainThumb

01-11-2009 12:00 AM

واقع العمل الحزبي في الأردن لا يسر عدو ولا صديق ، و من يقول غير ذلك فانه إما جاهل بما يدور في هذا البلد من أحداث ، وإما مكابر تأبى نفسه ان تعترف بالواقع الحقيقي الذي تعيشه أحزابنا الأردنية ، فقد مضى عقدين كاملين على الحياة الديمقراطية ولم يقدم أي حزب من الأحزاب الأردنية شيئا ملموسا على ارض الواقع يفيد المواطن في حياته المعيشية أو حتى يضيف فكرا جديدا ، هذا الواقع الأليم وصفه احد الأمناء السابقين لحزب أردني اعتزل هذا الأمين العمل السياسي مؤخرا ليأسه من نجاح الأحزاب الموجودة على الساحة ، يقول هذا الأمين وهو أدرى من غيره بحكم توليه أمانة حزبه منذ تأسيسه ( ان الأحزاب الأردنية نسخ كربونية عن بعضها البعض وأدبياتها لا ترقى إلى مستوى الصف السادس الابتدائي ، وان بعضها مجرد دكاكين، حتى ان بعض محلات السوبر ماركت تحظى بالشعبية والاهتمام ما يفوق الأحزاب مجتمعة ، ويضيف ان بعض الأمناء العامين لهذه الأحزاب حولوها إلى أندية أو مزارع خاصة بهم ) انتهى كلام الأمين العام السابق .

ان كان تشخيص هذا الأمين لواقعنا الحزبي سليما فان على الأحزاب السلام ، ويجب إعادة النظر في أبجديات العمل الحزبي لدينا لمعرفة مواطن الخلل ، فعملية العلاج تمر بثلاث مراحل الأولى تشخيص الداء ، والثانية وصف الدواء ، إما الثالثة فهي تجريب الدواء لمعرفة درجة نجاحه ، وقد شخص لنا هذا الأمين العام السابق الداء المتمثل في الضعف الفكري وعدم وجود أيدلوجيات تعتمد عليها أحزابنا في طرح أدبياتها وأفكارها باستثناء حزبي جبهة العمل الإسلامي و الوسط الإسلامي اللذان يعتبران الدين الإسلامي مرجعا لهما ، وبعض الأحزاب اليسارية التي لا تحظى بشعبية كبيرة بين أوساط الناس لان مرجعيتها الفكرية غريبة عن مجتمعاتنا الإسلامية المحافظة ، إما بقية الأحزاب فهي نسخ كربونية بعضها عن بعض ، ان مشوار الإصلاح السياسي في الأردن لازال طويلا ، وإذا بقيت أحزابنا على حالها فان هذا المشوار طويل جدا وشبه مستحيل ، لان فاقد الشيء لا يعطيه وأحزابنا بحاجة إلى الإصلاح الفكري والتنظيمي حتى الإداري ، فقبل صدور قانون الأحزاب الجديد كان تأسيس الحزب في الأردن وترخيصه أسهل من فتح بقالة وترخيصها ، وأصبحت هذه الأحزاب عبارة عن واجهات اجتماعية ، ومع مجيء القانون الجديد الذي اشترط ان يكون عدد أفراد الحزب عند تأسيسه خمسمائة وان يكون التوزيع الجغرافي لهم على خمس محافظات أو أكثر ، وقدم الدعم المادي لها والذي يصل إلى خمسين ألف دينار سنويا ، فان عدد الأحزاب قد تقلص إلى اقل من النصف لان منها من اندمج مع غيره ، ومنها من أصبح ذكرى من الماضي ، وعلى الرغم من كل ذلك فان المواطن العادي لم يلمس شيئا مذكورا قدمته له هذه الأحزاب ، وهذا يدل على ان الخلل من الأحزاب أنفسها وليس من غيرها ، فمعظمها متقوقعة على نفسها تخاف من التطور وترفض التعاون مع غيرها ، وتعتبر أي نصح يقدم لها تدخلا في شؤونها الداخلية و مساس في بكرامتها وكأنها دول مستقلة ذات سيادة ، ناسية أنها جزء من مكونات المجتمع الأردني وإنها مكملة لعمل المؤسسات المدنية الأخرى ، ولم يقدم على تجربة الاستفادة من الغير سوى حزبين أردنيين الأول حزب الوسط الإسلامي عندما انشأ مجلس الخبراء الذي يضم في عضويته أهل الخبرة والاختصاص من غير المنتمين للحزب وهو مجلس استشاري توصياته غير ملزمة للحزب ، لكنها تؤخذ بعين الاعتبار ويتم الاستفادة منها ، والحزب الثاني هو حزب الجبهة الأردنية الموحدة الذي شكل لجنة استشارية عليا للحزب مكونة من شخصيات لها وزنها وتأثيرها في العمل السياسي والحزبي ، إما بقية أحزابنا فإنها تعتبر نفسها افهم من الجميع وان أمنائها العامين لا يصلحون لقيادة الأحزاب فقط بل يصلحون لقيادة الحكومة بأكملها ، فهم وحدهم الذين يفهمون وغيرهم من الفهم براء ، لا والله ما هكذا تورد الإبل يا أحزابنا ولا هكذا يكون العمل الحزبي المقصود منه مصلحة الوطن والمواطن ، لن أطيل في مقالتي هذه ولكن سأتطرق بشكل سريع إلى سلبيتين من السلبيات الكثيرة للأحزاب الأردنية ، الأولى عدم إشراك المرأة في العمل الحزبي والاكتفاء بوجود بعض النساء واللاتي يعتبر وجودهن رمزيا فقط أي بالعامية ديكور ، ليس لهن أي دور فعال لا في نشاطات الأحزاب أو في قيادتها باستثناء حزب أردني واحد كانت المرأة أمينا عاما له ، والسلبية الثانية هي تهميش دور الشباب والاقتصار على الرعيل الأول من المؤسسين للحزب في القيادة ، مع ان للشباب طاقات كامنة ان أعطيت الفرصة للانطلاق أحدثت نقلة نوعية في العمل الحزبي الأردني .

هذا وصف سريع لواقع أحزابنا الأردنية يجب ان نتقبله شئنا أم أبينا ، ولا نكابر أو نغمض أعيننا عن هذه الحقيقة المرة ، وسيكون لنا وقفة مع معيقا العمل الحزبي التي تجعل من المواطن الأردني ينأى بنفسه عن الانخراط في الأحزاب أو حتى المشاركة في نشاطاها في مقال قادم بإذن الله تعالى

Yaser_19752001@yahoo.com



تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

لا يمكن اضافة تعليق جديد