التعليم العالي ودوره في التنمية: نحو مراجعة شاملة

mainThumb

03-01-2010 12:00 AM

أ.د. مصطفى العدوان

تأتي هذه الدراسة المتواضعة استكمالاً لدراسة سابقة نشرت في جريدة الرأي الغراء بتاريخ 1/12/2009 تحت عنوان: "نحو رؤية جادة لتفعيل دور كليات المجتمع في مسيرة التنمية الشاملة" كنا قد خلصنا فيها على نتيجة أساس هي أن التعليم هو بترول الدولة الأردنية، وبناء على تلك الحقيقة فقد أولت القيادة الهاشمية الرشيدة التعليم جل عنايتها، إذ حرص كل من جلالة الملك الحسين بن طلال طيب الله ثراه وجلالة الملك عبد الله الثاني بن الحسين حفظه الله في كافة كتب التكليف السامية إلى الحكومات المتعاقبة، على التأكيد على ضرورة انتهاج سياسات هادفة في مجال التعليم تتوافق والمصلحة الوطنية وحاجات سوق العمل من أجل مواجهة مشكلة البطالة المتفاقمة وخلق فرص توظيف دافعة للاقتصاد الوطني كان آخرها كتاب التكليف السامي لحكومة السيد سمير الرفاعي.

لقد أكدت تلك الرؤية أن هناك ضرورة ملحة للتوسع في مجالات التعليم المهني لما له من أهمية في تزويد سوق العمل الأردني بالكفايات اللازمة لدعم النمو الاقتصادي وبما يتلاءم مع متطلبات سوق العمل. وهو ما تطرق إليه كتاب التكليف السامي لحكومة السيد سمير الرفاعي بسبب أهميته في تزويد سوق العمل بالكفايات اللازمة لدعم النمو الاقتصادي، وبما يتلاءم مع متطلبات سوق العمل، ولا سيما في ضوء ازدياد الفجوة بين مخرجات التعليم وحاجات سوق العمل وخصوصاً بالنسبة لخريجي الجامعات، حيث تؤكد تقارير ديوان الخدمة المدنية أن فرص التوظيف للمتقدمين منهم لا تتجاوز 5% سنوياً، الأمر الذي يعني أن الجامعات أصبحت مراكز لتفريخ البطالة حيث لا تزال معظم جامعاتنا تطرح المزيد من التخصصات الراكدة التي يكاد يندر الطلب على خريجيها بسبب انخفاض كلفتها فيما تبتعد عن طرح التخصصات المهنية والفنية والتطبيقية التي تؤكدها دراسة احتياجات سوق العمل بسبب كلفتها العالية.

ومن حسن الطالع أن وزارة التعليم العالي والبحث العلمي وفي إطار الجهود التي تمارسها لضبط ورفع سوية التعليم العالي في بلادنا في ضوء التراجع الذي يجمع عليه الأكاديميون وخبراء التربية كافة، تدرك أبعاد هذه المشكلة ولا سيما في ضوء التوسع الهائل في التعليم الجامعي وفتح المجال لخريجي الثانوية العامة كافة للالتحاق بالجامعات بغض النظر عن معدلاتهم.

وفي إطار حرص الوزارة الجاد على مساعدة المؤسسات التعليمية الوطنية القادرة على تلبية حاجات سوق العمل المتجددة من أجل الاستمرار في أداء دورها ورسالتها الهادفة لرفد سوق العمل بما يحتاجه من أيد ماهرة من مهنيين وفنيين فقد أكد معالي الوزير في لقائه الأخير مع عمداء كليات المجتمع الخاصة أن هناك توجها لدى الوزارة ضمن منظومة الإصلاح التربوي الشامل لاعتماد بعض الحلول الجريئة لمعالجة الكثير من الأخطاء التي اعترت مسيرة التعليم العالي في الأردن، والتي ما من شك في أنها سوف تشكل إزعاجاً للبعض من المناوئين للإصلاح الذي يؤثر على مصالحهم الخاصة. والمقصود هنا فئة المتاجرين بالتعليم الذين لا هم لهم سوى كسب المزيد من الثروات حتى لو كان ذلك على حساب مصلحة المجتمع والدولة.

