بين يدي سماحة المفتي وسماحة قاضي القضاة

mainThumb

08-11-2009 12:00 AM

طلال محمد الخطاطبه

استوقفني الأسبوع الماضي خبرا على الأنترنت حول العوانس حيث جاء بالخبر ان هناك ما يزيد على 300 الف عانس بالأردن. وكان الموضوع كشأن موضوعات الأنترنت مفتوحا للتعليقات حيث تراوحت التعليقات بين الجدية والهزلية. ولقد تشرفت بالأدلاء بدلوي بهذا الموضوع. فالموضوع خطير واذا أضفنا الى هذا الرقم نسبة الأرامل والمطلقات لوجدنا ان الوضع أصبح مقلقا جدا.

كلنا نعلم ما تقوم به وزارة التنمية الإجتماعية من دور في مساعدة هذه الفئة, ولكن ما هو دور القضاء الشرعي ودائرة الإفتاء في هذا الموضوع. اذا، ان أحد الأسباب التي أدت الى استفحال هذه الظاهرة عند علماء الإجتماع والدارسين لوضع هذه الفئة بالذات هو عدم استقلالها المالي والإجتماعي. فلو انه توفر لأخوانتا موضوع البحث الغطاء المالي اللازم لما أصبحن عالة على المجتمع وكذلك الوضع بالنسبة للأستقلال الأجتماعي لمن تعمل ولا يشكل الموضوع المالي عندها الهاجس الأكبر. فما الحل اذا؟

لقد قرأت مقالاً لأحد أصحاب الأعمدة في الصحف اليومية على موقعه الخاص مقالة بعنوان "اسعد بالبكم " يرسم صورة حزينة ومؤلمة لاشخاص أحضروا اختهم الكبيرة للتنازل على حصتها بالميراث. نعم يا سيدي ربما يقول قائل طيب شو فيها؟ والصحيح اننا جميعا نعلم انه فيها ما فيها. لا نريد أن نكون كمن يدفن راسه بالرمال ويقول يا أخي بجوز اخوتها أكرموها. لنقف أمام أنفسنا بتجرد ونراجع ما حصل معنا أو مع قصص أخرى مشابه سمعنا عنها أو شاهدناها عندما تضطر الأخت أو حتى الأم والأخت غير المتزوجة أن تتنازل عن حصتها بالميراث لأخوتها مقابل غداء أو عشاء. واذا تجرأت وطالبت بالقليل ماديا كأن تأخذ مبلغا بسيطا مقابل الآف مؤلفة في بعض الأحيان فأنها ستكون عرضة للنقد والتجريح وربما الخصومة مدى العمر, وهكذا تحرم حتى من مجرد العيدية. أعرف حالة تنازلت فيها الأم والأخت عن ما يزيد عن الخمسين الف دينار وتقبع الآن الأم والأخت بإحدى البيوت التابعة لمشروع الأسر العفيفة التي جادت به مكارم ابي الحسين لشعبه.

سماحة المفتي وسماحة قاضي القضاة

أعلم انه بحضرتكم يجب الأيجاز ولهذا سأقترح ما يلي للحفاظ على كرامة أخواتنا :

أولا: استصدار قانون يمنع التنازل عن الميراث من قبل الأم أو الأخت. فيجب أن تمكن المرأة من حقها الشرعي بقوشان مستقل, ثم تفعل به بعد ذلك ما تشاء, وأنا واثق ان الحال سيختلف عندما تعرف المرأة ما لها من حقوق. إن الغالبية العظمى من النساء تأتي الى المحكمة للتنازل محرجة لا بل ربما تكون مرغمة على ذلك تحت الإكراه باي شكل من الأشكال. إن الميراث كما تعلمون هو حق للبنات والزوجة مثلما هو حق للأبناء فلم تشاء أرادة الله سبحانه وتعالى أن تجعل أمور الأخوات والأم المالية بيد الإخوة . ولو كان الأمر كذلك لوكل الله بها الابناء فقط. ويجب ان لا تكون العلاقة الأخوية سيفا مسلطا على رقاب البنات فيكون الشعار(اما ان تتنازلي او انسي اذا الك أخو).