وتقوم رؤية وفلسفة وزارة التعليم العالي في هذا المجال على ضرورة إعادة النظر بمعدلات القبول ووقف الاستثناءات وضبط أعداد الطلبة الملتحقين بالجامعات الرسمية أسوة بالجامعات الخاصة والسعي نحو الوصول إلى معايير الاعتماد العالمية من أجل الحفاظ على مستوى وسمعة التعليم العالي في بلادنا. وهذا يتطلب إعادة النظر في أسس القبول الجامعي بحيث يتم تعديلها لصالح التوسع في القبول في التخصصات المهنية والتقنية خاصة التي تطرحها كليات المجتمع المتوسطة، والتي يتطلبها سوق العمل بشكل متزايد لسد النقص في أعداد الفنيين والمهنيين. فمعالجة الخلل في هرم التعليم العالي الذي يضم حالياً أكثر من 90 % من الملتحقين في التعليم العالي في الجامعات، وأقل من 10 % في التعليم التقني والمهني. وهي خطوة جريئة تسجل للوزارة، ولا سيما أن مثل هذه الممارسات كانت تخدم فئات معينة تستفيد منها على حساب الوطن.



نحو مراجعة ثقافية مجتمعية شاملة

الأفكار السابقة تضع الكرة في مرمى الدولة ممثلة بوزارة التعليم العالي، كما تضعها على عاتق القائمين على التعليم العالي في الجامعات والكليات ومراكز التدريب وغيرها. ولكن السؤال الذي قد يتبادر إلى الأذهان هو ماذا عن رأي ودور المجتمع في هذا المجال، والذي هو شريك أساسي في تحمل المسؤولية واتخاذ القرار؟

وقبيل الإجابة عن هذا السؤال لا بد من الإشارة إلى جملة من الحقائق الهامة لعل أبرزها:

أولاً: أن التاريخ الاقتصادي للدولة الأردنية يؤكد على أن الأردن دولة محدودة الإمكانات والموارد، والاقتصاد الأردني اقتصاد صغير الحجم ذو قاعدة إنتاجية محدودة، كما أن القطاع الخاص يقوم فيه بدور فعال في مختلف أوجه النشاط الاقتصادي من تجارة أو إنتاج أو تسويق أو خدمات.

ثانياً: أن دور القطاع العام ينحصر في تقديم الخدمات الأساسية والبنية التحتية. ومن هنا ندرك ضرورة إعادة النظر بدور وأهمية القطاع الخاص في عملية التنمية الاقتصادية والاجتماعية وذلك في إطار الجهود المبذولة لمحاربة الفقر والبطالة وتحقيق الاكتفاء الذاتي وزيادة الاعتماد على السواعد الأردنية والإيرادات المحلية مقابل تقليل الاعتماد على المساعدات الأجنبية ومصادر التمويل الخارجية. ولما كان التعليم ركيزة أساسية من ركائز التنمية والتحديث فإن الهدف الاستراتيجي السابق الذكر لا يمكن تحقيقه في ظل استمرار السياسات التعليمية السابقة والتي أدت إلى ضعف وتدني الإقبال على التعليم التقني والمهني والفني التي تطرحها كليات المجتمع بكفاءة بينما يزداد الإقبال على الدراسات الجامعية النظرية بغض النظر عن فرص العمل لخريجيها.

ثالثاً: تلعب الثقافة دوراً يفوق دور السياسة أحياناً في التأثير على السلوك الإنساني والبيئة الاقتصادية، وهنا لا بد من التأكيد على دور المجتمع الذي لا يقل أهمية عن دور الدولة في تنفيذ السياسات العامة. فثقافة ونظرة المجتمع الأردني إلى كليات المجتمع ومخرجاتها، إلى جانب العمل اليدوي والمهني بشكل عام هي ثقافة دونية. ولعل الاعتماد على الدولة سابقاً كمصدر أساسي للدخل وللتوظيف أدى إلى سيادة نمط من الثقافة في المجتمع ينظر إلى الوظيفة والعمل المكتبي باحترام يصل حد التقديس حتى لو كانت الوظيفة أحياناً صعبة المنال أو احتاجت إلى سنوات من البطالة والانتظار من أجل الظفر بها، أو حتى لو كان المردود المادي لها أقل بكثير من المردود المادي المتحصل من الأعمال المهنية واليدوية.

إن هذه المسألة التي تخص عادات وقيم وثقافة المجتمع الأردني بحاجة إلى إعادة نظر أو ما يمكن أن نسميه مراجعة ثقافية مجتمعية أو برنامج تصحيح ثقافي، فالثقافة هي الوسيلة الأكثر تعبيراً والأسرع تأثيراً على الإنسان من الوسائل الأخرى السياسية والاقتصادية والإعلامية، فهي تستهدف الروح والعقل والعادات والأعراف والقيم وأنماط السلوك السائدة في المجتمع. ومن هنا فإن الدعوة إلى ثورة ثقافية بيضاء هي دعوة مبررة وذلك لإعادة الاعتبار للعمل اليدوي والمهني والإعلاء من شأن المواطن الذي يعمل بيديه، ذلك أن العمل اليدوي لا يقل أهمية عن أي عمل آخر من أجل استمرار عجلة التنمية والإنتاج والإنجاز.

ولا شك أن تغيير الثقافة المجتمعية تجاه التعليم العالي ضرورة ملحة، مما يتطلب معه البدء بحملة توعوية مستمرة بقيادة وزارة التعليم العالي لتوجيه الطلبة وأولياء أمورهم نحو التعليم المهني والتطبيقي وبيان ايجابياته وفرص العمل المتاحة لخريجيه وتمكنهم من مواصلة تعليمهم الجامعي لاحقا. فتغيير ثقافة المجتمع ركن أساس يحتاج المزيد من الجد والمثابرة ولا يمكن أن يتحقق بنشرة يتيمة يصدرها ديوان الخدمة المدنية عشية توزيع طلبات القبول الجامعي.

الواقع والمأمول: إننا أمام متطلب وطني يتعلق ببناء الإنسان بناء جديداً بعيدا عن منطق الربح والخسارة يكون هدفه إعداد الأجيال لمستقبل أفضل، ووضعها على الطريق الصحيح وخلق قوة دافعة للاقتصاد الوطني، وتصويب هرم التعليم العالي ليماثل ما هو كائن في الدول المتقدمة صناعياً وتكنولوجياً. وتحقيق ذلك قد لا يكون سهلاً ويتنافى مع حسابات الربح والخسارة التي تحكم معايير القبول سواء في الجامعات الرسمية أو الخاصة لكنه متطلب أساس لوضع التعليم العالي في مساره الذي يتطابق مع ما تتطلبه كتب التكليف السامي.

لقد عانى التعليم العالي في العامين السابقين من قرارات تعليمية متباينة أثرت سلبا على جودة التعليم من ناحية وعلى ازدياد أعداد العاطلين عن العمل وعدم تمكينهم من المشاركة الايجابية في التنمية الشاملة. ولعل أهم هذه السياسات التوسع الهائل في القبول الجامعي لأسباب اجتماعية واقتصادية عديدة، الأمر الذي ترافق معه التوسع في نماذج لم تكن معروفة في الجامعات الأردنية من قبل ابتداءً من الدراسات الموازية وانتهاءً بتخفيض معدلات القبول الجامعي حتى الحد الأدنى، كل ذلك بهدف توفير المتطلبات المالية المتزايدة للجامعات الرسمية من جهة ومواجهة الضغوط الاجتماعية من جهة أخرى.