لا ندعو الى القطيعة طبعا ولكن ما هذه الأخوة التي هي من هذا النمط الا وهو هات فقط دون خذ؟ وكثير منا يعلم حق العلم ان الكثير من الأخوات أصبح حالهن بعد التنازل كحال شاهد الزور كما يقولون لا يسر صديقا ولا عدوا.

ثانيا: اذا كان هناك من يعارض ما ورد بالإقتراح الأول فهذا شأنه ولكني لا أعتقد أن هناك من يختلف معي في أن عدم التنازل عن البيت الذي يؤويهن هو أمر في غاية الأهمية. فإذا افترضنا حسن النية فيما يخص البند الأول وأن الأخوان سيبقوا مدافعين منافحين منفقين على أخواتهم ووالدتهم فأن موضوع السكن هذا لا يقبل الجدال. اي ستسكن البنت العانس أو او الوالدة بعد بيع البيت أو التنازل عنه؟سيقول قائل عند ابنائهن أو اخوانهن. تخيلوا سيناريو الأحداث كيف ستسير الأمور؟ ببساطه انظر حولك لترى العجب العجاب.

بسبب هذا السيناريو تقبل الأخت باي زوج مقابل ان لا تبقى تعيش في بيت ليس بيتها او تمد يدها لتأخذ قروشا كصدقة من هذا الأخ أو ذاك القريب ويحسن اليها وهي صاحبة حق شأنها شأن اخيها المتصدق الله يجزيه الخير. وكثير من هذا الزيجات تنتهي بالطلاق أو بالمحاكم.

باختصار شديد لو قدر لهؤلاء الأخوات الدخل المادي والسكن المريح الذي تربين به وهو بيت ألأسرة لما اضطررن الى مثل هذا الوضع الذي لا يعلم مرارته الا من تذوق طعمه. كلنا نقدر الظروف القاسية التي ربما تعاني منها بعض الأخوات وهذه يمكن تحملها ولكن اذا كانت هذه الظروف هي من ذوي القربى, فهذه ينطبق عليها قول الشاعر:

وظلم ذوي القربى أشد مضاضة *** على النفس من وقع الحسام المهنّد

ثالثا: كثيرة هي العلاقات التي تنتهي بين أخوال الأولاد أو البنات عندما تتوفى أمهم في حياة والدها وهنا كما تعلمون لا يرث الأبناء أو البنات جدهم في حالة وفاته. كما يعلم سماحتكم أن بعض الدول تعمل- بضم التاء- مبدا الوصية الواجبة وهي ( لمن لا يعلم طبعا) أن يخرج القاضي من ميراث الجد لأحفاده الذين توفي والدهم أو والدتهم بمقدار نصيب ابيهم أو أمهم. وهذا يشعرهم بالرضا طبعا فما بالك اذا كان الأحفاد بنات يتيمات لأم توفاها الله ووالدها حي يرزق. هذه الوصية تشعر الأحفاد بأنهم ما زالوا ابناء لهذه العائلة وتوطد أواصر المحبة بينهم فى يشعرون باي ضيم أو حسد.

سادتي اصحاب السماحة:

هذه خواطر من وحي المقالات التي حدثتكم عنها ومما قرأت وسمعت وشاهدت كغيري ممن وقرأ وسمع وشاهد من أحداث انتم أدرى بخفاياها. إن الأرامل والمطلقات والأمهات والعوانس يلوذون بقضائنا الشرعي وبسماحة المفتي لإنصافهم اذا كان لذلك سبيل , فأنصفوهن يرحكم الله , واستوصوا بهن خيرا.

alkhatatbeh@hotmail.com



تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

لا يمكن اضافة تعليق جديد