وكان من أثر تلك السياسات قلب الهرم التعليمي بزيادة أعداد الملتحقين بالجامعات حتى تجاوز 280 ألف طالب مقابل انخفاض أعدادهم في كليات المجتمع -الرافد الأساس لتلبية حاجات سوق العمل من المهن المختلفة - للحد الأدنى منذ عشر سنوات وعلى عكس المعمول به في الدول المتقدمة كافة حتى أصبح اقل من 10% من عدد الجامعيين، وحتى وصلت أعداد المقبولين في العديد من الكليات لأقل من 100 طالب، بل إن كلية مثل كلية عمون الفندقية، وعلى الرغم من تزايد الطلب على خريجي تخصص الفندقة بما يتجاوز 1000 وظيفة سنويا، لم يتجاوز أعداد الطلبة الملتحقين بها 30 طالبا، والأمر ليس أفضل منه في أغلب الكليات.

إن الأمر يتطلب والحالة هذه البحث في السيرة المرضية ووصف العلاج المناسب، وهناك بعض المقترحات التي نعتقد أنها كافية للحيلولة دون توسع تلك الآثار السلبية، آملين الأخذ بها ضمانا لاستمرار قطاع التعليم العالي، وكليات المجتمع خاصة، في أداء دوره التنموي الذي تميز منذ خمسينيات القرن الماضي برفد السوق المحلي والعربي بالكفاءات المهنية العالية بما يلي:

أولا: إعادة النظر بسياسات التعليم الجامعي لتشمل رفع معدلات القبول في التخصصات الجامعية نظراً للأثر السلبي الذي أحدثته السياسة المتبعة، ليس فقط في قلب الهرم التعليمي رأسا على عقب ودفع المزيد من الطلبة للالتحاق بالجامعات وفي تخصصات تنعدم فيها فرص التشغيل بل في تدني سوية التعليم وفي خلق المزيد من التبعات الاجتماعية.

ثانيا: الإسراع في تنشيط المسار المهني والتقني لما قبل الشهادة الثانوية العامة ليتمكن من استيعاب ما نسبته 15-20% في مرحلة الثانوية العامة، الأمر الذي يرفد المؤسسات التعليمية المؤهلة، وينعكس إيجابا على تلبية حاجات سوق العمل من المهنيين والحرفيين والتقنيين من جهة أخرى.. وفي نفس الوقت أؤكد على ضرورة فتح باب التعليم العالي للمتميزين من خريجي كليات المجتمع وذلك من أجل زيادة الدافعية للطلبة للالتحاق بالتعليم المهني والتقني والتطبيقي وأن لا تكون هذه المرحلة من مراحل التعليم مغلقة على ما بعدها من مراحل فهي قضية في بالغ الأهمية في هذا المجال.

ثالثا: تأكيد الضرورة الملحة للحفاظ على جودة التعليم العالي واعتبار الالتزام بمعايير الاعتماد المحور الأساس لضبط الجودة والتميز، الأمر الذي يتطلب معه ضبط أعداد المقبولين في الجامعات الرسمية بما لا يتجاوز معايير الاعتماد وضبط الجودة المقررة حيث أن ما يقارب من 20 ألف طالب قد تم قبولهم العام الحالي زيادة على الطاقة الاستيعابية المحددة لتلك الجامعات بحجة أن لديها فترة سماح تمتد حتى عام 2012، مما سيرحل المشكلة التي تعاني منها حاليا لما بعد تلك السنة بحيث نحتاج إلى سنوات عديدة أخرى لمعالجتها بدلا من البدء بمعالجتها حاليا وصولا للجو الدراسي المثالي مع انتهاء فترة السماح تلك.

رابعا: العودة بسياسة التوظيف لما يجعل الإقبال على التعليم المهني والتطبيقي أمرا مرغوبا فيه. فقد تم وقف توظيف خريجي الدبلوم في وزارة التربية والتعليم وغيرها من المؤسسات الرسمية الأخرى، أما توظيفهم حالياً فيتم كاستثناء لا يلقون فيه التقدير المناسب في سلم الوظائف، فما زال خريجو الدبلوم المهني يعينون استثناءا وبرواتب متدنية ودون علاوات مما يتطلب معه الأمر تعديل مثل هذا التشريع. والحاجة تدعو وزارة التربية والتعليم للاستعانة بخريجي الدبلوم للتدريس في القرى والأرياف التي تفتقر لبعض المدرسين في مدارسها الأساسية حتى اليوم.

وكأحد المعنيين بالتعليم العالي وبحكم الموقع والخبرة ومن خلال دراسة دور وأهمية كليات المجتمع على المستوى العالمي أرى ضرورة الاستفادة من تجارب الدول المتقدمة فيما يتعلق بأهمية ودور كليات المجتمع في المشاركة في عملية التنمية الشاملة بأبعادها المختلفة حيث يزداد الطلب على خريجي كليات المجتمع وتلقى كافة أشكال الدعم والتشجيع من الحكومة والمجتمع في الدول المتقدمة على حد سواء.

وفي الختام، فإننا إذ نشيد بخطوات وأفكار ورؤى وزارة التعليم العالي والبحث العلمي ونتطلع إلى البدء بتفعيلها على صعيد إعادة النظر بسياسات القبول الجامعي، والمُتأمّل إن فُعّلت هذه الخطوات أن تدفع باتجاه رفع سوية التعليم في بلادنا أولاً، وتحقيق مبادئ المساواة والنزاهة والشفافية ثانياً. كما أننا نرى أن الوزارة وحدها تحتاج إلى تفهم المجتمع ودعمه وتشجيعه، فهو شريك أساسي في ترجمة الأفكار والتطلعات إلى ممارسات عملية على أرض الواقع. ونأمل أن يكون العقد القادم هو عقد التعليم المهني والتقني والعمل اليدوي، وعقد كليات المجتمع التي تدفع بمخرجات أكثر ملاءمة لاحتياجات سوق العمل، وتسعى لتأهيل القوى البشرية لاستيعاب المستجدات في ثورة المعرفة والمعلومات، ومواجهة التحديات الاقتصادية وأبرزها مشكلة الفقر والبطالة وآثارها المدمرة على صعيد الدولة والمجتمع، وذلك من أجل تقليص الهوة بين الأغنياء والفقراء وزيادة حجم الطبقة الوسطى صمام الأمان والاستقرار في أي بلد.

فهذه دعوة صادقة للعمل والإنجاز والتعاون والتخطيط بين المجتمع بكافة فئاته والدولة بكافة مؤسساتها من وزارات وجامعات وكليات ومراكز بحثية وتدريبية من أجل خير الجميع. وهي أفكار نطرحها للحوار آملين أن تبقى حية في الذهن والذاكرة، وأن تدفع لمزيد من البذل والعطاء والإنجاز من أجل فتح أبواب الحياة باتجاه المستقبل متطلعين إلى حياة أمثل وأفضل في وطن يقود مسيرته ويعزز نهضته ويفجر الإبداع والطاقات الكامنة لدى أبنائه جلالة الملك عبد الله الثاني بن الحسين حفظه الله وأعز ملكه. فالحوارات الهادئة والكتابات الموضوعية البعيدة عن الانفعال والشخصنة هي السبيل الأوحد نحو مواجهة التحديات والمشكلات التي تواجهنا في الحاضر والمستقبل ووضع حلول جذرية لها.
 
عميد كلية القدس/ رئيس لجنة كليات المجتمع الخاصة


تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

لا يمكن اضافة تعليق جديد